“لا يترك المهندس بناءه غير كامل، ولا الرّسّام رسمه. هكذا المسيحيّ الذي ابتدأ بالعمل لخلاصه، ونال حالة النّعمة، يجب أن يكمّل بناءه، ويصير قدّيسًا شبيهًا بمن خلقه، على صورته، ومثاله.”
أبونا يعقوب
إنّه الجهاد الدّائم… إنّه السّعي المسيحيّ، إلى بلوغ القداسة…
يعتبر أبونا يعقوب أنّ القداسة قائمة بعيش واجباتنا، واحتمال ما يرسله الله إلينا.
يعتبر أن البشر يريدون السّماء، ولا يريدون التّعب، للحصول عليها…
القدّيسون اشتغلوا، ونالوا…
نحن لدينا الأسلحة نفسها… لماذا لا نشتغل؟؟؟
لو كانت القداسة بالعجائب، لكان ذلك صعبًا. لو كانت في توزيع الصّدقات، لكان الفقير عاجزًا عن العطاء. لو كانت في العلوم، والمعارف، لكان الأمّيّ ضائعًا، وشاردًا.
لو كانت في الإماتات، والصّوم، والتّقشّفات، لكان المريض، الضّعيف البنية، يقصّر، ويحيا صخب العجز، والعذاب.
أن نكون قدّيسين… فرصة يمنحنا إيّاها الرّبّ… هدايا السّماء تفرش رذاذها في قلوبنا خيرًا، وسخاءً… نضيع دومًا عن الأسمى، لحظات يوميّاتنا تجعلنا تائهين، تغرقنا في متاهاتٍ تبعدنا عن حقيقة ما منحتنا إيّاه العناية الإلهيّة. نظنّ أنّ القداسة ملك غيرنا… ونخطئ الظّنّ… الرّبّ عادل، يوزّع الحصص على أبنائه، بالتّساوي…
الرّبّ محبّ، فقد أمّن لنا المؤونة التّامّة، لنبلغ فرح الملكوت… أرسل روحه القدّوس، وحوّل داخلنا إلى هيكل حبّ، وقداسة… زوّدنا بالعدّة اللّازمة للاجتهاد، وبالزّاد الكافي لبلوغ الغاية الّتي من أجلها خلقنا، دعانا أن نكنز لنا كنوزًا في السّماء،” لا تكنزوا لأنفسكم كنوزًا في الأرض، بل اكنزوا لأنفسكم، كنوزًا في السّماء، حيث لا يفسد السّوس والعثّ، ولا ينقب السّارقون فيسرقوا. فحيث يكون كنزك يكون قلبك” (متّى6/ 19-21)
أنّ القداسة هديّة بين يدينا… نظنّ أنّ بلوغها مستحيل… ولكنّ الرّبّ يدعونا دومًا أن نلبّي نداءه، وأن نفرح بلقائه… هو واقف على الباب يقرع، وينتظر… علينا أن نجتهد، ونتيقّظ، ونصغي، ونسمح لشعلة روحه القدّوس، أن تضرم نيران طهرها في داخلنا…