عيد رؤساء الملائكة ميخائيل وجبرائيل و رافائيل
والملائكة وطغمات الملائكة الساروفيم والكاروبيم وكُلّ الجُند السماويّ .
” ولتَسجُد له جَميعُ ملائكةِ الله ” . وفِي الملائكة يقول : ” جَعَلَ من ملائكتهِ أرواحاً ومن خدمه لهيبَ نار” … أَمَّا هُم كُلُّهم أرواحٌ مُكَلَّفون بالخِدمة ، يُرسَلونَ من أجلِ الَّذِينَ سيرِثونَ الخلاص “
( الرسالة إلى العبرانيين ١ : ٦ و ٧ و١٤ ) .
” إياكُم أَن تَحتَقروا أحداً من هؤلاء الصِّغار ، أقولُ لكم إنَّ ملائكَتهم في السَّمَوات يُشاهِدونَ أبَداً وَجهَ أَبِي الذي في السَّمَوات ” ( متى ١٨ : ١٠ ) .
من هم رؤساء الملائكة وماذا يخبرنا عنهم الكتاب المقدس ؟
ميخائيل : رئيس رؤساء الملائكة .
جبرائيل : الملاك المبشر بأعمال الله العجيبة .
رافائيل : الخاص بأعمال الرحمة التي يعملها الله مع البشر .
الملاك ميخائيل :
******
ما معنى اسم ميخائيل : ” من مثل الله ؟ ” أو “ من يعادل الله ؟ ” والكنيسة المقدسة ، منذ أقدم الأزمنة، تصوره ملاكاً يحمل في يمينه رمحاً يهاجم به لوسيفوروس الشيطان، وفي يساره غصناً من النخيل ، وفوق الرمح ضفيرة وصليب أحمر . وهو من يرسله الله لبني البشر ليعلن لهم مراسم عدله .
ظهر لإبراهيم الخليل قديماً (راجع سفر التكوين ١٢)، وكذا لأَمَتِه هَاجَر في الصحراء ليعلن ولادة إسماعيل (راجع سفر التكوين ١٦). أرسله لدى لوط ليخرجه من سدوم (راجع سفرتكوين ١٩). وعندما أمر الله إبراهيم أن يقدّم له إبنه إسحاق ذبيحة ، ليجرّبه ، كان ميخائيل من تدخّل في اللحظة الأخيرة الحاسمة ليمنعه من أن يمسّ ولده بسوء (راجع سفر التكوين ٢٢). وقد ظهر ميخائيل أيضاً ليعقوب لينقذه من أخيه عيسو (راجع سفر التكوين ٢٧ ). وهو الذي سار أمام شعب إسرائيل في خروجه من مصر ” في عمود من غمام نهاراً ليهديهم الطريق، وفي عمود من نار ليلاً ليضئ لهم، وذلك ليسيروا نهاراً وليلاً ” (راجع سفر الخروج ١٣).
وهو من اعترض طريق بلعام الذي شاء أن يلعن إسرائيل بناء لطلب ملوك موآب . ” وقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه وهو راكب على أتانه ومعه خادماه ” (راجع سفر العدد٢٢).
وهو الذي ترأى ليشوع بن نون عند أسوار أريحاً. رفع يشوع عينيه فإذا رجل واقف أمامه وسيفه في يده مسلولاً. فأقبل عليه يشوع وقال له : ” أَمِنَّا أنت أم من أعدائنا ؟ ” فقال : ” كلا، بل أنا رئيس جند الرب … ” فسقط يشوع على وجهه إلى الأرض وسجد وقال : ” ماذا يقول سيّدي لعبده ؟ ” فقال رئيس جند الرب ليشوع : ” إخلع نعليك من رجليك، فان المكان الذي أنت قائم فيه مقدّس ” . فصنع يشوع كذلك . (راجع سفر يشوع ٥).
وإلى جانب ذلك ثمة مواضع أخرى ظهر فيها ميخائيل لجدعون (راجع سفر القضاة ٦) ولإيليا النبي مرات عديدة ووقف في وسط الأتون مع الفتية الثلاثة القديسين في بابل ورنّم وإياهم لله تماجيد (دانيال٣) كما سدّ أفواه الأسد في الجب حيث أُلقي دانيال (راجع سفر دانيال ٦).
والحق أن أعمال ميخائيل في العهدين العتيق والجديد لا تحصى. وهو في العهد الجديد من نجّى الرسل من السجن (أعمال الرُسُل ٥ : ١٩) وظهر لكورنيليوس، قائد المئة، وقال له أن يرسل في طلب بطرس ليعمده (راجع أعمال الرُسُل ١٠). وهو من حرّر بطرس الرسول من السجن وضرب هيرودوس الملك بالدود لأنه لم يعط المجد لله، وظهر لبولس الرسول معزياً. وهو من فسّر ليوحنا الإنجيلي أسرار الله بشأن نهاية الأزمنة في كتاب الرؤيا. وهو أيضاً من يقود الملائكة في الحرب الأخيرة على ضد المسيح والتنين وملائكته ليلقيه في الجحيم إلى الأبد (راجع رؤيا القديس يوحنا ١٢). ثم في يوم الدينونة ينتصب والميزان في يده ليزن أعمال العالمين .
الملاك جبرائيل :
وأما جبرائيل فمعنى اسمه : ” رجل الله ” أو ” جبروت الله “. وإذا ما كان ميخائيل عنوان عدالة الله فجبرائيل عنوان رأفته. وهذان يتكاملان كمثل قول المرنم في المزامير : ” الرحمة والحق تلاقيا، العدل والسلام تلاثما ” (مزمور ٨٤ : ١١) .
فالله يرسل رئيس ملائكته جبرائيل ليذيع على الناس عجائب محبته وحرصه على خلاصهم .
وفي التراث أنه ظهر لدانيال وأنبأه بمجيئه بعد سنوات كذا عددها (راجع سفر دانيال ٩). كما ظهر لَمِنُوح وامرأته والدي شمشون في سفر القضاة. فقال مَنُوح لملاك الرب : ” دعنا نستبقيك ونعدّ لك جدياً من المعز” ، فقال ملاك الرب لمنوح : “إن أنت استبقيتني، لم آكلْ من خبزك. أما إن صنعتَ محرقةً فللرب أَصْعِدْها” . فقال منوح لملاك الرب : ” ما اسمك، حتى إذا ما تمّ قولك نكرمك ؟” فقال له ملاك الرب : ” لِمَ سؤالك عن اسمي، واسمي عجيب ؟ ” (راجع سفر قضاة ١٣).
هذا ويصوره التراث حاملاً بيمينه فانوساً له شمعة مضاءة وفي يسراه مرآة من اليشب [حجر كريم] الأخضر. والمرآة تشير إلى حكمة الله ، سراً مخفياً .
إلى ذلك كان جبرائيل رسول الله يذيع الخبر السار بشأن الولادات من أحشاء عقيمة، كمثل حال جدّي المسيح، يواكيم وحنّة، وأبوي السابق، زكريا وأليصابات. وهو الذي بشّر والدةَ الإله بولادة المخلّص بالروح القدس. وهو من قاد الرعاة إلى مغارة بيت لحم ونبّه يوسف النجار إلى مقاصد هيرودوس الأثيمة بشأن المولود الإلهي وأوصاه بالمغادرة إلى مصر. وهو أيضاً من نزل من السموات يوم القيامة ورفع حجر القبر وجلس فوقه . وهو كذلك من طَمْأنَ حاملتي الطيب مريم المجدلية ومريم الأخرى قائلاً لهما : ” لا تخافا أنتما . أنا أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب . إنه ليس ههنا. قد قام كما قال … ” (متى ٢٨ : ٦).
الملاك رافائيل :
وأما رافائيل فمعناه : “رحمة الله ” او ” شفاءُ الله ” أو ” الله الشافي ” . وقد ورد ذكره في سفر طوبيا في الفصل الثالث هكذا : ” فأُرسل رافائيل ليشفي كلا الاثنين ، ليُزيل البقع البيضاء عن عيني طوبيت فيرى بعينيه نور الله، وليعطي سارة ابنه رعوئيل زوجةً لوطبيا بن طوبيت ويطرد عنها أزموداوس الشيطان الخبيث … ” وقال لهما بعد تمام العرس : “ أنا رافائيل، أحدَ الملائكة السبعة الواقفين والداخلين في حضرة مجد الرب … لا تخافا ! عليكما السلام. بارِكا الله للأبد . لما كنت معكما، لم أكن بفضلي أنا، بل بمشيئة الله . فباركاه هو طوال الأيام وسبّحاه. كنتما ترياني آكلُ، ولم يكن ذلك إلا رؤية تريانها. والآن بارِكا الرب على الأرض واحمدا الله. ها إني صاعد إلى الذي أرسلني، فدوِّنا جميع ما جرى لكما” ( راجع سفر طوبيا ١٢).
ويصور التراث رافائيل يقود طوبيا بيمينه وطوبيا حاملاً سمكةً التقطها من نهر دجلة وفي يساره إناء طبّي .
يقول القديس بولس الرسول إن الملائكة جميعاً هم أرواح خادمة ترسل للخدمة من أجل الذين سيرثون الخلاص . ( الرسالة إلى عبرانيين ١ : ١٤) . وقد أقامهم الله لكل أمة وشعب ليحافظوا عليه ويرشدوه إلى الحقّ . ويأمرهم بحراسة المتوكلين عليه لئلا ينالهم ضراً أو يدنو من مساكنهم شراً (المزمور٩٠ : ٩ – ١١) . وهم في السماوات يُشاهدون على الدوام وجه الله مرتلين له التسبيح المثلث التقديس : ” قدوس ، قدوس ، قدوس ، ربُّ الصباؤوت ، السماء والأرضُ مملؤتان من مجدك العظيم ” ، متشفعين إليه تعالى من أجلنا، ويفرحون بخاطئ واحد يتوب (أشعياء ٦ : : ٢و٣ . ومتى ١٨ : ١٠ ولوقا ١٥ : ٧ وأعمال الرُسُل ١٢ : ١٥).
وبإختصار ، الملائكة يخدمون الله إحساناً إلينا حتى إن صفحات الكتب المقدسة مملوءة من تواريخهم .
فإكراماً لهؤلاء الخدام الإلهيين حرَّاسنا ، رأت الكنيسة واجباً أن تقيم لهم عيداً في الثامن من شهر نوفمبر / تشرين الثاني من كل عام ، ولهذا نجتمع ونرفع الصلوات فيه والتراتيل لهم طالبين منهم ان يُرشدونا إلى طريق الحقّ .
صلاة للعذراء مريـم :
ايتها المعظمة مريم العذراء، سلطانة السماوات وسيدة الملائكة، أنت يا من نلت من الله قدرة لسحق رأس الشيطان، نتوسل إليك بخضوع أن ترسلي الجنود السماوية إلى العالم، لكي يطاردوا بأمركِ وبقدرتكِ وبقوة الله الأبالسة، ويسحقوهم في كل زمان ومكان ويقمعوا وقاحتهم ويعيدوهم إلى أسفل الجحيم . آمين .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك