Pixabay - Free for commercial use No attribution required

ما هو المطهر؟ وهل هو عقيدة؟

السّجن هو المطهر وليس جهنّم لأنّ من يدخل جهنّم لا يخرج منها، لأنها مصيرٌ أبديٌّ

Share this Entry
كثيراً ما نسمع من المؤمنين  يقولون : ” الكتاب المقدّس لا يذكر شيئاً عن المطهر ” فما هو المطهر ؟ وهل هو عقيدة ؟
 ” سارِعْ إلى إرضاء خصمكَ ما دُمتَ معه في الطريق ، لئلّا يسلّمكَ الخصمُ إلى الشرطيّ ، فتُلقى في السّجن . الحقّ أقول لك : لن تخرج منّه حتى تؤدّي آخر فلسٍ  ” .                             ( متى ٥ : ٢٥ – ٢٦ )
ما هو المطهر ؟
المطهر هو مكان للألم والقصاص ، حيث العدالة الإلهيّة تُطهّر الأنفس لتصبح مُستعدّةً لدخول الملكوت . إنّه مكان وسطيّ بين السّماء حيث الفرح والسعادة  ، والجحيم حيث الألم الأبديّ ، وهو قريبٌ من الجحيم بآلامه المبرّحة، وقريبٌ من السّماء بتقديس الأنفس المتألمّة.
المطهر عقيدةٌ إيمانيّة في الكنيسة الكاثوليكية ، أقرّها المجمع التريدنتيني  ١٥٦٣ ، وعلّمها كلٌّ من المجامع : ليون الثاني ١٢٧٤، فلورنسا  ١٤٣٩ ، الفاتيكاني الثاني  ١٩٦٤ . ومن يُنكر أيّ عقيدة كنسيّة يقعُ في حال الحُرم الكنسيّ !
إذاً  لماذا يُصلي المؤمنون  للأموات ويقيمون الجنّازات ومراسيم الثالث والسابع والتاسع والخامس عشر والاربعين والسّنة ؟
لأولئك الذين لا يؤمنون بالمطهر نقول : إذا كانت النفوس التي في السماء ليست بحاجةٍ إلى صلاتهم ، والنفوس التي هلكت في جهنّم للأبد لا تستفيد من صلاتهم ! ؟
نصّ العقيدة
– مجمع ليون الثاني : ” إن مات المؤمنون التائبون حقًاً في المحبة ، قبل أن يكفرِّوا بثمارٍ لائقة بالتوبة ، عمّا ارتكبوه أو أهملوه، فستُطَهَّر نفوسُهم بعد الموت بعقوباتٍ مُطهِّرة . هذا وإنّ تشفع لهم المؤمنين الأحياء ستفيدهم للتّخفيف عن هذه العقوبات من خلال : ، ذبيحة القدّاس الإلهيّ ، والصّلوات ، والحسنات ، والصّدقات ، وسائر أعمال التّقوى التي اعتاد المؤمنين أن يقوموا بها من أجل سائر المؤمنين ، بحسب ما أنشأته الكنيسة … “.
– المجمع التريدنتيني : ” إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة ، وبوحيٍ من الروح القدس، وانطلاقاً من الكتاب المقدس ، وتقليد الآباء القديم علّمت في المجامع المقدسة ، وأخيراً في هذا المجمع المسكوني بأنّه يوجد مطهر ، كما يطلُب المجمع من الأساقفة أن يبذلوا قُصارى جَهدهم ، لجعل عقيدة المطهر السّليمة التي نقلها الآباء القدّيسون والمجامع المقدّسة ، موضوع إيمان المؤمنين يحفظونها وتكون منتشرةً ومعلنةً في كلّ مكان ” .
١ – المطهر والكتاب المقدس :
أ‌ . العهد القديم :
الذبيحة عن الأموات :
” …  ثُمَّ أخذوا يُصَلُّونَ وَيَبْتَهِلُونَ أَنْ تُمْحَى تِلْكَ الْخَطِيئَةُ الْمُرتكبة  محواً تاماً  … ثم وعظَ يهوذا الباسل القومَ أن يصونوا أنفسهم من الخطيئةِ …
ثُمَّ جَمَعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ تَقْدِمَةً ، فَبَلَغَ الْمَجْمُوعُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الْفِضَّةِ ، فَأَرْسَلَهَا إِلَى أُورُشَلِيمَ لِتُقَدَّمَ بِهَا ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطِيئَةِ . وَكَانَ عَمَلهُ هذا من أَحْسَنِ الصَّنِيعِ وَأَسماه على حسب فِكرةِ قِيَامَةَ الْمَوْتَى ، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ يرجو قِيَامَةَ الَّذِينَ سَقَطُوا . لَكَانَتْ صَلاَتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَوْتَى أمراً سخيفاً لا طائلَ تحته . وَإن عدَّ الَّذِينَ رَقَدُوا بِالتَّقْوَى قَدِ ادُّخِرَ لَهُمْ ثَوَابٌ جَمِيلٌ ، كان في هذا فِكرّ مُقَدَّسٌ تُقَوِيٌّ . وَلِهذَا قَدَّمَ الْكَفَّارَةَ عَنِ الْمَوْتَى لِيُحَلُّوا مِنَ الْخَطِيئَةِ ” ( سفر الكلبيين الثاني ١٢ : ٤٢ – ٤٦ ).
يوضح هذا النّص أنّ الصلاة والحَسنة (التّقدمة) هما من أجل غفران خطايا الّذين ماتوا بخطاياهم العرضيّة لا المميتة ، ولكن كيف تغفر الخطايا بعد الموت ؟
ب‌ . العهد الجديد :
1- يقول الرب يسوع : ” … ومن قال كلمةً على إبن الإنسان يُغفرُ له ، أُمّاً من قال على الروح  القُدُس ، فلن يُغفر له ، لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة “. ( متى ١٢ : ٣٢ )
هذا يعني أنّه توجد خطايا تغفر في هذه الدنيا ، وخطايا تغفر في الحياة الأخرى . فكيف تغفر الخطايا بعد الموت ، وفي أيّ مكانٍ ؟
٢ – ” سارِعْ إلى إرضاء خصمكَ ما دُمتَ معه في الطريق ، لئلّا يسلّمكَ الخصمُ إلى الشرطيّ ، فتُلقى في السّجن . الحقّ أقول لك : لن تخرج منّه حتى تؤدّي آخر فلسٍ  ” .                       ( متى ٥ : ٢٥ – ٢٦ )
أُطلب التوبة قبل الموت والوقوف أمام الله الدّيان العادل ، لأنّه متى مات الإنسان وعليه دينٌ ، فإنّه يُلقى في السّجن ( المطهر )، ولن يخرج منه حتّى يوفي كلّ ما عليه : أي يتطهّر تماماً  من خطاياه . ذلك لأنّه : ” وَلَنْ يَدْخُلها ( السّماءَ ) شَيْءٌ  نَجِسٌ ، وَلاَ فاعلُ قبيحةٍ ولا كَذِب ، بل الذين كُتِبوا في سِفرِ الحياة ، سفر الحمل ” (رؤيا القديس يوحنا ٢١ : ٢٧ ) .
السّجن هو المطهر وليس جهنّم لأنّ من يدخل جهنّم لا يخرج  منها، لأنها مصيرٌ أبديٌّ . أمّا هنا فيشير إلى الخروج والتطهّر من الخطايا العرضية ، وبالطبع  السّماء ليست سجناً  بل هي فرحاً  أبديًاً .
 ٣ – سيظهرُ عَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ ، فيوم الله سيُعلِنُه ، لأنه في النار سيُكشف ذلك اليوم ، وهذه النار سَتَمْتَحِنُ قيمة عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ . فمن بَقِيَ عَمَلُه  الذي بَنَاهُ على الأساس نال أجرَهُ . ومن إحْتَرَقَ عَمَلُه كان من الحاضرين ، أُمّاً هو فَسَيَخلُص ، وَلكِنْ كَمَن يَخلُصُ من خلالِ  النَّار” . (كورنتس الأولى ٣ : ١٣ – ١٥ )
الأساس هنا هو السيّد المسيح وكلّ من يبني عمله عليه ينال أجره أي أنّه سيخلص . ولكن من خسر عمله خلال النار يُلقى في الجحيم الأبدي ، فلا بدّ للإنسان بإيمانه وجهده وأعماله أن يجتاز النّار لتمتحنهُ ،  وهذا هو الجهد الّذي من خلاله يخلص الإنسان .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير