مقدمة:
نُصَلِّي دَائِمًا لِأَجَلِ اَلْكَنِيسَةِ وَكُلِّ مِنْ يَرْعَوْنَهَا لِأَبُلَّ اَلْكَنِيسَةَ جَمَاعَةً مُؤْمِنَةً مُلْتَفَّةً حَوْلَ اَلْمَذْبَحِ تَرْفَعُ اَلصَّلَاةُ وَالتَّسْبِيحُ أَمَامَ اَللَّهِ .
وَلَكِنْ بِشَكْلٍ خَاصٍّ تُصَلِّي اَلْجَمَاعَةُ مِنْ أَجْلٍ اَلْمَسْؤُولِينَ بَدَأَ بِقُدَّاسِ اَلْبَابَا وَالْأَبِ اَلْبَطْرِيَرْكِ وَالْأَبِ اَلْمُطْرَانِ وَالْكَهَنَةِ وَالشَّمَامْسَة وَالرُّهْبَانُ اَلرَّاهِبَاتِ وَكُلَّ اَلَّذِينَ يُكَرِّسُونَ حَيَاتُهُمْ لِلْخِدْمَةِ وَتُصَلِّي لِأَجَلٍ مِنْ اَلْأَمَانَةِ بِمَسْؤُولِيَّةٍ وَيُحمِلُونَ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ بَا أَمَانَةٍ كَيْ يُوقفقَهُمْ اَلرَّبُّ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ ، لِأَحُلْ أَنَّ تَكُون خِدْمَتُهُ صَادِقَةً وَثَابَتْهُ .
لِذَا عَلَى اَلرَّاعِي اَلنَّاجِحِ ، وَالصَّادِقُ ، وَالْأَمِينُ أَنْ يَمْتَلِكَ ثَلَاثَ صِفَاتٍ أَسَاسِيَّةٍ:
1 – اَلضَّمِيرُ :
هَذَا أَوَّلَ أَمْرٍ يَحْتَاجُ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ اَلرَّاعِي وَيَمْتَلِكُهُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ ضَمِيرٍ إِنَّهُ يُدَرِّبُ نَفْسَهُ لِيَكُونَ لَهُ ضَمِيرٌ بِلَا عَثْرَةٍ ، لِذَا مِنْ اَلْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَكُونَ اَلرَّاعِي رَاعِيَ أَمِينٍ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ ضَمِيرٌ فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ ، وَالِي جَانِبِ اَلضَّمِيرِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ جَاهِدًا لِلسَّيْرِ فِي دَرْبِ اَلْقَدَاسَةِ ، مُتَشَبِّعًا مِنْ كَلِمَةِ اَللَّهِ ، مُمْتَلِئًا بِنِعْمَةِ اَلرُّوحِ اَلْقُدُسِ كَيْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَسْمَعَ آهَاتِ وَأَنِينَ اَلنَّاسِ وَيُجَاوِبُ عَلَى اِحْتِيَاجَاتِهِمْ كَافَّةً ، وَأَيْضًا يَسْمَعُ لَهُ اَلنَّاسُ وَيَثِقُونَ فِيمَا يَقُولُهُ فَخَارِجَا عَنْ نِعْمَةِ اَلرُّوحِ اَلْقُدُسِ يَكُونُ كَلَامُ اَلرَّاعِي فَارِغًا أَوْ مُتَسَلِّطًا وَلَا نَفْعَ مِنْهُ ، مِنْ اَلْمَعْرُوفِ أَنَّ فَاقِد اَلضَّمِيرِ يَسْتَخِفُّ بِكُلٍّ مِنْ حَوْلِهِ وَتَزْدَادُ أَخْطَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إِلَّا بِأَنَانِيَّةٍ وَتُسَلِّطُ وَغَطْرَسَةٌ ، لِأَجَلِ مَجْدٍ بَاطِلٍ أَوْ رِبْحٍ خَسِيسٍ لِمَنْصِبٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ .
عَلَى اَلرَّاعِي أَوْ مِنْ يَحْسُبُ نَفْسَهُ زِرَاعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ نَفْسَهُ وَيَسْأَلُ عَنْ اَلْأَمَانَةِ فِي اَلْمَسْؤُولِيَّةِ ؟ هَلْ يَقُومُ بِوَاجِبَاتِهِ أَمْ يَتَهَاوَنُ فِيهَا ؟ هَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي اَلتَّوْفِيقِ بَيْنَ اَلْخِدْمَةِ وَالْمَالِ اَلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ؟ كُمٌّ نَحْنُ فِي اِحْتِيَاجٍ إِلَى رَاعِي يَمْلِكُ ضَمِيرِيًّا حَيًّا يَقِظًا وَاعِيًا وَتَنَبُّهًا لِخِدْمَةِ اَلنَّاسِ
2 – مُثَقَّفٌ مُتَعَلِّمٌ :
أَوَّلُ نُقْطَةٍ فِي اَلصِّفَةِ اَلتَّانِيَّة هِيَ ثَقَافَةُ اَلْحَيَاةِ وَفَنِّ اِسْتِيعَابِ اَلْجَمِيعِ لِذَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَيْ يَفْهَمُ وَيَتَفَهَّمُ وَيَتَمَتَّعُ بِمَهَارَةٍ فَائِقَةٍ نَابِعَةٍ مِنْ خِبْرَاتِ اَلْحَيَاةِ اَلْمُتَنَوِّعَةِ وَالْمُتَعَدِّدَةِ . أَيُّ شَخْصٍ فِي مَجَالِ عَمَلِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْرَعَ فِيهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ دَارِسًا كُلَّ مَوَادِّ تَخَصُّصِهِ .
اَلرَّاعِي هُوَ قَائِدُ وَالْقَائِدِ اَلنَّاجِحِ يَتَّصِفُ بِحُسْنِ اَلتَّصَرُّفِ ، نَقْرَأُ فِي سَفَرِ اَلْأَعْمَالِ عَنْ اَلتَّلَامِيذِ وَالْجَمَاعَةِ اَلْأُولَى اَلْمُوَاظَبَةَ عَلَى اَلصَّلَاةِ وَفَهْمِ اَلْكُتُبِ قِرَاءَتُهَا كَمَا كَانَتْ اَلدَّعْوَةُ فِي اَلْعَهْدِ اَلْقَدِيمِ لِإِقَامَةِ رُعَاةٍ لِرِعَايَةِ اَلشَّعْبِ بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ ، اَلرَّاعِي يَحْتَاجُ إِلَى اَلْمَزِيدِ مِنْ اَلْعَلَمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالثَّقَافَةِ اَلْإِنْسَانِيَّةِ فَهُوَ لَيْسَ فَقَطْ خَادِم لِلْأَسْرَارِ وَالْمَذْبَحِ بَلْ خَادِمٌ لِلْكَلِمَةِ وَمُفَسِّرَهَا وَكَافَّةَ اَلْعُلُومِ اَلْمُتَعَلِّقَةِ بِأُمُورِ خِدْمَةِ اَلنَّاسِ وَالْكَنِيسَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى عَيْشِ اَلْمَنْشُورَاتِ اَلْإِنْجِيلِيَّةِ وَالتَّضَجْ اَلْإِنْسَانِيَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَطَلَّعَ إِلَى اَلْعُلُومِ اَللَّاهُوتِيَّةِ وَمَجَالِ اَلْإِدَارَةِ وَالْقَانُونِ وَعِلْمِ اَلسِّيَاسَةِ مَعَ عِلْمِ اَلنَّفْسِ وَالْفَلْسَفَةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالْآدَابِ وَغَيْرِهَا
3 – اَلْقُدْرَةُ :
هَذِهِ أَيْضًا صِفَةً هَامَّةً فِي حَيَاةِ اَلرَّاعِي أَنْ يَتَمَتَّعَ اَلْمَقْدِرَةَ وَالْهِمَّةَ وَالنَّشَاطَ وَالْحَرَكَةَ وَالِاسْتِعْدَادَ اَلتَّامَّ لِلْقِيَامِ بِعَمَلِ أَيِّ شَيْءٍ فِي صَالِحِ اَلْخِدْمَةِ وَالرَّعِيَّةِ وَالشَّعْبِ اَلَّذِي يَقُودُهُ. يكون قَادِرًا عَلَى رُؤْيَةِ اَلْأَشْيَاءِ اَلَّتِي تَرَى والتى َلَا تَرَى ، تَحْقِيقُهَا أَنْطلاقَا مِنْ ضَمِيرِهِ اَلْحَيِّ وَمَعْرِفَتِهِ وَعِلْمِهِ وَاحْتَاجَ اَلرَّعِيَّةَ لِيَكُونَ قَادِرًا عَلَى بَثِّ رُوحِ اَلْحَيَاةِ وَالْفَرَحِ فِي صُفُوفِ اَلْمَخْدُومِينَ وَمِنْ يَرَاهُمْ مَسْؤُولاً عَنْهُمْ قَادِرًا عَلَى جَمْعِ شَمْلِ اَلرَّعِيَّةِ وَبَثِّ رُوحِ اَلسَّلَامِ وَالصَّالِحِ وَلَا سِيَّمَا بَيْنَ اَلْأَطْرَافِ اَلْمُتَخَاصِمَةِ وَالْمُتَنَازِعَةِ قَادِرًا عَلَى حَلٍّ وَعَلَى حَلِّ اَلنِّزَاعَاتِ وَمُوَاجَهَةِ اَلتَّحَدِّيَاتِ وَالصُّعُوبَاتِ ، تَشْجِيعُ اَلضُّعَفَاءِ وَالْوُقُوفِ بِجَانِبِهِمْ .
خُلَاصَةٌ :
تَوَجدُ اَلْعَدِيدِ مِنْ اَلصِّفَاتِ وَالْمُمَيِّزَاتِ اَلَّتِي يَتِمُّ بِهَا اَلرَّاعِي فِي نَجَاحِ خِدْمَتِهِ مَسْؤُولِيَّتَهُ . وَإِنْ كُنَّا ذَكَرْنَا ثَلَاثُ صِفَاتِ اَلضَّمِيرِ وَالْمِفْرُفَة وَالْقُدْرَةُ فَهَذَا لَا يَنْفِي وُجُودَ اَلْحِكْمَةِ وَالْمَشُورَةِ وَالْفَهْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالثَّبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ وَالَاتَضَاعْ مُغْ اَلطَّاعَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالرِّعَايَةِ اَلصَّالِحَةِ أَنَّ اَلرَّاعِيَ اَلنَّاجِحَ هُوَ مِنْ يَسْتَمِدُّ مُقَوِّمَاتِ وَرِعَايَتُهُ مِنْ اَلرَّاعِي اَلصَّالِحِ وَأَنْ يَسِيرَ فِي دَرْبِ اَلْقَدَاسَةِ طَالِبًا اَلْكَمَالَ وَمُحَقِّقَهُ فِي حَيَاتِهِ وَحَيَاةِ اَلْجَمَاعَةِ وَالرَّعِيَّةِ .
آبُ أَنْطُونْيُوسْ مَقَارَّ إِبْرَاهِيمْ
رَاعِيَ اَلْأَقْبَاطِ اَلْكَاثُولِيكِ فِي لُبْنَانَ