أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أحد مبارك!
الإنجيل اليوم يُعيدنا إلى مساء يوم الفصح. كان الرّسل مُجتمعين في العلّيّة عندما رجع التّلميذان من عِمواس ورويا لقاءهما مع يسوع. وبينما كانا يُعبّران عن فَرَحِهما بذلك اللقاء، ظَهَرَ يسوع القائم من الموت للجماعة كلّها. وصل يسوع في الوقت الذي فيه كانَا يُشاركان الآخرين رواية لقائِهما معه. هذا يجعلني أفكّر في أنّه من الجيد المشاركة، ومن المهمّ مشاركة الإيمان. هذه القصة تجعلنا نفكّر في أهميّة مشاركة الإيمان بيسوع القائم من الموت.
كلّ يوم نتلقّى آلاف الرّسائل. كثيرٌ منها سطحيّة وبلا فائدة، وأُخرى فيها فضول وإزعاج، أو أسوأ من ذلك، يحتوي بعضها على أقاويل وإشاعات وشيء من الخبث. إنّها أخبارٌ لا تُفيد شيئًا، بل هي مسيئة. لكن، هناك أيضًا أخبارٌ جميلة وإيجابيّة وبنّاءة، وكلّنا نعلَمُ كَم هو جميل أن نسمع أخبارًا جيّدة، وأنّنا نشعر بالارتياح عندما يحدث ذلك. وجميلٌ أيضًا أن نُشارك الواقع الذي حدث في حياتنا، خيرًا كان أم شرًّا، لكي نساعد غيرنا.
مع ذلك، هناك أمرٌ واحدٌ نجد مرارًا صعوبة في أن نتكلّم فيه. نجد صعوبة في أن نتكلّم في ماذا؟ إنّه الأمر الأجمل الذي يمكن أن نتكلّم فيه، وهو: لقاؤنا مع يسوع. كلّ واحد منّا التقى بالرّبّ يسوع، ونجد صعوبة في أن نتكلّم في ذلك. كلّ واحدٍ منّا يمكنه أن يقول الكثير عن هذا الأمر: نرى كيف أثَّر فينا الرّبّ يسوع، ونشارك ذلك مع الآخرين، لكن دون أن نجعل أنفسنا معلّمين على الآخرين، بل نشاركهم اللحظات الفريدة التي فيها شعرنا بالرّبّ يسوع حيًّا وقريبًا منّا، والذي أضرم الفرح في قلبنا أو جفّف دموعنا، وحمل إلينا الثّقة والتّعزية، والقوّة والحماسة، أو المغفرة والحنان. نشارك وننقل هذه اللقاءات، لكلّ واحد منّا، مع يسوع. من المهمّ أن نصنع هذا في العائلة، وفي جماعة المؤمنين، ومع الأصدقاء. وحسنٌ لنا أيضًا أن نتكلّم على الإلهامات الصّالحة التي أرشدتنا في الحياة، والأفكار والأحاسيس الصّالحة التي تساعدنا كثيرًا على التّقدّم، وأن نتكلّم أيضًا على الجهد والتّعب الذي بذلناه لكي نفهم ونتقدّم في حياة الإيمان، وربّما أيضًا لكي نتوب ونرجع إلى الوراء. إن قُمنا بذلك، سيفاجئنا يسوع، تمامًا كما حدث مع تلميذَيْ عِمواس في مساء الفصح، وسيزيد جمال لقاءاتنا وأجوائنا.
لنحاول إذن أن نتذكّر الآن لحظة قويّة في حياتنا الإيمانيّة، ولقاءً حاسمًا مع يسوع. كلّ واحد كان له لقاء، كلّ واحد منّا كان له لقاء مع الرّبّ يسوع. لنصمت قليلًا ونفكّر: متى التقيت بالرّبّ يسوع؟ متى اقترب الرّبّ يسوع منّي؟ لنفكّر في صمت. وهل شاركت مع الآخرين هذا اللقاء مع الرّبّ يسوع، أتكلم لأمجِّد الله؟ وأيضًا، هل أصغيت إلى الآخرين عندما أخبروني عن لقائهم مع يسوع؟
لتساعدنا سيّدتنا مريم العذراء لنشارك الآخرين الإيمان لكي نجعل من جماعاتنا باستمرار أماكن لقاء مع الرّبّ يسوع.
“إفرحي يا ملكة السّماء”
وبعد الصّلاة
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!
أتابع بالصّلاة وبقلق أيضًا وألم، الأخبار التي وصلتنا في السّاعات الأخيرة عن تفاقم الوضع في إسرائيل بسبب التّدخل الإيراني. إنّي أوجه نداءً صادقًا لوقف أي عمل من شأنه أن يغذّي دوامة العنف مع خطر جرّ الشّرق الأوسط إلى توسّع الصّراع الحربيّ.
لا ينبغي لأحد أن يهدّد حياة الآخرين. بدلًا من ذلك، لتقف جميع الدّول إلى جانب السّلام، وتساعد الإسرائيليّين والفلسطينيّين على العيش في دولتَين، جنبًا إلى جنب، وفي أمان. إنّها رغبتهم العميقة والمشروعة، وهذا حقّهم! في دولتَين متجاورتَين.
لنتوصل قريبًا إلى وقف لإطلاق النّار في غزة ولنتبع مسارات المفاوضات بتصميم وعزم. لنساعد هؤلاء السّكان الذين وقعوا في كارثة إنسانيّة، وليُطلق فورًا سراح الرّهائن المختطفين منذ أشهر! كم من الآلام! لنصلّ من أجل السّلام. كفى حرب، وكفى هجمات، وكفى عنف! نعم للحوار ونعم للسّلام!
أحيّي بمودة الأطفال القادمين من مختلف أنحاء العالم، الذين جاءوا ليذكّروا أنّه في 25-26 أيار/مايو ستشهد الكنيسة اليوم العالميّ الأوّل للأطفال. شكرًا لكم! أدعو الجميع إلى أن يرافقوا بالصّلاة المسيرة نحو هذا الحدث – اليوم العالميّ الأوّل للأطفال – وأشكر الذين يعملون على إعداده. ولكم أيّها الأطفال أقول: أنا في انتظاركم! كلّكم! نحن بحاجة إلى فرحتكم ورغبتكم في عالم أفضل، في عالم يَنعم بالسّلام. لنصلّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل الأطفال الذين يتألّمون بسبب الحروب – إنّهم كثيرون! – في أوكرانيا، وفي فلسطين، وفي إسرائيل، في أنحاء أخرى من العالم، وفي ميانمار. لنصلّ من أجلهم ومن أجل السّلام.
وأتمنّى لكم جميعًا أحدًا مباركًا. ومن فضلكم، لا تنسَوْا أن تصلّوا من أجلي. غداءً هنيئًا وإلى اللقاء!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024