Woman in prayer - Unsplash - Pixabay - CC0

المرأةُ وإعترافها الشجاع

تأمّل في نص المرأة الزانية (يو(8/1-12)

Share this Entry

 مقدمة :

امام هذا الحدث العجيب نرى شخص يسوع المسيح فاتحاً باب الرجاء أمام هذه المرأة التي أمسكت في ذات الفعل وحولها الاشخاص حاملين الحجارة كي يرجموها بها حسب ما تنص عليه شريعتهم . هؤلاء النس يلتفون حولها ويقدموها ليسوع علهمّ يصطدوه بكلمة أو موقف يحرجوه فيه ولكن لم يقدورا عليه لأنه ربٌ حنونٌ ورؤفٌ طويل الأناة يحب الصديقين ويرحم الخاطئين وهو الرجاء لكل نفس خاطئة، نعم فهو رجاء لمن ليس لهم رجاء وهو نور للسالكين في ظلام الخطيئة ، ومن يتبعه لايمشي في الظلام.ودائماً هو يدعونا الى السير في النور ” سيروا في النور مادام لكم النور”

 كتبة وفريسيون والمواجهة الصعبة:

يأتي الكتبة والفريسون الى يسوع بامرأة أمسكت في ذات الفعل، في حالة زنى جاءوا بها اليه يطلبون رجمها متوقعين من يسوع بأن يمسك معهم حجراَ ليرجمها ولكنهم لمسوا فيه الرأفة واللطف والحنان تجاه كل الناس وبالاكثر تجاه الخطأة والمحزونين ومنكسرى القلوب.

اظهر يسوع ايضاً في هذا الموقف بأنه محرر النفس من عبودية الخطية والذل والهوان فحرر المرأة من عبوديتها لإبليس وزرع فيها روح الحب والفرح والانتصار وصارت قصة هذه المرأة هي قصة كل نفس اغلق في وجهها باب الحب والرحمة والحنان ارتمت عند اقدام يسوع عريس الحب الالهي  تجد عنده التنعم بسماع صوته العذب

 إمرأةٌ زانية واعتراف الشجاعة:*

أنا امرأة كأي إمرأة أخرى تعيش في هذا العالم المليء بالمتناقضات الكثيرة جارت علىّ الايام وضاقت بي المعيشة وهذا ليس معناها الفقر المادي وما دفعني لمثل هذا العمل  لم يكن فقط  احتياج للمادة وما ينتج عنها وكي اكون صريحة اكثر هذه ليست المشكلة بحد ذاتها انما الجزء الرئيسي في المشكلة نشأت في بيت فقد انتمائه للشريعه ومعها تناسى عبادة الاله الواحد وتفككت عائلتي  صار كلاٍ منا يبحث عن مصلحته فشعرت بالوحدة والانعزال فنظرت الى ذاتي ورأيت فيها جسدٍ جميل يميل له قلب الرجل وعينان جميلتان بهما اجذب الناس وعن حالتي النفيسة انحطت وانكسرت فجسلت مجدداً لأكتشف من جديد نفسي واسلوبي ومعاملتي وشاركني هنا التفكير عدو الخير وقد ساهم في طريقة تغيير مسلكي وأنتفضت على هويتي وكياني واشق طريقي نحو الارتماء في احضان من يستهوني أو يستهواه قلبي وخيل لي أنه بهذه الطريقة يمكني الخروج من حالتي دفعتني الرغبة أن اهجر البيت والمسكن الواحد مركز الاستقرار والامان الى أن اجد في كل يوم مسكن جديد ومركز جديد وبالرغم من هذا لم أشعر بالطمانينة الى أن جاء علىّ نهار وأمسكت في ذات الفعل التف حولي الجمهور وامسكني انا وترك من كان معي والسبب في ذلك حكم الشريعة القاسي الذي يحاسب المرأة على فعلها.

ولكي يثبت الجمهور صحة ما يدعيه على دفعني بالايادي والآرجل والصوت العالي القاضي بحكم الناموس يريدون أن يطبقو ما جاء فيه ونص عليه من عقاب لمن يمسك في ذات الفعل أي جريمة الزني وهو الرجم بالحجارة حتى الموت .كان هؤلاء الناس كالذئاب المفترسة والشرسة  لابل الجائعة التي تنتظر فريستها حتى تشبع رغبتها.

جاءوا بي  الى يسوع وكانوا ينون الوقوع به في فخ التعدي على الشريعة وعندما كنا نسير في الطريق باتجاهه خفت وارتبكت كثيراً لملاقاته بسبب ما قاله بعض الكتبة والفريسين عنه بأنه رجل متكبر  لايهمه احد يتخطى كل قوانين الناموس كل هذه التصورات والافكار جعلتني ارتعب من لقائه ولاسيما وهو من قال عن نفسه أنا والآب واحد وهنا انفتح امامي باب اخر للتفكير بأنه هو رب الشريعة  كان الإرتياح والقناعة باديين على ملامحهم . لم أراقبهم كثيراً على أي حال ، ربما لأني كنت خائفة ، ولم أكن راغبة في ان ينتبهوا الى وجودي ، وكلما كنا نتقرب منه كنت اشعر اكثر وأكثر بالارتباك والخوف والفزع .  لكن في الحقيقية لم يكن يهمني  ما يقوله هؤلاء عنه  وما أمره ومن هو ؟.

لقد كنت مستعبدة مكبلة بالسلاسل والقيود لسنوات عديدة ادت بي لحياة  النجاسة و الشعور الشديد بالحاجة إلى الحب.كنت أشتري رضا الناس و قبولهم لي بجسدى كان الثمن غالي جدا  وكنت أشعر بأنني أسير في طريق خاطئ لا  نهاية له ولا هداية فيه هذا من ناحية الجسد أما من ناحية النفس  فامتلكني شعور بالفراغ والوحدة علي مر السنين .

لقد أدانني الناس بسبب أعمالي وانا ايضاَ أدنت نفسي أكثر منهم .صرخوا في وجهي ولطموني  ودفعوني، وتعالت أصواتهم القوية  لدرجة لم اعد فيها قادرة على سماع أي شيء، وملأني شعور بأني واقعه في حالة الغم والحزن العميق .  وها أننا قد وصلنا الى يسوع  الذي ينتظر منه الناس ان يصدر حكم في أمري،عنده وتحت قدمية شتان الفرق بين حالتي وانا على الطريق مكبلة بالقيود والهتافات وحالة الهدوء التي سادت بشكل غير متوقع حتى تقدم احد الاشخاص منه وتكلم معه واصفاً حالتي وقائلاً ” هذه المرأة امسكت في ذات الفعل ” ويسوع بكل هدوء وكأن في هدوءه سلطان النصر والكرامة والحكم العادل والسلام سائلاً عمّا يجب أن يُفعل بي . ويظهر انه كان متأكدا من جوابهم المنطلق من حكم الشريعة الرجم بالحجارة فقد سمع ما كان متوقع  سماعه . وأنا  في هذه اللحظات كنت منكسة الرأس ووجهي الى الأرض مرتعبة ومتعبة منهكة القوى، ولكن سرعان ما انتشر الصمت و الهدوء الرهيب وخصوصاً على من جاءوا بي متشكين علىّ  ومعظمهم كان من الصدوقيين والفريسيين وقلة من عامة الشعب  الذين ساقوني بعجرفة واحتقار الى هذا المأزق وهذه المحكمة .

 المرأة أمام يسوع وموقف الأطمئنان:

أمام يسوع عاد إلىّ الهدوء وأطمئن قلبي وتملكت أعصابي وتشجعت نفسي وامتلأت جرأة حتى أرفع وجهي  قليلاً لأنظر اليه وفيه لم أرى التكبر ولا البر الذاتي ولا الى ما قالوه عنه انما رأيت فيه  الحنان والقوة والتواضع وخصوصاً لحظة إنحنائه على الارض وأخذ يكتب عليها  للحظاتٍ اتصفت بالصمت والهدوء الى وافقاً ونظر الى كل الموجودين موجهاً نظره اليهم متكلماً بتواضع وهدوء عجيبين ، حتى تردد صدى كلماته في ذهني وفي كياني : من منكم بلا خطية ، فليرمها أولاً بحجر. وبعد ان نطق بهذا انحنى ثانية وتابع الكتابة ، وكان يعلم ماذا سيحدث بعدئذٍ تجمّدت وتهت في زحمة الأفكار التي هاجمتني فجأة ، كنت غير مصدّقة لما أرى ولما يحدث أمامي وحولي عندما رأيتهم جميعاً يلقون بحجارتهم على الأرض وينسحبون  الواحد تلو الاخر ، من الكبار الى الصغار الى أن  توقف يسوع عن الكتابة وانتصب قائماً ونظر اليَّ ، انطبعت في أعماقي وفي قلبي، بتعابير واضحة  المعالم في ملامح وجهه الحنون وهذه النظرة لم ولن أنساها وسألني : “أين هم المشتكون عليك ؟ ألم يدينك أحد ؟ “كلا يا رب ! لم يبقّ أحد منهم ليدينني .

 يسوع يمنح المرأة الغفران والسلام:

“ولا انا أدينك قال يسوع ، اذهبي بسلام  ولا تخطئي فيما بعد ”  هذا هو الفرق بين حكم الشريعة القاضي بالرجم وحكم يسوع القاضي بالرحمة والحنان فيسوع هو ابن الله الحي من ملئه نلنا نعمة فوق كل كل نعمة . نظر الى اعماق النفس كم هي غالية جداً وثمنية لديه ولها قيمة لاتقدر بثمن  فهو اشتراه بدمه الثمين . نظرّ يسوع الى أفق أبعد بكثير من قوانين الشريعة التي أرغمت الانسان على خدمتها وحولت منه عبداً خاضعاً لها أما هو جعل من الشريعة ناموس حياه  بكلامه الذي هو روح وحياة . انطلق بنا يسوع من آفاق الظلمة والخطية التي كبلت روحنا واستعبدتنا جعلت منا عبيداً نعيش في الجهل وعدم والمعرفة ،الى افاق النعمة والقداسة وشريعة المحبة التي جعلتنا احراراً  لقد أحبنا وتحنن علينا .

 صلاة شكر :

شكراً لك يا  يسوع ،  فأنت بغنى نعمتك ، صالحتنا مع الآب واعدتنا الى ذاتنا ، ولمستنا  برأفتك لأنك اله الرحمة الرأفة والتعزية. ومنذ أن نظرت الى وجهك يا إلهي إطمئن قلبي وبغفرانك تجددت حياتي وسيرتي وأعدك بأني لن ولا أعود الى الخطيئة مرة اخرى فهوذا كل شيء عندي قد صار جديداً  قد  نلت الحياة الجديدة التي هي فيك يا أبو المراحم. لك المجد والشكر والعزة والتسبيح الى الابد أمين.

Share this Entry

الأب أنطونيوس مقار ابراهيم

راعي الأقباط الكاثوليك في لبنان

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير