تقديم الدرع - الأب شخطورة

الله لا يقرأ الكتب بل القلب

يوبيل دير مار الياس قرنايل

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

يحتفل دير مار الياس قرنايل هذا العام بيوبيل ال ٢٧٥ على تأسيسه وعلى خدمته الرعويَّة والثقافيَّة في المنطقة الجبليَّة للمتن الأعلى. وقد افتتحت رعيَّة الدير، ثاني أقدم رعيَّة أنطونيَّة، يوبيلها في عيد الميلاد ٢٠٢٣ ليشمل احتفالاتٍ دينيَّة، رهبانيَّةٍ وثقافيَّةٍ متنوِّعة على مدار السنة، منها احتفال الآباء الذين خدموها منذ العام 1981 بالذبيحة الإلهيَّة على مرِّ آحاد الأشهر القليلة الماضية.

ثلاثة قرون ٍمن الحضور الرهبانيِّ الأنطونيِّ نجح خلالها 48 رئيسًا على هذا الدير، مع رهبانٍ إخوةٍ لهم، في ربط مصيرهم بمصير رعيِّتهم، بأهل قرنايل والبلدات المجاورة، في حلولهم وترحالهم. فرِحوا مع الفرِحين وبكَوا مع الباكين، وتحمَّلوا جور الزمان وآلامه، وأبَوا أن يتركوا القطيع يومًا من غير راعٍ. أغنوا حضورهم الخفر بأفضل ما عندهم في الرعاية والتعليم وفي الحراثة والزراعة أيضًا.

من أهمِّ نشاطات اليوبيل، وقَّع الأب شربل أبي خليل الأنطونيُّ كتابه “دير مار الياس – قرنايل” حامل الرقم /22/ من نتاجه الفكريّ، بتاريخ 6/7/2024، في لقاءٍ جامعٍ في صالة الرعيَّة، صالة الروح القدس، قرنايل، بحضور سيادة المطران سمعان عطالله والأب بطرس عازار ممثِّلًا قدس الأب العام جوزف بو رعد، رئيس عام الرهبنة الأنطونيَّة المارونيَّة، والآباء المدبِّرين والقيِّم العام الأب أنطونيوس عوكر ورئيس دير مار الياس – قرنايل الأب الياس شخطوره وقيِّم الدير الأب أنطوان داغر، ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات، ورؤساء البلديَّات ومجالسها، ومخاتير القرى والبلدات المجاورة والفعاليَّات، وحشد من أبناء البلدة دروزًا ومسيحيِّين، ورعايا المنطقة.

إستُهلَّ اللقاء بالنشيد الوطنيِّ اللبنانيّ، تلاه كلمةٌ ترحيبيَّةٌ للمحامي شارل الحاج ركَّز فيها على أهمِّية مضمون الكتاب الذي هو “مفخرة أجيالٍ ومرجعٌ يعود بنا الى زمن الإنتماء، الإنتماء الى قريةٍ هي جبل الله، الإنتماء الى وحدة التربية والعادات والتقاليد، الى روح المحبة والإلفة والتآخي …”. كما نوَّه بدور الرهبنة الأنطونيَّة في “تعليم أجيالٍ وخدمة رعايا أساسها الإيمان بحياةٍ واحدةٍ بأديرةٍ منتشرةٍ في قرى مختلطة… هذه المدرسة الروحيَّة الإيمانيَّة، غرف رهبان هذا الدير على مرِّ السنين من تعاليمها، فأضحوا منارةً وقدوةً وخدَّامًا لمذبح الربِّ وللمجتمع المحليِّ …”.

كما وصف المؤلِّف بأنَّه “الكاتب الفنَّان والمؤلِّف الذي استطاع تجسيد تاريخ الدير بريشة إزميل نحَّات، وان يحفر على صفحات الزمن الغابر كلماتٍ نافرة لا تمحوها رياحٌ عابرةٌ ولا نزواتٍ جارفة، سكبها في قالبٍ روحيٍّ موضوعيٍّ من قلبٍ مفعمٍ بحبِّ المعرفة وشغفٍ للوصول الى الحقيقة …”، خاتمًا بأنَّ “اليوم محطةٌ تاريخيَّةٌ وخطٌّ مفصليٌّ بين الجهل والمعرفة، بين الإنتماء والتسيب، بين الإتِّعاظ والغريزة … واصفًا الكتاب بأنَّه ” كتاب المعجزة”.

من ثمَّ ألقى المحتفى به الأب شربل أبي خليل الأنطونيُّ كلمته قائلًا “إنَّ التعرُّف على التاريخ يحفزِّنا على عيش الإنتماء، والانتماء لا يعني العودة الى الوراء، ولا الى الماضي للتغنِّي بأمجاده أو للبكاء على اطلاله … الإنتماء هو أن تعترف بال “أنت” وبشراكة الآخرين … حسُّ الإنتماء لا يخفِّف من صعوبة الواقع ولا يجمِّله، بل يعطينا أن نراه على حقيقته”.

ثمَّ شرح الأب أبي خليل مراحل تأليف الكتاب منذ وصوله صيف 2017 الى دير مار الياس – قرنايل “الذي تأسَّس عام 1749 م، عندما وهب الأمير يوسف مراد أبي اللمع أرضًا وبيتًا في محلَّة “مرج قرنايل” إلى الرهبان الأنطونيِّين ليقوموا بالخدمة الروحيَّة لشركاء داره الموارنة الوافدين إلى قرنايل …”.

وتابع أنَّه “بسبب المناقلات الرهبانيَّة وتعييني في ديرٍ آخر … تعذَّر عليَّ إنجاز الخطَّة الشاملة … ألا وهي العبور من دير قرنايل كجزءٍ من كلٍّ إلى قرنايل الدير العامر بالتاريخ الحيِّ المشترك بين المسيحيِّين والموحِّدين …”. ثمَّ عدَّد “بعض محطَّاتٍ مشرقةٍ من التآخي بين أبناء البلدة الواحدة”:

  • زيارة البطريرك أنطون عريضة الى قرنايل عام 1936 حيث استقبله الدروز إستقبالًا حماسيًّا منقطع النظير بالأهازيج والحداء وألعاب الفروسيَّة … وفرشت طريقه بالسجاد الثمين على مسافة مئتي مترٍ وصولًا إلى أنطوش مار الياس … “.
  • في العام 1954 عندما إستقبلت قرنايل تمثال العذراء، تطوَّع أبناء بني معروف للعمل وقدَّموا مساعدةً ماليَّة … وأظهروا غَيرة …وكان على رأسهم معالي الوزير بشير الأعور …”.
  • في أوائل سبعينيَّات القرن الماضي، ترأَّس إحتفال عيد مار الياس “على مدى ثلاث سنواتٍ 72-73-74- السفير البابويُ ألفريدو برونييرا الذي كان معجبًا بالتآخي بين أبناء البلدة الواحدة دروزًا ومسيحيِّين.
  • في زيارة البطريرك بشارة الراعي الى قرنايل عام 2011، ردَّد عبارة “إذا انكسر الجبل بوحدته، إنكسر لبنان”.

ثم شرح الأب أبي خليل الدور التربويَّ لدير مار الياس – قرنايل فقال: “في العام 1903 إثر تسلُّم الأب يعقوب الكبوشي (الطوباويّ) إدارة المدارس الرعائيَّة في لبنان، أصبحت مدرسة دير قرنايل واحدةً من 230 مدرسة مجانيَّة منتشرة على الأراضي اللبنانيَّة. ولكن في العام 1976، أقفلت هذه المدرسة أبوابها وألغت الحكومة اللبنانيَّة رخصتها عام 1991 بعد سقوط مهلة السنتَين لإعادة تشغيلها، رغم أنَّ الأب بطرس عازار الأنطونيَّ قد أرسل كتابًا الى الوزارة ليحفظ حقَّ الرهبانيَّة بإعادة فتحها …”.

وختم الأب أبي خليل قائلًا “متأكِّدٌ أنا أنَّ الله لا يقرأ الكتب … بل يقرأ القلب … كلُّ ديرٍ واحة رجاء، وكلُّ مساحةٍ حريَّة وطن“،  شاكرًا الله على نعمه وكلَّ مَن شرَّف بحضوره الندوة.

بعدها كانت مداخلةٌ للأب بطرس عازار عدَّد فيها مزايا المحتفى به وغزارة نتاجه الفكريِّ موجِّهًا له التهنئة بإسم الأباتي جوزف بو رعد رئيس عام الرهبنة الأنطونيَّة المارونيَّة.

وفي الختام قدَّم رئيس الدير الأب الياس شخطوره مع السيِّدَين رجا قرطباوي وطوني الياس الأشقر درعًا تكريميَّا للأب شربل أبي خليل، عربون وفاءٍ ومحبَّةٍ وتقديرٍ لعطاءاته، تبعه توقيع الكتاب للحاضرين مع ضيافةٍ بالمناسبة.

الأب الياس شخطورة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير