“عندما أرى امرأة، أفكّر بالعذراء، وأمجّد الله…
الله يتبارك في المرأة، وإليه أرفع أفكاري عندما أكون حيالها.”
أبونا يعقوب
إنّه أبونا يعقوب العفيف… إنّه صاحب الفضيلة الجميلة، فضيلة النفس الإنسانيّة البريئة، وصاحب النيّة الشّفّافة والطّاهرة… كان الكبّوشيّ حريصًا على العفّة، خاطب راهبة الصّليب قائلًا لها: “إنّك تحملين جواهر، خافي من اللّصوص، العفّة زنبقة زرعتها ملكة السّماء، لا تنمو إلّا على الصّليب. العفّة منبعها القلب، وهدفها الحبيب. لا تخافي من المبالغة في حبّك له، بل ضمّيه إلى صدرك، ولا تفلتيه. اقطفي يسوع، الذي قال عن ذاته إنّه زنبق الحقل.”
لأنّه عشق الحبيب… لأنّه أحبّ الصّليب، نظر إليه، حدّق، وأمعن، ورأى فيه كمال الجمال، ضمّه إلى صدره، ولم تحيَ نفسه ما يبعده عنه… لأجل ذلك كان عفيفًا، وأوصى بالعفّة. عرف كيف يحبّ، ومن يحبّ، فقاده إيمانه إلى عيش الفضيلة.
“أتريد أن تعرف نوع الحبّ الذي فيك؟ أنظر أين يقودك…” (القديس أغسطينوس)
حُبّ الرّبّ قاد الكبّوشيّ إلى أسمى الأهداف… إلى عيش النّعم في حقله القدّوس، حيث قطف الزّنبق، كما أوصى الرّاهبات، وعاش متنعّمًا بسلام القلب وفرح الرّوح وطهر النيّة…
فكّر بالعذراء، عندما كان يلتقي بامرأة، ومجّد الله. لم يرِدْ أن يحوّل وجهه عن النّظر إلى من يخاطبه من النّساء. بالنّسبة إليه المرأة هي ابنة الله، كما أنّ الرّجل هو ابن الله.
بارك اسم الرّبّ، في كلّ مرّةٍ قابل بها امرأة، وكلّمها… قدّس نيّته بتجريدها من كلّ سوء، لأنّه اعتبر أنّ الرّبّ يتمجّد بالمرأة فهي من خلقه الجميل، هي التي تتنفّس من روحه، وهي التي جبلت بفيض نعمه، وخلقت كالرّجل على صورته، ومثاله.
حسبنا أن ننظر إلى بعضنا نظرة حبٍّ مفعمة بطهر العفّة، وشفافيّة الإنسانيّة… حسبنا أن ننظر إلى بعضنا نظرة أخوّة، ومودّة، واحترام… فنحيا معًا، رجالًا كنّا أم نساء، بِنيّة سليمة لا يشوبها الخطأ، نحيا ساعين إلى تمجيد الرّبّ في كلّ لقاء يجمعنا، نلتقي مستمدّين روعة الحبّ من وجه المصلوب الحبيب. عندها نقطف من حقل الرّبّ زنابق الطّهر والإيمان والقداسة…