يا مريم، أمّنا، نحن هنا أمامكِ من جديد. أنتِ تعرفين الآلام والمصاعب التي تُثقل قلوبنا في هذه السّاعة. إنّا نرفع أنظارنا إليكِ، نَغِيبُ في ناظرَيْكِ، ونضع أنفسنا في قلبكِ.
أنتِ أيضًا، يا أُمَّنا، واجهتِ في الحياة شدائد صعبة ومخاوف كثيرة، وكنتِ في وجهها شجاعة وجريئة: سلّمتِ كلّ شيء إلى الله، وأجبتهِ بمحبّة، وقدّمتِ نفسك له دون تردّد. بمحبّة وقوّة وشجاعة، أسرعتِ لمساعدة أليصابات، وفي عرس قانا الجليل استجبتِ بسرعة لاحتياجات العروسَين، وعلى الجلجلة، أضأتِ بقوّة روحك، ليلة الألم بنور الرّجاء الفصحيّ. وأخيرًا، بحنان الأمّ، ملأتِ بالشّجاعة التّلاميذ الخائفين في العلّيّة، ومعهم قبلتِ عطيّة الرّوح القدس.
والآن نتوسّل إليكِ: تقبّلي صراخنا! نحن بحاجة إلى نظرك العطوف الذي يدعونا إلى الثّقة بابنك يسوع. أنتِ المستعدّة لحمل آلامنا معنا، تعالي واعضدينا في هذه الأوقات المثقلة بالمظالم وبالحرب المدمّرة. امسحي الدّموع على الوجوه المتألّمة للذين يبكون موتَ أحبّائهم، وأبنائهم، وأيقظينا من السّبات الذي أظلم مسيرتنا، وانزعي من قلوبنا أسلحة العنف، حتّى تتحقّق سريعًا نبوءة أشعيا: “فيَضرِبونَ سُيوفَهم سِكَكًا ورِماحَهم مَناجِل، فلا تَرفَعُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ سَيفًا، ولا يَتَعَلَّمونَ الحَربَ بَعدَ ذٰلك” (أشعيا 2، 4).
وجّهي نظرَكِ الوالديّ إلى العائلة البشريّة، التي فقدت فرح السّلام وأضاعت معنى الأخوّة. تشفّعي لعالمنا المعرّض للهلاك، لكي يحمِيَ الحياة ويرفض الحرب، ويعتني بالمتألّمين، والفقراء، ومن لا حامي لهم، والمرضى والمنكوبين، ويحمي بيتنا المشترك.
منكِ نطلب رحمة الله، يا سيِّدة السّلام! بدّلي نفوس الذين يغذّون الكراهية، وأسكتي ضجيج الأسلحة التي تولِّد الموت، وأطفئي العنف الكامن في قلب الإنسان، وألهمي الذين يحكمون العالم مشاريع سلام.
يا مريم، سيِّدة المسبحة الورديّة المقدّسة، فكّي عقد الأنانيّة وشتّتي سحب الشّرّ المظلمة. املئينا بحنانك، وأسندينا بيدك العطوفة، وامنحينا نحن أبناءكِ حنانك الوالديّ، فنمتلئ بالرّجاء بمجيء إنسانيّة جديدة حيث “… تَصيرُ البَرِّيَّةُ جَنَّةً، وتُحسَبُ الجنَّةُ غابًا، ويَسكُنُ الحَقُّ في البَرِّيَّة، ويَستَمِرُّ البِرُّ في الجنَّة، ويَكونُ عَمَلُ البِرِّ سَلامًا…” (أشعيا 32، 15-17).
يا أمّنا، يا ”خلاص الشّعب الرّوماني“ (Salus populi romani)، صلّي لأجلنا!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024
Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana