الفاتيكان على موعد مع وصول سِحر غرادو Grado وليدرو Ledro: فمغارة عيد الميلاد والشجرة لهذا العام تدمجان الإيمان بالجماعات، ضمن غنى تاريخيّ وطبيعي من منطقتَين صغيرتَين في شمال إيطاليا: غرادو في مقاطعة Gorizia وليدرو في مقاطعة Trentin Haut-Adige.
في التفاصيل التي أوردها القسم الفرنسي في زينيت، اجتمعت المدينتان لتقدّما كنزهما إلى أهمّ احتفالات المسيحيّة. فيما غرادو ستعرض تمثيلها المميّز لولادة يسوع، ستُقدّم ليدرو شجرة كبيرة من 29 متراً لمرافقة المغارة في ساحة القدّيس بطرس.
هذه السنة، لن تكون المغارة مجرّد تمثيل للميلاد، بل نافذة حقيقيّة تطلّ على الحياة في بحيرة غرادو، وهي منطقة غنيّة بالصَّيد والهندسة القديمة. وولادة المسيح ستجري في أحد أكواخ القصب التقليديّة، التي تأوي منذ قرون الصيّادين المحليّين. وستحمل المغارة المُشاهد إلى منظر حيّ ينقله إلى أولى سنوات القرن العشرين. هذا المشهد الميلادي يتميّز بأصالته، بدءاً من الخَضار وصولاً إلى العصافير، فيما كان صنع “الجزيرة والكوخ” جماعيّاً، نفّذه متطوّعون من غرادو: نجّارون وصيّادون وعمّال، في عمل فنّي يعكس الحبّ للجذور ويُعلن عن الإيمان.
نُشير هنا إلى أنّ المغارة هي نتيجة عمل دام 25 سنة على الجزيرة، حيث يُقام كلّ سنة معرض ميلاديّ يجمع مختلف المنظّمات المحلية والمتطوّعين.
مِن ليدرو إلى ساحة القدّيس بطرس: طريق شجرة هائلة
إنّ الشجرة الحمراء الكبيرة التي ستُزيّن ساحة القدّيس بطرس قطعت طريقاً طويلاً بدأ في غابات ليدرو. فهذه الشّجرة الصنوبريّة الكبيرة اختارتها سُلطات حراسة الغابات، وسيتمّ نقلها إلى قلب الفاتيكان لأجل الاحتفال بالميلاد.
بالنسبة إلى الخيار، لعبت الاستدامة دَوراً أساسيّاً، بما أنّ قطع شجرة واحدة لا يًؤثّر على النّظام البيئي المحلي في الغابة. وعدا عن الشجرة الأصليّة، سيتمّ إرسال أشجار أصغر حجماً ومُزيَّنة من قبل منظّمات وسكّان محليّين وجماعات قريبة، لتُعرَض في مختلف مباني ومكاتب الكرسي الرسولي، للمساهمة في جوّ العيد.
أمّا في 7 كانون الأوّل، وضمن الاحتفال التقليدي لإضاءة الشجرة وتدشين المغارة، فسيتمّ الكشف عن مغارة غرادو وشجرة ليدرو، على أن يترأس الاحتفال الكاردينال فرناندو فيرغيز ألزاغا، برفقة الأخت رافاييلا بيتريني وبحضور السُلطات ومَن جعلوا كلّ هذا ممكناً. ستبقى الشجرة والمغارة في مكانهما حتّى 12 كانون الثاني 2025، أي تاريخ الاحتفال بعِماد الربّ، ممّا يطبع نهاية زمن الميلاد. وحتّى ذاك التّاريخ، يمكن للملايين تقدير عظمة الشجرة وتفاصيل المغارة، اللتين تعكسان رحلة الوصل بين الماضي والحاضر، واللقاء بين التقليد والإيمان… بهدف إضاءة أطول ليالي الشّتاء.