خلال رحلاته الرسولية، غالباً ما يزور البابا فرانسيس إخوته اليسوعيّين خارج الاجتماعات الرسمية المقرّرة، ضمن خطوة أساسيّة بالنسبة إليه، لأنه يستطيع الإجابة عن الأسئلة بشكل غير رسمي والتكلّم في المواضيع التي تهمّه.
في 28 أيلول الماضي، كما أورد الخبر القسم الفرنسي من زينيت، تمكّن البابا من التحدّث مع 150 يسوعيّاً من بلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا، اجتمعوا في كلّية القدّيس ميشال في بروكسل. وتحدّث خلال هذا اللقاء عن عدّة مواضيع، أبرزها: التبشير في هذه البلدان الشديدة العلمانيّة، مساهمة المرأة في خدمة الكنيسة، السينودسيّة واللاجئين.
شجاعة النساء وتمييزهنّ ومواهبهنّ
طلب البابا بداية من اليسوعيّين أن يتحلّوا بالشجاعة للمخاطرة في التبشير، “الشجاعة للبحث عن الله في الصلاة والشجاعة للذهاب إلى الحدود. إنّه التأمّل حقّاً”. ودعاهم إلى البحث عن “ثقافة الإيمان”، ولكن بتمييز، لأنّ “الهواء الذي نتنفّسه هو إله وثني غازيّ! علينا أن نُبشّر بهذه الثقافة من خلال الشهادة والخدمة والإيمان. ويجب علينا أن نقوم بذلك من الداخل من خلال الصلاة… يجب أن نكون منفتحين وأن نتحاور. وفي الحوار، علينا أن نساعد بالبساطة”.
بعد ذلك، تطرّق البابا إلى موضوع المرأة التي لديها مواهب كثيرة لتقدّمها للكنيسة. “أكرّر غالباً أنّ الكنيسة امرأة”. وبرأيه، تتولّى المزيد من النساء المهام المهمّة في الفاتيكان، مثل المساعِدة الحالية لدائرة التنمية البشرية المستدامة، أو مساعِدة دائرة الكهنة أو مساعِدة دائرة الاقتصاد. وأضاف: “في “فريق” تعيين الأساقفة، هناك ثلاث نساء. ومنذ وجودهنّ لاختيار المرشّحين، فإنّ الأمور أفضل بكثير: لديهنّ أحكام واضحة…” وعقّب قائلاً: “التقيتُ ذات مرة بالرئيسة أورسولا فون دير لاين. كنّا نتحدث عن مشكلة محدّدة فسألتها: “كيف تحلّين هذا النوع من المشاكل؟” فأجابت: “كما نفعل نحن الأمّهات”. وإجابتها جعلتني أفكّر كثيراً…”
Le pape est intervenu en présence du cardinal jésuite Michael Czerny, préfet du Dicastère pour le développement humain intégral (au milieu) © Vatican Media
الملك بودوان والسينودسيّة واستقبال المهاجرين
دائماً خلال اللّقاء، تحدّث البابا فرنسيس بسرعة ولكن بوضوح، عن دعوى تطويب وإعلان قداسة الملك بودوان: “سيتمّ عرض دعوى الملك بودوان، وقد فعلت ذلك بشكل مباشر، لأنه يبدو لي أننا لن نسير في هذا الاتجاه هنا”.
كما وتناول الحبر الأعظم مسألة السينودسيّة وهي مهمّة، حتى لو لم تكن سهلة. “السينودسيّة يجب أن تُبنى من الأسفل إلى الأعلى، وليس العكس. السينودسيّة في الكنيسة نعمة! والسُلطة موجودة في السينودسيّة. إنّ المصالحة تمرّ بالسينودسيّة وبطريقتها. ومن ناحية أخرى، لا يمكننا أن نكون كنيسة سينودسيّة بدون مصالحة”.
وأخيراً، تحدّث البابا فرنسيس عن المهاجر الذي يجب أن يتمّ “الترحيب به ومرافقته وتعزيزه وإدماجه. لا يجوز أن ينقص أيّ من هذه الأربعة، وإلّا فسنواجه مشكلة خطيرة. فالمهاجر الذي لا يندمج ينتهي به الأمر بشكل سيّىء، وكذلك المجتمع الذي يجد نفسه فيه”. ثم أعطى البابا مثال الهجوم على مطار زافنتيم سنة 2016، الذي نفّذه في بلجيكا إرهابيّان من تنظيم الدولة الإسلامية، وأودى بحياة 16 شخصاً: “هذه المأساة هي أيضاً نتيجة الافتقار إلى الإدماج”.
في النهاية، وقبل رحيله، تحدّث البابا عن أهمية إنجاب الأطفال، وهو موضوع سبق أن تطرّق إليه في لوكسمبورغ: “لم تعد أوروبا لديها أطفال، إنها تتقدّم في السنّ. وهي تحتاج إلى المهاجرين لتجديد نفسها. لقد أصبح الأمر مسألة بقاء”.