تحتفل الكنيسة في السابع والعشرين من شهر نوفمبر / تشرين الثاني بعيد الايقونة المقدسة ، لقد ظَهَرَتْ سيِّدَةُ الْحَبَلِ بلا دَنَسٍ بين ١٨ و ١٩ يوليو / تَمُّوز سنة ١٨٣٠ للرَاهبةِ القدِّيسةِ، ” كاترين لابُوريه” ، وهي راهبةٌ من رهبانية الْمَحبَّة .
” ها هي العذراء مريم “
بعد ظهور العذراء مريم للراهبة كاترين لابوريه ، رَوَتِ الأخيرة الظُهُورَ كالآتِي : ” عندَ السَاعةِ الحاديةَ عَشْرَةَ والنِصْفِ ليلاً، سَمِعْتُ صَوْتًا يُنادينِي بٱسْمِي . إستيقَظْتُ ونَظَرْتُ من حيثُ يأتِي الصَوْتُ ، وأَزَحْتُ السِتَارَ فرأَيْتُ وَلَداً بِرِداءٍ أبيضَ ، عُمرُهُ بين أربعٍ وخَمْسِ سَنَواتٍ . قالَ لي : ” ٱنْهَضي بسرعةٍ وتعالَي إلى الكنيسةِ، فالعذراءُ تنتظِرُكِ! ” ، تَبِعْتُهُ ، وكانَ يَنشُرُ النُورَ حولَهُ أينما حَلَّ…
مُفاجَأَتِي الكُبرى كانت عند دُخُولي الكنيسةَ ، إذ ٱنفتَحَ البابُ الكبيرُ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ الملاكِ له. ولكنِّي لَمْ أَكُنْ أَرَى العذراءَ. فقادَنِي الصَبيُّ إلى الدَاخِلِ بالقُربِ من كُرسِيِّ الأبِ الرَئيسِ قُربَ المذبحِ . فسَجَدْتُ له ، وبَقِيَ هو واقِفاً بالقربِ منِّي . كُنْتُ أَشْعُرُ بِطُولِ الوقت … وأخيراً ، أَتَتِ السَاعةُ ، فأَعْلَمَني الملاكُ قاتلاً : ” ها هي العذراءُ القدِّيسةُ ، ها هي ! ” فَسَمِعْتُ حَفيفَ رِداءٍ من حريرٍ، من ناحيةِ الْمِنَصَّةِ ، يأتِي ويَجلِسُ على كُرسِيٍّ على دَرجاتِ المذبح المقدس … شَكَكْتُ في أن تكونَ العذراء مريم ، ولكنَّهُ الملاك ، قالَ لي : ” ها هي العذراءُ القدِّيسةُ ” . في ذلكَ الوقتِ صعب عليَّ وصف شعوري والتعبير عنها ، وكأنِّي لا أَرَى العذراءَ مريم . فَرَدَّدَ الولَدُ قائلاً : ” ها هي العذراءُ ” . وكانت كاترين لا تستَوْعِبُ شيئاً وبقيت على بُعْدٍ . عندَها عَلا صَوْتُ الوَلَدِ بِنَبْرَةِ رَجُلٍ !!! فَنَظَرْتُ لقديسة كاترين إلى العذراءِ ، وقالت: لما رأيت العذراء مريم ، ما كان منِّي إلاَّ أن قَفَزْتُ نَحوَها ورَكَعْتُ على دَرَجاتِ المذبحِ وأَتْكَأْتُ يَدَيَّ على رُكبَتَيها . هُنا قَضَيْتُ أَجْمَلَ وأَعْذَبَ وَقْتٍ في كُلِّ حَياتِي ، ويستَحيلُ عَلَيَّ وَصْفُ هذا المشهد الرائع”.
رسالةُ العذراءِ مريمَ للقدِّيسةِ كاترين لابُوريه :
قالَتِ العذراءُ لكاترين : ” اللهُ يُريدُ أن يُحَمِّلَكِ رسالةً … ستَتَحَمَّلينَ الْمَشَقَّاتِ وستُضطَهَدِينَ. ولكنَّكِ ستَحصَلينَ على النِعمة. لا تَخَافِي . قُولِي كلَّ شيءٍ بثِقَةٍ وبَساطَةٍ. ثِقِي ، و لا تَخافِي”.
غَرِقَتِ العذراءُ في حُزنٍ كبيرٍ وقالت لِكاترين : ” ستَكُونُ الأزمنةُ سيِّئةً. ستَحِلُّ الْمَآسي على فرنسا. سيسقُطُ العرشُ. ستَحِلُّ على العالَمِ بأَسْرِهِ كلُّ أنواعِ الشُرور “. ولكنَّ العذراءَ أرشدَتْ بِحِكْمَتِها الأزليَّةِ القدِّيسةَ كاترين ، ومن خلالِ كاترين إلى كُلَّ العالَم … أرشدنها إلى طريقِ الملكوتِ والانتصارِ الْحَتمِيِّ على قِوَى الشَرِّ والظَلامِ قائلةً: ” تعالَي إلى أقدامِ الْمَذبَحِ. هنا ستَفيضُ النِعَمُ على جَميعِ طالِبيها بثِقَةٍ وحَرارةٍ ، كِبارًا وصِغاراً “.
وتابَعَتِ العذراءُ كَلامَها حَوْلَ الشُرورِ الْمُقبِلةِ على البشريَّة، وقالت : ” يا ٱبنَتِي، سيَتَعَرَّضُ الصَليبُ للإهانةِ والازدِرَاءِ وسيُرمَى على الأرض. سيَفتَحُونَ قلبَ سيِّدِنا المسيحِ من جديدٍ، وستَجري الدِماءُ وستَمتَلِئُ الشَوارِعُ بالدَمِ … يا ٱبنَتِي، سيَكُونُ العالَمُ كلُّه في حزن ” .
الأيقونة العجائبية :
وفي ٢٧ نوفمبر / تشرين الثاني من سنة ١٨٣٠ ، ظَهَرَتْ العذراء مريم سيِّدَةُ الْحَبَلِ بلا دَنَسٍ للمرَّةِ الثانيةِ للرَاهبةِ كاترين ، فوَصَفَت كاترينُ العذراءَ كما يلي : ” رأيتُ العذراءَ للمرَّةِ الثانيةِ واقفةً ، لِباسُها أبيضُ ، طُولُها متوسِّطٌ ، وَجهُها رائعٌ ، يستحيلُ عَلَيَّ وصفُ جَمالِها . وتابعت تقول : ” كانتِ العذراءُ تَحمِلُ بين يدَيْها كُرَةً ذهبيَّةً يعلُوها صليبٌ . كانت تَحمِلُها دُونَ تَعَبٍ وعَيْنَاهامرتفعة نَحو السَماء . إنَّها تُقَدِّمُ الكرة إلى اللهِ ثُمَّ سَمِعْتُ صوتاً يقول : ” هذهِ الكُرَةُ تُمثِّلُ العالَمَ بأَسْرِهِ ، وتُمثِّلُ كُلَّ إنسانٍ بِمُفرَدِهِ ” . فجأةً، ٱمتلأتْ أصابعُ العذراءِ بالْخَواتِمِ الْمُرَصَّعةِ بالْحِجَارةِ الكريْمَةِ ، أَشِعَّتُها تتلألأُ برَّاقةً ساحرةً.
في ذلك الوقتِ سَمِعْتُ صوتاً يقولُ لي : ” هذهِ الأشعَّةُ تَرمزُ إلى النِعَمِ الَّتي تنالُها العذراءُ للَّذينَ يطلُبونَها ” . أخيراً رأيتُ بعضاً من الحجارةِ الكريْمةِ مُنطَفِئَةً أَشِعَّتُها. كانت رمزاً للنِعَمِ الَّتي يَنْسَى أن يَطلُبَها الناسُ من مريَمَ . ثُمَّ تَكَوَّنَ إطارٌ ذهَبِيٌّ بشكلِ أيقونةٍ كُتِبَ عليه بأحرُفٍ ذهبيَّةٍ : ” يا مريَمُ الَّتي كُوِّنَت بلا خطيئةٍ ، صَلِّي لأجلِنا نَحنُ الْمُلتَجِئينَ إليكِ “.
وٱستطاعَتِ القدِّيسةُ كاترين أن تَرى على الجهَةِ الثانيةِ من الأيقونةِ حرفَ ” أم M (ميم باللغة الفرنسية ) مُركَّزًا عليه الصَليبُ المقدس، وفي الأسفَلِ رأت قلبَيْ يسوعَ ومريَمَ الأقدَسَيْنِ . وسَمِعَتْ صوتاً يقولُ لَها :
“إطبَعِي أيقونةً بِهذا الشكلِ . كلُّ مَنْ يَلبَسُ هذهِ الأيقونةَ بثقةٍ ، ويُعلِّقُها بشكلٍ خاصٍّ في عُنْقِهِ، ويُصلِّي بتَقْوًى هذِهِ الصَلاةَ القصيرةَ ” يا مريم التي حُِلَ بها بلا خطيئة ، صلي لأجلنا نحن الملتجئين إليكِ ” يَنالُ حِمَايةً خاصَّةً ونِعَماً غزيرة “.