“تقاليدنا الدينية هي وسيلة للتغلّب على ثقافة الفردية والإقصاء واللامبالاة والعنف”، هذا ما أكّده البابا لمناسبة مرور مئة عام على جمع سري نارايانا جورو ممثلي جميع الأديان في الأشرم الخاص به لاختبار العلاقات الأخوية في الهند.
وقد بيّن البابا فرنسيس ذلك مرة أخرى من خلال استقباله في الفاتيكان، في 30 تشرين الثاني، المشاركين في اجتماع نظمته المؤسسة الهندية سري نارايانا جورو، وهي جمعية تواصل عمل زعيم هندوسي عظيم كان لديه الحدس منذ قرن مضى، لجمع ممثلي الديانات المختلفة في الأشرم.
أصبح هذا الاجتماع – الذي تم تنظيمه في العام 1923، في الوقت الذي اهتزت فيه ولاية كيرالا بتوترات خطيرة بين الجماعات الدينية – تقليدًا يتكرر كل عام، وبمناسبة الذكرى المئوية، وبالتعاون مع دائرة الحوار بين الأديان، تم طرح الفكرة لتبنّيه في الفاتيكان.
وكان هذا الحدث فرصة لإعادة اكتشاف شخصية سري نارايانا جورو (1856-1928)، الهندوسيّ الذي كرّس حياته لمحاربة النظام الطبقي. في العام 1925، زار غاندي الأشرم الخاص به وأعجب بالمكان الذي درس فيه أطفال الداليت الأوبنشاد مثل أي شخص آخر. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مسألة النظام الطبقيّ عنصرًا مهمًا في اقتراحه السياسي.
“وذكر البابا فرنسيس أثناء استقبال المشاركين في الاجتماع بين الأديان الذي نظمته المؤسسة – أنّ سري نارايانا غورو كرّس حياته لتعزيز الإنقاذ الاجتماعي والديني برسالته الواضحة التي تفيد بأنّ جميع البشر، بغض النظر عن عرقهم أو تقاليدهم الدينية والثقافية، هم أعضاء في الأسرة الإنسانية الواحدة”. وشدد على أنه لا ينبغي تمييز أي شخص بأي شكل من الأشكال وعلى أي مستوى كان. وتأتي رسالته في الوقت المناسب في عالم اليوم، حيث نشهد تصاعدًا في التعصب والكراهية بين الناس والأمم. ولسوء الحظ، فإنّ مظاهر التمييز والإقصاء والتوترات والعنف على أساس الاختلافات في الأصل العرقي أو الاجتماعي واللون واللغة والدين هي تجربة يومية يخوضها العديد من الأفراد والمجتمعات، ولا سيما الفقراء والضعفاء ومن لا صوت لهم.
ثمّ سلّط البابا فرنسيس الضوء على قرب رسالة سري نارايانا جورو من وثيقة أبو ظبي لعام 2019 وإعلان الاستقلال الأخير، الذي نُشر في أيلول خلال رحلته إلى إندونيسيا، والوثائق التي وقّعها مع ممثلي العالم الإسلامي والتي تضع الأخوّة في قلب الحوار بين الأديان.
وأضاف: “كلّ الأديان تعلّم الحقيقة الأساسية ألا وهي بأننا أبناء الله ويجب أن نحبّها ونكرّمها، وأن نحترم التنوّع والاختلافات بروح الأخوّة والشمل من خلال الاعتناء ببعضنا البعض واحترام الأرض، بيتنا المشترَك. إنّ ما نعيشه اليوم من قلّة احترام الأديان هو خير دليل على ذلك”.
وأضاف أنّ معاصرينا لن يعيدوا اكتشاف قيمة التعاليم النبيلة للتقاليد الدينية إلا إذا سعينا إلى عيشها وإقامة علاقات أخوية ووديّة مع الجميع، بهدف تعزيز الوحدة في التنوّع، وضمان التعايش المتناغم بين الاختلافات…
وختم: “هكذا يمكننا المساهمة في التغلّب على ثقافة الفردية والإقصاء واللامبالاة والعنف التي تنتشر للأسف”.