“مع أنّ لبنان مملوءٌ صخورًا، نلاحظ أنّه حيثما وُجِدَ ترابٌ فالأرض مخصبة، تنبت أرزات خشبها أشدّ صلابةً من الحديد. هذه الأرزات تمثّل راهبات الصّليب.”
أبونا يعقوب
طوبى لأرضٍ تثمرُ الإيمان، والرّجاء، والرّحمة…
طوبى لك يا لبنان، لأنّ “أبونا يعقوب” رفع اسمك عاليًا، من خلال سبحةٍ حملها، وترنيمةٍ أنشدها، وخدمةٍ عاشها، ومريضٍ حمله، وبلسم جراحه، ومواطنٍ محتاجٍ إلى ابتسامة رحمة، ومعلّمٍ زوّده بأمثولةٍ أمل، ورجاء، وطفلٍ أمسك بيده، وصلّى برفقته، وغذّاه بفرح الكلمة، وبزاد الإفخاريستيّا…
طوبى لك يا لبنان… لأنّ “أبونا يعقوب” ردّ كرامة مواطنيك، وصانهم، وحماهم، وأسّس جمعيّة راهبات الصّليب، بناته، بنات لبنان…
أعطاهنّ نهج حياةٍ، على غرار معلّمه فرنسيس، ذاك النّهج الّذي حافظت عليه القدّيسة “كلارا”.
“بما أنّكنّ، بإلهامٍ إلهيّ، جعلتنّ من ذواتكنّ بناتٍ، وإماء للملك العليّ، والأسمى، الأب السّماويّ ، وصرتنّ عروسات الرّوح القدس، باختياركنّ العيش، وفقًا لكمال الإنجيل المقدّس، أريد، وأعد باسمي، وباسم إخوتي، أن أعتني دائمًا عنايةً ودّيّةً، وأن أهتمّ اهتمامًا خاصًّا بكنّ، مثلما أعتني، وأهتمّ بهم.”
راهبات يعشن الخدمة، والفرح، والعطاء، ويكملن المسيرة، حاملات سبحة يعقوب، وناشرات طيوب مبخرته، أينما حللن… نراهنّ حتّى اليوم، بين المرضى، وفي المدارس، وفي الكنائس، والأديرة، نراهنّ فرحاتٍ يَسِرْن درب يعقوب، يسرن نحو فرح اللّقاء بالرّبّ…
اعتبر الكبّوشيّ الرّاهبات فخر لبنان، سلاحهنّ الصّليب، فالرّبّ أسّس الجمعيّة، وهو وحده يعرف كيف يدبّر حاجاتها. ورأى فيهنّ قوّته الماديّة، والرّوحيّة. فالعناية الإلهيّة، وضعتهنّ في خدمة المشاريع الوطنيّة، والإنسانيّة المتألّمة “لولا الرّاهبات لكنت وقفت في نصف الطّريق، وما تمكّنت من متابعة هذه الأعمال الجبّارة، التي هي فخر الكنيسة، ولبنان”.
لطالما صلّى، وردّد” يا ربّ، أنت حفظت أرز لبنان، احفظ هذه الرّهبانيّة.”
نعم… إنّها العناية الإلهيّة التّي لا تخيّب من يرجوها…
إنّه النّور الإلهيّ الذي أنار درب “أبونا يعقوب”، وأرشده، نراه اليوم ينشر ضياءه في قلوب الرّاهبات، ويترك بريقه شعاع جمالٍ في ابتسامة كلّ منهنّ…
على خطى يعقوب، وبناته الرّاهبات، نودّ أن نسير… أيّتها العناية الإلهيّة، زوّدينا بالقوّة، لأنّنا نريد حقًّا أن نسير على درب القداسة، أن نسير، وسبحة الصّلاة بين أيدينا، والصّليب يلتمع وهج خدمةٍ، وفرحٍ، وحبٍّ، على صدورنا…