في دمشق، تدير الأخت جيهان مدرسة الرياحا، أكبر مدرسة مسيحية في العاصمة، حيث يبلغ عدد طلابها 1600 طالب، والذين يتلقّون غالبية تعليمهم في المؤسسة من سن الثالثة حتى بلوغهم الثامنة عشرة. في كل عام، في عيد الميلاد، تكون الطقوس هي نفسها، وتُمارس جيدًا. نقوم بتزيين الصفوف والممرات، ونصنع مغارة وقبل كل شيء، نحتفل ونمضي الوقت مع الآخرين في اليوم الأخير قبل العطلة.
لذلك، بينما ينشغل الصغار بالغناء في الصفّ، ينظم الكبار عمليات إنسانية في أحيائهم، ويقدمون المساعدة للأشخاص المعزولين أو الضعفاء.
الاستعداد لعيد الميلاد
إنّ أحداث مطلع كانون الأول وسقوط النظام غيّرت العادات بعض الشيء هذا العام. وكانت الاستعدادات لعيد الميلاد جارية على قدم وساق، ولكن اضطرت المدرسة إلى إغلاق أبوابها لمدة 10 أيام لأسباب أمنية. ويخشى الجميع من اندلاع أعمال عنف أو قتال بين الجيش وقوات المتمردين في العاصمة.
تقول الأخت جيهان عطا الله، من راهبات المحبة ومديرة المدرسة، “إننا نغني، ونرقص، “ونقوم أيضًا بأعمال إنسانية”. في الواقع، يتم دعوة الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الحفلة ويقدم الطلاب أيضًا الدعم للأشخاص المعزولين أو الضعفاء. وعلى الرغم من الاضطرابات، فإنّ الأخت جيهان سعيدة لأنها تمكنت من جعل الطلاّب يشعرون “بالفرح والأمل مع معلّميهم”. وعندما سُئلت عما إذا كان لديها أسباب أخرى للشعور بالأمل هذا العام، أجابت بصراحة: “بدون الرجاء، لن تكون هناك حياة. وخاصة أننا، كشعب سوري، مررنا بالكثير من التحديات: الحروب والزلازل وأشياء كثيرة. والرجاء كان يمدّنا بالقوّة على الدوام. ولم تخفِ قلقها على المستقبل: «هذه الفترة غامضة بعض الشيء. وهذا سبب آخر للعيش في الرجاء، بثقة في الله وحده.
المغفرة للبنيان من جديد
إذا كان من الضروري تحديد الأولويات، فإنّ الأخت جيهان واضحة. بالنسبة إليها، لدى جميع السوريين دور يلعبونه في إعادة إعمار البلاد. لكنّ “الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها الآن في سوريا هي التسامح” (…) إنّ تحقيق العدالة أمر متروك للقانون، ولا ينبغي لأحد أن يستسلم للانتقام الذي قد يُغرق البلاد في حرب جديدة لا يستطيع السوريون تحملها حيث يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر ويطمحون إلى مستقبل أفضل. علاوة على ذلك، تفكّر الأخت جيهان بهؤلاء الأشخاص الذين يعانون من ضائقة كبيرة: “أنا على اتصال مع عائلات فقيرة جدًا، والتي عانت كثيرًا وما زالت تعاني لأنّ الحياة لا تزال صعبة للغاية”. وتتمنى الراهبة “حياة أكثر كرامة” لجميع هؤلاء الناس و”الحق في التعليم”.