أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أحد مُبارك!
نحتفل اليوم بعيد عائلة النّاصرة المقدّسة. يروي لنا الإنجيل أنّ يسوع، وهو في الثّانية عشرة من عمره، فقده مريم ويوسف، في نهاية حجّهم السّنوي إلى أورشليم، ثمّ وجدوه بعد ذلك في الهيكل يناقش العلماء (راجع لوقا 2، 41-52). لوقا الإنجيليّ يبيّن حالة مريم النّفسيّة التي قالت ليسوع: “يا بُنَيَّ، لِمَ صَنَعتَ بِنا ذلك؟ فأَنا وأَبوكَ نَبحَثُ عَنكَ مُتَلَهِّفَيْن” (الآية 48). فأجابها يسوع: “ولِمَ بَحَثتُما عَنِّي؟ أَلم تَعلَما أَنَّه يَجِبُ عَلَيَّ أَن أَكونَ عِندَ أَبي” (الآية 49).
قد تكون خبرة معتادة لعائلة تمرّ بأوقاتٍ هادئة وأُخرى صعبة. تبدو وكأنّها قصّة أزمة عائليّة في أيّامنا هذه، لمُراهقٍ صعب ووَالدَين لا يستطيعان أن يَفهَمَاه. لنتوقّف وننظر إلى هذه العائلة. هل تعلمون لماذا تُعتبر عائلة النّاصرة نموذجًا؟ لأنّها عائلة يتحاوَر أفرادها ويصغون بعضهم إلى بعض ويتكلّمون بعضهم مع بعض. الحِوار هو عنصر مهمّ في العائلة! العائلة التي لا يتواصل أفرادها في ما بينهم، لا يمكنها أن تكون عائلة سعيدة.
جميل عندما تبدأ الأمّ بالسّؤال بدل أن تبدأ باللَوم. مريم لم تتَّهِم ولم تَحكُم، بل حاولت أن تفهم كيف تتعامل مع هذا الابن المختلف بالإصغاء إليه. وعلى الرّغم من جهدها هذا، يقول الإنجيل إنّ مريم ويوسف “لَم يَفهَما ما قالَ لَهما” (الآية 50)، ما يدلّ على أنّ الإصغاء في العائلة أهمّ من الفَهم. الإصغاء هو أن نعطي أهمّيّة للآخر، ونعترف بحقّه في الحياة والتّفكير باستقلاليّة. الأبناء يحتاجون إلى ذلك. فكّروا جيّدًا أيّها الوالدون، وأصغوا إلى احتياجات أبنائكم!
الأوقات المميّزة للحوار والإصغاء في العائلة هي أوقات تناول الطّعام. جميل أن نكون معًا على المائدة ونتكلّم. فذلك يمكن أن يحلّ مشاكل كثيرة، وقبل كلّ شيء ذلك يوحّد الأجيال: الأبناء يتكلّمون مع الآباء، والأحفاد يتكلّمون مع الأجداد… يجب ألّا ننغلق أبدًا على أنفسنا، أو أسوأ من ذلك، أن ننشغل بالهاتف المحمول. أن نتكلّم ونُصغي بعضنا إلى بعض، هذا هو الحوار الذي يفيدنا ويجعلنا ننمو!
عائلة يسوع ومريم ويوسف هي عائلة مقدّسة. ومع ذلك، رأينا هنا أيضًا أنّ والدَي يسوع لم يفهماه دائمًا. يمكننا أن نفكّر في ذلك، ولا نندهش إن حصل لنا أحيانًا في العائلة أنّنا لا نفهم بعضنا بعضًا. عندما يحدث لنا ذلك، لنسأل أنفسنا: هل نصغي بعضنا إلى بعض؟ هل نواجه المشاكل بالإصغاء بعضنا إلى بعض، أم ننغلق على أنفسنا في الصّمت، وأحيانًا في الضّغينة، والكبرياء؟ هل نخصّص وقتًا للحوار؟ ما يمكننا أن نتعلّمه اليوم من العائلة المقدّسة هو الإصغاء المُتبادَل.
لنوكل أنفسنا إلى سيّدتنا مريم العذراء ولنطلب لعائلاتنا عطيّة الإصغاء.
صلاة الملاك
بعد صلاة الملاك
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!
أوجّه تحيّة حارّة لكم جميعًا، سكَّانَ روما والحجّاج إلى روما. وأوجّه اليوم تحيّة خاصّة إلى العائلات الحاضرة هنا وإلى تلك التي ترافقنا من بيوتها عبر وسائل التّواصل. العائلة هي خليّة المجتمع، وهي كنز ثمين يجب سنده وحمايته!
أفكّر في العائلات العديدة في كوريا الجنوبيّة التي تشعر بالحزن اليوم بعد حادث تحطّم الطّائرة المأساوي. أشارك في الصّلاة من أجل النّاجين والموتى.
ولنصلِّ أيضًا من أجل العائلات التي تتألّم بسبب الحروب: في أوكرانيا المعذّبة، وفلسطين، وإسرائيل، وميانمار، وفي السّودان، في كِيفُو الشّماليّة، لنصلِّ من أجل جميع هذه العائلات التي تعيش حالة حرب.
وأتمنّى لكم جميعًا أحدًا مباركًا ونهاية سنة مطمّئنة. ومن فضلكم، لا تنسَوْا أن تصلّوا من أجلي. غداءً هنيئًا وإلى اللقاء!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024
Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana