Le Pape pendant l'Angelus du 25-08-2024 @ Vatican Media

البابا سائق في الولايات المتّحدة؟؟ ثمّة إيمان في حسّ الفكاهة

مقالة للحبر الأعظم في نيويورك تايمز

Share this Entry

في 17 كانون الأوّل 2024، نشرت “نيويورك تايمز” مقالة كتبها البابا فرنسيس في صفحة “الرأي الخاصّ”، كما أورد الخبر القسم الفرنسي من زينيت. يتعلّق الأمر باقتباس كتابه (سيرته الذاتيّة) الذي يحمل عنوان “الرّجاء”.

مِن أبرز ما جاء في المقالة: “لا شك أنّ الحياة لها أحزان تشكّل جزءاً من كلّ طريق رجاء وكلّ طريق ارتداد. ولكن من المهمّ أن نتجنّب بأيّ ثمن الانغماس في الحزن، حتّى لا نتركه يؤثّر على القلب. وهذه هي الإغراءات التي لا يسلم منها حتّى رجال الدين. وأحياناً، للأسف، نبدو ككهنة مريرين وحزينين، أكثر استبداداً من كوننا مسؤولين، أكثر عزوبيّة من كوننا متزوّجين من الكنيسة، موظّفين أكثر من كوننا رعاة، أكثر غطرسة من كوننا فرحين، وهذا لا يجوز. لكن، بشكل عامّ، نميل نحن الكهنة إلى الاستمتاع بالفكاهة وحتى أنّنا نتمتّع بمخزون كبير من النكات والقصص المضحكة التي نُخبرها والتي نكون أيضاً موضوعها. قال البابا يوحنا الثالث والعشرون، الذي كان معروفاً بحسّ الفكاهة: غالباً ما أبدأ في المساء في التفكير في عدد معيّن من المشاكل الخطيرة. فأتّخذ قراراً شجاعاً وحازماً بالذّهاب في الصباح للتحدّث مع البابا. ثمّ أستيقظ وأنا متعرّق وأتذكّر أنّ البابا هو أنا”!

وأضاف الحبر الأعظم: “كم أفهمه جيّداً. ويوحنا بولس الثاني كان في نفس الحالة الذهنيّة إلى حدّ كبير. فخلال إحدى جلسات الكونكلاف، عندما كان لا يزال الكاردينال فوتيلا، جاءه أحد الكرادلة الأكبر سنّاً والأكثر صرامة لتوبيخه بسبب ممارسته التزلّج وتسلّق الجبال وركوب الدرّاجات والسباحة قائلاً: “لا أعتقد أنّ هذه الأنشطة تتوافق مع دورك”؛ ليُجيبه البابا المستقبلي: “لكن هل تعلم أنّ هذه الأنشطة يمارسها في بولندا ما لا يقلّ عن 50% من الكرادلة؟” في ذلك الوقت لم يكن هناك سوى كردينالَين في بولندا!

إنّ السخرية هي علاج، ليس فقط لرفع معنويات الآخرين، بل ومعنوياتنا أيضاً، لأنّ السخرية من الذات هي أداة قويّة للتغلّب على إغراء النرجسيّة… وهذا يُثبت صحّة المثل القائل بإنّ هناك نوعين من الناس الكاملين: الأموات، والأجنّة. أمّا بالنسبة إلى خطر النرجسية، والذي يجب تجنّبه بجرعات مناسبة من السخرية الذاتية، فأنا أتذكّر ذلك اليسوعي المغرور إلى حدّ ما والذي كان يعاني من مشكلة في القلب وكان لا بدّ من علاجه في المستشفى. قبل أن يدخل غرفة العمليات، سأل الله: “يا رب، هل أتت ساعتي؟” فأجابه الله: “لا، سوف تعيش أربعين سنة أخرى على الأقلّ”. بعد العملية، قرّر الاستفادة قدر الإمكان وقام بزراعة الشعر، وشدّ الوجه، وشفط الدهون، والحواجب، والأسنان… باختصار، خرج متحوّلاً. وعند خروجه من المستشفى صدمته سيّارة ممّا أدّى إلى وفاته. وبمجرّد ظهوره أمام الله، احتجّ: “يا رب، لقد قلت لي إنّني سأعيش أربعين عاماً أخرى!” فأجابه الله: “آسف، لم أعرفك.”

ثمّ أضاف البابا: “قيل لي شيء يخصّني بشكل مباشر، وهو ما حدث مع البابا فرنسيس في الولايات المتّحدة الأميركيّة: عند وصوله إلى مطار نيويورك في رحلته الرسوليّة، وجد البابا فرنسيس سيّارة ليموزين ضخمة في انتظاره. فشعر بالانزعاج قليلاً من الفخامة، لكنّه فكّر في نفسه أنّه لم يقد سيّارة منذ زمن طويل، ولم يسبق له أن قاد سيّارة مثل هذه. ثمّ نظر إلى الليموزين وقال للسائق: “لا يمكنك أن تسمح لي بمحاولة القيادة، أليس كذلك؟” “اسمع، أنا آسف حقّاً، يا صاحب القداسة، لكنّني حقّاً لا أستطيع. هناك قواعد وأنظمة…” “لكنك تعرف ما يُقال، عندما يكون أمر ما في ذهن البابا”… وبقي يصرّ، حتّى استسلم السائق. فجلس البابا فرنسيس خلف المقود، على إحدى الطرقات السريعة، وبدأ في الاستمتاع بالضغط على دوّاسة الوقود، والقيادة بسرعة 80، 120… حتى سمع صفّارة إنذار. توقّفت سيارة شرطة بجانبه، واقترب شرطيّ شاب من النافذة التي فتحها البابا بتوتّر. هنا، أصبح وجه الشرطي شاحِباً واتّجه إلى سيّارته ليتّصل بالمقرّ الرئيسي. “سيّدي، أعتقد أنّ لديّ مشكلة. أوقفت سيّارة بسبب السرعة، لكن يوجد رجل مهمّ جدّاً بداخلها.” “مهمّ إلى أيّ درجة؟ هل هو رئيس البلدية؟” “لا، لا، أكثر من رئيس البلدية.” “أكثر من رئيس البلدية، مَن هو؟ المحافظ؟” “لا، لا، أكثر.” “ولكن لا يمكن أن يكون الرئيس؟” “أكثر، على ما أعتقد”. “ومَن يمكن أن يكون أكثر أهمية من الرئيس؟” “أنا لا أعرف بالضبط من هو، الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أخبرك به هو أنّ سائقه هو البابا!”

“إنّ الإنجيل الذي يحثّنا على أن نصبح مثل الأطفال من أجل خلاصنا (متى 18: 3)، يذكّرنا بأننا يجب أن نكتشف من جديد القدرة على الابتسام. اليوم، لا شيء يُسعدني مثل لقاء الأطفال. في صغري، كان هناك من علّمني كيف أبتسم، ولكن الآن بعد أن كبرت، أصبح الأطفال في كثير من الأحيان هم مرشديّ. اللقاءات معهم هي التي تُحمّسني أكثر من غيرها. ثمّ هناك اللقاءات مع كبار السنّ: إنّهم مَن يُباركون الحياة، مَن يضعون جانباً كلّ الاستياء، مَن يفرحون بالنبيذ الذي أصبح جيّداً على مرّ السنين، هؤلاء الذين لا يُقاوَمون. إنهم يمتلكون موهبة الضحك والدموع، مثل الأطفال. عندما أحمل الأطفال بين ذراعيّ أثناء المقابلات في ساحة القدّيس بطرس، يبتسم معظمهم؛ لكنّ الآخرين عندما يرونني أرتدي اللون الأبيض، يعتقدون أنني الطبيب الذي جاء ليعطيهم حقنة، فيبكون. إنّهم أمثلة على العفويّة والإنسانيّة، وهم يذكّروننا بأنّ مَن يتخلّى عن إنسانيّته يتخلّى عن كلّ شيء؛ وأنّه عندما يصبح من الصعب البكاء بجدية أو الضحك بشغف، فإننا نكون حقّاً على منحدر هابط. نحن كَمَ، يُعطي البنج لنفسه ويتخدّر. والمُخدَّرون لا يخدمون أنفسهم، أو المجتمع، أو الكنيسة”.

Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير