Priest - Pixabay - CC0 PD

قصّة الكاهن الذي سامح مَن طعنه

أنا مُلتزم بالمغفرة

Share this Entry

ترجمة ندى بطرس

سامح الأب بول مورفي، المرشد العسكري الكاثوليكي في قوّات الدفاع الإرلنديّة، علناً مراهقاً مُسلماً طعنه سبع مرّات في هجوم غير مبرّر، ثمّ احتضنه، بحسب ما أورد الخبر القسم الإنكليزي من زينيت.

في التفاصيل، وقع الهجوم في 15 آب 2024، أي في عيد انتقال العذراء مريم إلى السماء، وهو تاريخ يحمل أهمية روحيّة عميقة للكاثوليك، وخاصّة للأب مورفي، الذي تُكرّم وحدته سيّدة الورديّة كشفيعة لها.

في ذلك المساء، وخلال عودته من السباحة، واجهه شاب يبلغ من العمر 16 سنة، بالقرب من بوّابات قاعدته العسكريّة، وطلب التحدّث معه. عندما أنزل الكاهن نافذة سيّارته، انقضّ عليه الفتى بسكّين.

يقول الأب مورفي في شهادته: “حاولتُ القيادة عبر البوّابة للهرب، لكنّه استمرّ في طعني من خلال النافذة. عندما توقّفت السيارة، حاولت الدفاع عن نفسي – أوّلاً من خلال النافذة، ثمّ من الباب المفتوح – حتّى تدخّل الجنود المناوبون”.

أصيب الكاهن بجروح بالغة في ذراعَيه تطلّبت جراحة، وتركت إعاقات دائمة في يده. كما وعانى من جروح في الوجه وكدمات داخليّة. ولم يتمكّن من الاحتفال بالقدّاس لمدّة ثلاثة أشهر. ومع ذلك، واقفاً أمام الشاب نفسه الذي كاد أن يقضي عليه، لم يتحدّث الأب مورفي عن الغضب أو الانتقام، بل عن المغفرة والأمل. وقال للرجل في المحكمة: “كرجل مؤمن، أنا ملتزم بالمغفرة. وأقدّمها لك، ليس لأنّك تطلبها، بل لأنّها طريق الشفاء. عسى أن تساعدك لتصبح الرّجل الذي يجب أن تكون عليه”.

في سياق متّصل، إنّ المُعتدي، الذي اعتنق الإسلام في سن الخامسة عشرة، تصرّف احتجاجاً على العمليات العسكرية الإرلنديّة في مالي، بحسب التحقيقات التي أجرتها الاستخبارات، بناء على محتوى هاتفه المحمول. ومع ذلك، سمعت المحكمة أنّ الكاهن لم يكن مُستهدفاً شخصيّاً، بل بصفته ممثّلاً لقوّات الدفاع.

من ناحيته، وصف الرقيب المحقّق بول ماكنولتي هذا الفعل بأنّه “عشوائي”، فيما اتُّهِم الشاب بمحاولة القتل والتسبّب في أذى جسيم.

وبينما ركَّزت الكثير من المناقشات العامة على التطرّف، اختار الأب مورفي تصوير الأمر على أنّه أكثر روحانيّة – بل وتدبير إلهيّ، قائلاً: “كانت تلك الليلة مليئة بالبركات. لقد كنتُ محميّاً – من العذراء، وملاكي الحارس، والرجال الشجعان على الأرض. وأشكر الله كلّ يوم أنّ السكين أصابني، ولم يصب زميلاً لي مِن بين الجنود. إنّه لشرف لي أن أحمل هذه الندوب… ربّما لن أشعر أبداً بالحرية الحقيقيّة مجدّداً (بسبب الإعاقة). لكنّني لن أتوقّف أبداً عن العَيش أو الحبّ”.

في هذا الإطار، وَصَف المراقبون في قاعة المحكمة اللحظات الأخيرة من الجلسة بأنها مؤثّرة بشكل غير متوقّع. فبَعد أن سامح الأب مورفي المعتدي، اقترب من المتّهم الشاب وصافحه، وتحدّث إليه بهدوء. ثمّ تعانقا. وكان هذا تناقُضاً كبيراً مع التوتّر الذي أحاط بالمحاكمة، والذي أشعل مجدّداً فتيل الجدل في إرلندا حول التطرّف، وهشاشة الشباب، والتعايش بين الأديان. ومع ذلك، بالنسبة إلى الأب مورفي، فإنّ العبرة متجذّرة في شيء أعمق من السياسة أو السياسات. “الحياة يجب أن تُعاش بشرف، وأن تُحَب بسخاء. هكذا سنجد السعادة”.

في قاعة محكمة صغيرة في غالواي، تغلّبت قوّة الرحمة لفترة وجيزة على منطق الخوف – وخرج كاهن ويد مهاجمه في يده، ليس كضحيّة، بل كشاهد على المغفرة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير