ترجمة ندى بطرس
لا يبدو منزل عائلة بريفوست في إحدى الضواحي الجنوبيّة الهادئة لمدينة “نيو لينوكس” مختلفاً اليوم عمّا كان عليه الأسبوع الماضي. فالعشب مشذّب، وأرجوحة الشّرفة لا تزال تصدر صريراً لدى هبوب الهواء. لكن خلف هذه الواجهة العاديّة، حدث أمرٌ استثنائي: الابن الأصغر لهذه الأسرة الأمريكيّة المتواضعة هو الآن الرئيس الروحي لأكثر من مليار كاثوليكي حول العالم.
انتُخب البابا لاون الرّابع عشر – المعروف سابقاً باسم روبرت بريفوست، أو ببساطة “روب” بالنسبة إلى عائلته – حبراً أعظم في 8 أيار في قرار أذهل حتى أقرب المقرّبين إليه. ومِن بين الأكثر دهشة: شقيقه الأكبر جون بريفوست، وهو مدير مدرسة كاثوليكيّة متقاعد، ظنّ، في سنّ الـ71 أنّه رأى كلّ شيء، بحسب ما كتب خورخي إنريكي موهيكا من القسم الإنكليزي في زينيت.
اعترف جون من منزله، وهو لا يزال تحت تأثير الأحداث التي سلّطت الضوء على أخيه قائلاً: “لم أكن أعتقد أنّ ذلك سيحدث حقّاً. كانت هناك دائماً فرصة، لكنّها بدت بعيدة الاحتمال”. ويتذكّر جون أنه كان يتحدّث عبر الهاتف مع ابنة أخته عندما أُعلن عن الاسم من شرفة كاتدرائية القديس بطرس. “لم نستطع استيعاب الأمر. ثمّ اشتعل الهاتف وجهاز الآيباد وكلّ الأجهزة بالمكالمات والرسائل، فيما غمرتنا مشاعر لا تُوصف”.
وأضاف جون أنّ “ما يجعل هذه اللحظة فائقة الطبيعة ليس فقط ضخامة الدور الذي يلعبه أخي الآن، بل مدى تناقضه العميق مع البدايات العادية. كانت طفولتنا عاديّة جدّاً، وليس عظيمة أو استثنائيّة. لكن المضحك أننا جميعاً كنّا نعرف ما نريد أن نكون. وكان روب دائماً يقول إنّه سيصبح كاهناً. حتّى أنّه قبل أن يتمكّن من ركوب الدرّاجة، كان يتظاهر بإلقاء العِظات فيما يضع منشفة على كتفيه، إلى درجة أنّ أحد الجيران، قبل عقود، قال ممازحاً إنّ روب سيصبح بابا يوماً ما! ضحكنا جميعاً في ذلك الوقت. والآن أتساءل إن كان يعلم ذلك بطريقة ما”.
آخر مرة تحدّث فيها الأخوان كانت عشيّة الكونكلاف. “سألني ممازحاً: أيّ اسم سأتّخذ إذا حدث ذلك؟ فأجبتُه: أيّ اسم إلّا لاون. ستكون الرّقم 13، وهذا يُنبِىء بالسّوء. لكنّه قام بأبحاثه وهو الآن لاون الرّابع عشر”.
من غرفة جلوسه في “نيو لينوكس”، محاطاً بعقود من صور العائلة وصدى صوت أخيه الذي لا يزال يتردّد في أذنيه، يتأمّل جون ما ينتظره: “لا أعرف أيّ نوع من البابا سيكون روب. لكنّني أعرف الإنسان الذي هو عليه. إنّه يصغي. يفكّر قبل أن يتكلّم. ولطالما كان يكنّ حبّاً عميقاً للنّاس – وخاصّة من يتجاهلهم العالم.”