” كما تجلّت فضائل الرّبّ يسوع وهو على الصّليب، هكذا تجلّت فضائل أمّه مريم بالقرب منه. نرى في مريم العذراء: الإيمان، والمحبّة، والتّسليم للآب، والقوّة الرّوحيّة.”
أبونا يعقوب
مريم سيّدة الفضائل…
إيمانُها جعلها تحيا فرحَ الطّاعة…
تسليمُها لمشيئة الرّبّ جعلها ثابتة، واقفة أمامَ الألم، قويّة بقوّة الحبّ الّذي تجلّى على الصّليب…
هيّ الأمّ القدّيسة، هي الأمّ السّاهرة… هي حضن دافئ…حضن يرتمي فيه الإنسان، ليلقى الرّاحة، والأمان، والطّهارة…إنّها الأمّ المخفّفة ثقل أوهاننا، وضعفنا…
هي الأمّ المرشدة، الّتي تمسك بأيدينا، لتقودنا إلى فردوسِ وحيدِها، وإلى أمنيات الرّجاء، والخلاص…
اعتبر”أبونا يعقوب” أنّ مريم أمّ يسوع ثابتة كثبات الصّخرِ بين عواصف البحر. بقيت واقفة عند الصّليب، بالقرب من ابنِها المتألّم.
مريم لم تُرِد في حياتها إلّا ما يريده الله. لم تتذمّر من الألم، لم تلعن معذبّي ابنها…
لم تستطِعْ أن تخفّفَ من آلام ابنِها…
لم تروِه الماء.. فقد شعرَ بالعطش…
لم تُضمّد جراحَه… فقد طُعِن، وجُلِد…
لم تمدَّ يدَها، لترفعَه عندَ سقوطِه…
لم تطلب من السّماء الانتقام، إنّما طلبت الرّحمة، والرّأفة….
اتّشحت الطّبيعة بوشاح الحزن، الشّمس أظلمت، الصّخور تشقّقت، وحجاب الهيكل انشقّ…
أمّا مريم فكانت تعيش سرّ الصّمت، وسحرَ التأمّل…
تأمّلت كلّ ما تحياه في قلبها… عرفت مريم كيف تصلّي…
أمّنا مريم….
أعينينا… فها نحن نستودع بين يديك، أنفسنا، وهمومنا، وصعابنا، وأفكارنا، وقلوبنا…
علّمينا الثّبات في الإيمان… علّمينا أن نقولَ ” نعم يا ربّ لتكن مشيئتك”