تَطويب مَريَم حَقّ وَوَاجِب

من إحدَى عظات الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي

Share this Entry
فَإن كان، يا إخوَتي، هذه السَّفينَة تَحمِلُ أوساقًا هكَذا عَظيمَة! إن كانَت هذه الغَيمَة حامِلَةً أمطَارًا هكَذا غَزيرَة؛ إن كَان هذه الشَّمس حَاملة إشعاعًا هيك كثير، إن كانت مَريَم هي حاملة ابن الله وَمَعه جميع الخَيرات، مَن يكفي أن يطوّبها؟ من يكفي أن يمدحها؟ فالبيعَة المُقَدَّسَة، مِن إقرار جميع أولادها تضرخ قائلة: “لأنَّ طوباكِ أعظَم مِن طوبَى كُلّ الطُّوباويين”. لِتَسكُت الألسُن! لِتُبطَل المَدائِح! لِتَرتَفِع القِياسات! لأنَّ تَطويب مَريَم أعظَم وَأفضَل وَأَكثَر وَأوسَع مِن تَطويب جَميع القِدّيسين! نعم، إنَّ الطُّوبَى للشُّهَدَاء، الطُّوبَى لِصانِعِي القُوَّات، للعَذارَى، للمُرسَلين، للمَلائِكَة، لِرُؤَساء المَلائِكَة. لَكِنَّ تَطويب مَريَم يُحصي الكُلّ وَيُفيض عَلَيهِم “لأنَّ طوباكِ أعظَم مِن طوبَى كُلّ الطُّوباويين”.
جَميع الأجيال تُطَوّبها
لَهَا أدُّوا الطُّوبَى أولاد جيلها أوَّلاً: أدَّى لَهَا الطُّوبَى جِبرائِيل، لَمَّا قالَ لَهَا: “السَّلامُ لَكِ، يا ممتَلِئَة نِعمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ” (لوقا1: 28)، لَهَا أدَّت الطُّوبَى أليشبَع (أليصابات) إذ تَقول: “الطُّوبَى للَّتي آمَنَت مَا قيلَ لَهَا مِن لَدُنِ الرَّب” (لوقا1: 45). لَهَا أدَّى الطُّوبَى يوحَنَّا في بَطنِ أُمِّه، لَمَّا تَيَقَّنَ، وَرَقَص وَصَرَخ: “مِن أينَ لي أن تَأتي إلَيَّ أُمُّ سَيِّدي؟” (لوقا1: 43). لَهَا طَوَّبَت القِدِّيسَة مَرشَا (مَرشِيللا) إذ تَقول: “طوبَى للبَطنِ الذي حَمَلَك وَللثَّديَين اللذانِ أرضَعاك” (لوقا11: 27)، إغناطيوس، ديونيسيوس، وَالرُّسُل أهل مَسيحنا، إلخ…
ثانِيًا أدّوا لَها الطُّوبَى الذينَ كَانوا قَبلا مِنها، أولاد الفِردَوس. آدَم لَمَّا قال: “أن هِيَ تَسحَق رَأس الشّيطان”. لَهَا طَوّب نوح، لَمَّا صَنَعَ السَّفينَة التي بِهَا خَلَّصَ جِنسَ البَشَر (تكوين6: 14-22)، لَهَا طَوَّبَ أشَعيا في الغَيمَة (أشعيا19: 1)، وَموسَى في تابوت العَهد (خروج25: 10-22)، والعلّيقَة (خروج3: 1-6)، وهارون في العَصا الَّتي أورَقَت (عدد17: 16-28)، جِدعون في الجزَّة (قضاة6: 33-40)، إبراهيم في الكَرمَة، سليمان في الحَديقَة (نشيد4: 12)، حزقيّال في الباب المُقفَل (حزقيّال43: 27؛ 44: 4) دانيال في الجَبَل (دانيال2: 35).
لَها ثالِثًا أدّوا التَّطويب جَميع القَبَائِل الذينَ بَعدَها. اقرَأُوا أقوال اغناطيوس، أقوال مَار يَعقوب ومار أفرام ومار اسحق وأغسطينوس وبرناردوس. إسألوا البيزنطيين، إسألوا الأرمن، إسألوا الأقباط، إسألوا السّريان، إسألوا الإفرنج، أسألوا النّصارَى، إسألوا المَسيحيين، جميعهم يطوّبونها ويقولوا: “إنّها بَتول، إنَّها عَذراء، أنّها والِدَة كَلِمَة الله”.»
Share this Entry

الخوري يوحنا فؤاد فهد

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير