“المسيحيّ الّذي لا يتبع قانونًا، وتوقيتًا لحياته يشبه سفينةً بدون دفّة في وسط البحر، مُعرّضةً للخطر والغرق والانعدام. أمّا من له قانونٌ فهو الكرمة الّتي تُعطي الثّمر الجيّد في أوانه. من لا قانونَ له، يعيش بدون نظام، مُتّبِعًا إرادته الذّاتية، وبالتّالي يفقدُ الاستحقاق عند الله، ويبذّرُ النّعمَ، والكنوز الرّوحيّة الّتي تنزلُ عليه من السّماء…”
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
القانون زرع حسن، وأصل حيّ… يزهرُ في أوانه الصّحيح… ويعطي الثّمر الجيّد في الموسم المناسب…
النّظام أساس النّجاح، النّعم الإلهيّة هديّة سماويّة، والاستفادة من الوزنات كما يجب، وحيث يجب، تحقيقٌ لمشيئة الرّبّ الجميلة في حياتنا.
لكلّ آنِ أوان…
“لكلّ شيء زمان، ولكلّ أمرٍ تحتَ السّماواتِ وقتٌ.” (سفر الجامعة 3: 1)
مَهامّنا اليوميّة بحاجة إلى ترتيب حسن، وإدارة جيّدة كي نستحقّ راتب المكافأة على جهودٍ بذلناها…
إنّه راتب سعادة الذّات، والرّضى الذّاتي… لأنّنا نسعد بنجاحنا… وباستثمار القدرات الذّاتية في سبيل تحقيق خيرٍ نرجوه، ونتمنّاه…
لذلك نسعى، ونسعى لبلوغ ما نظنّه سعادتنا الحقيقيّة… ولكن…
يقول أبونا يعقوب: “نحن نرى أنّه في ما يختصّ بحياة الجسد، إذا تأخّر أحدٌ عن موعدِ تناول الغداء، يمكنه أن يتناوله في وقتٍ متأخّر. فلماذا لا نعمل بالمثلِ عندما يختصُّ الأمرُ بحياة الرّوح؟!”
علينا أن نحيا حياتنا الرّوحيّة بنظام لنبلغ سعادتنا الحقيقيّة، ونتقاضى الرّاتب الأوفر…
يدعو أبونا يعقوب إلى عيش نظام يوميّ يبدأ بالنّهوض باكرًا، والبعد عن الكسل الصّباحيّ الّذي يصدّنا عن النّهوض، ويخرّبُ توقيت النّهار بكامله.
بركة الصّباح تتحقّق في التّأمّل، والصّلاة…
يدعو إلى السّلام على والدة الإله عند كلّ ساعة…
عند الظّهر، صلاة المسبحة، وزيارة القربان الأقدس، وتخصيص فترة وجيزة للقراءة الرّوحية…
في المساء، الصّلاة مع العائلة، وفحص الضّمير على القصد المتّخذ في الصّباح. ثمّ طلب البركة من مريم.
أمّا على فراش راحتنا المسائيّة، فيجب أن ترافقنا إشارة الصّليب…
يا له من نظامٍ يبثّ في نفوسنا الرّاحة بعد يومٍ مُضنٍ من المشقّات الحياتيّة…
جميلٌ أن نُناجي مريم ضمن ساعات عملنا…
جميلٌ أن نعود إلى ذواتنا، ونتساءل… يا ربّ هل أُفرحُك بما أفعل؟
هل أرضيك؟ هل أحقّق مشيئتك؟
ربّي يسوع… نهرول كثيرًا… يوميّاتنا بحاجة إلى ذاك النّظام الرّوحيّ الذي دعا إلى عيشه أبونا يعقوب…
ساعدنا يا ربّ… كي نحيا معك لحظاتِ غبطة، لا نريدها أن تنزلقَ بين ضوضاءِ يوميّاتنا.
فما نريده هو أن يكون فرحُ كلمتك نظامَ حبّ في مسيرتنا الحياتيّة، مسيرة سلامٍ تُحيي قلوبَنا، وبيوتَنا، وعائلاتِنا إيمانًا، ورجاءً…
