“الفم السّاكت يشبه الصّندوق المقفل الّذي يحوي كنزًا، ويحتفظ به. أمّا الفم المفتوح للكلام الفارغ فلا خيرَ فيه.
ما من قدّيس دخل السّماء بدون ملازمة السّكوت.”
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
نحيا في زمنٍ من الضّوضاء…
بِتْنا نتوق إلى لحظاتٍ من السّكينة… إلى لسانٍ متواضعٍ، وهادئ… لا يحبُّ الخروج إلى العلن، والتّباهيّ، والضّياع في متاهات الثّرثرة…
نشتاق إلى تذوّق السّكوت، وإلى عيشه… إلى عيش جماليّة العودة إلى الذّات، والإصغاء إلى صوتِ الحبّ، وإلى ضياء الرّجاء…
يعتبر أبونا يعقوب أنّه بالسّكوت نتعلّم كيف نحكي مع الله. وبالسّكوت نُظهر شوقَنا إلى الكمال. فالدّيرُ الّذي يسود فيه السّكوت يُساعدَُ في بناء الرّوح لدى العلمانيّين الّذين يزورونه.
الرّبُّ منحنا الكلامَ للتّسيبح، ولتمجيدِ اسمه. للتّفوّه بما يبني الحبّ… لإخماد نارٍ، ونشرِ سلامٍ…
” صلاح اللّسان شجرة حياة، واعوجاجه هلاكٌ للرّوح” ( الأمثال 15: 4)
لسانُنا يزهرُ الخير، يُنبتُ الرّجاء إن عرفنا استخدامه… إن جعلناه يترجم ما في القلبِ من حُسنٍ، وجمال…
“الصّمتُ مهمٌّ، وقدير…
الصّمتُ يحفظ السرّ… الصّمتُ أساسيّ” (البابا فرنسيس)
الصّمتُ أساسُ إيمان الإنسان المسيحيّ، الّذي يريد أن يتأمّل فرح الكلمة المتجسّد، والمصلوب، والقائم من الموت…
السّكوت درسٌ يتعلّمه الإنسان المسيحيّ، مع مريم أمّه القدّيسة، والمربّية الّتي علّمت بِصَمتِها أسمى معاني الطّاعة، والإيمان، وعيش مشيئة الرّبّ…
نحتاج إلى ذاك الصّمت المبارك … إلى تلك المِساحة من العذوبة، والسّكينة…
إلى وقت ترتاح فيه ضوضاءُ يوميّاتنا… نحتاج إلى صمتِ القداسة…
ربّنا يسوع… نحن بحاجة إلى تذوّق نعمتك…إلى رؤية جليّة لعطيّتك…إلى عيش جماليّة الحوار الّتي لا نبلغها إلّا معك… نحن بحاجة إلى أن نسكت… عندها نُجيدُ الإصغاء إلى فرحِ كلمتِك…
