” عزم أن لا يرفض سؤالَ مسكين يطلب صدقةً باسمِ الله، وحبًّا به…”
أبونا يعقوب الكبّوشي
ذاك كان نَذر القدّيس فرنسيس…
تخلّى عن كلّ ما يملك، وتَبع الرّبَّ هاتفًا: ” إلهي، وكلّي”… فبلغَ الفرحَ الكامل…
قرّر أن يُصغي إلى ما يريده صوتُ الرّبّ في داخله…
أرادَ أن يعيش حياته خدمةً، أرادَ أن يُهدي الآخر مشاعر الرّفق، والتّحنّن، فأهدى السّماء ما تتمنّى…
أراد الاقترانَ بفضيلة الفقر فقد قال ذات يوم لرفاقه: ” أريدُ الاقترانَ بأشرف السّيّدات، وأجملهنّ على الإطلاق” كان يعني بكلامه فضيلة الفقر.
احتقر مفاخر الدّنيا، نذر فضيلةَ التّخلّي، وجعل من نفسِه ضياءَ شمعةٍ تلتمع جمالَ قداسةٍ، وتسبيحٍ لمجد الرّبّ…
وهذا ما جعل أبونا يعقوب ينذرُ التّخلّي، والتّجرّد… هذا ما جعله يرى، فقط في العناية الإلهيّة، كنزَه الأثمن، وغايتَه الأسمى… تأثّر بالرّوحانيّة الفرنسيسيّة، الّتي كان حجر أساسِها نَذر الفقر… على مثال القدّيس فرنسيس أحبَّ القريب، بلسمَ جراحَه، عاش فرح الكلمة تطبيقًا حياتيًّا، وعمليًّا من خلال الإصغاءِ إلى حاجةِ المُهمّش، والمتروك، والفقير…
” الفقراء هم محور كلّ عملٍ رعويّ، ليس فقط لأنّه عمل محبّة، الله اتّخذ على نفسه فقرهم ليُغنينا بأصواتهم، وقصصهم، ووجوههم. أشكال الفقر جميعها دعوة أن نعيش الإنجيل بصورة عمليّة، ونعطي بوادر أملٍ فعّالة.” (البابا لاوون الرّابع عشر)
يُخبر أبونا يعقوب عن القدّيس فرنسيس أنّه عندما كان يصادف فقيرًا يفتح حالًا كيسَه، ويقدّم إليه الدّراهم، ومتى فرغ الكيس يقدّم حذاءه، أو قطعة من ثيابه…
لم يصمَّ أذنيه عن صراخ المحتاج، لم ينسَ نداءَ من يلتقي به…
كانت كلمة الرّبّ مرشدته في عيش فرحه… ردّد المزامير الّتي تمدح الفقراء…
” أحمدك يا ربّ بكلّ قلبي، وأحدّث بجميع عجائبك. الرّبّ ملجأ المقهورين، ملجأهم في زمن الضّيق.” ( مزمور 9-1)
إنّها الرّوحانيّة الفرنسيسيّة… إنّها قداسة التّخلّي، والتّجرّد…
فبين فرنسيس، ويعقوب نَذْرٌ كبّوشيٌّ اغتنى ثراءً بفضيلة الفقر، وبخورُ قداسةٍ فاحَ رجاءً على الأرض، وفي ساحاتِ السّماء…
