ترجمة ألين كنعان إيليا
في ختام المقابلة العامة يوم الأربعاء، توجّه البابا لاون إلى كلّ من يعانون من الحروب التي تجري في العالم. وقال: “أدعوكم للانضمام إليّ في الصلاة من أجل من يتألمون بسبب عنف الحرب في مختلف أنحاء العالم”.
وخَصَّ البابا لاون شعب ميانمار بالصلاة، حاثًّا المجتمع الدولي على “ألا ينسى الشعب البورمي، وأن يقدّم له المساعدات الإنسانية اللازمة” بحسب ما ورد على موقع أخبار الفاتيكان.
تأتي صلاة البابا من أجل ميانمار في وقتٍ ما زالت فيه البلاد تواجه إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. فبعد ما يقارب خمس سنوات على الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيًا، تسبّب النزاع الداخلي بمقتل آلاف الأشخاص وتشريد نحو ثلاثة ملايين آخرين.
وقد بدأت الأزمة على شكل احتجاجاتٍ جماهيرية ضدّ الانقلاب الذي جرى في العام 2021، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى مواجهاتٍ مسلّحة بين القوى المؤيّدة للديمقراطية والجماعات العِرقية المسلّحة من جهة، والمجلس العسكري الحاكم من جهة أخرى.
دمّرت الغارات الجوية والاشتباكات قرى بأكملها، فيما حُرم الملايين من الغذاء والدواء والمأوى. وتُقدّر الأمم المتحدة أنّ أكثر من نصف سكان ميانمار يحتاجون اليوم إلى مساعداتٍ إنسانية.
أزمة الروهينغا
يعود الوضع المأساوي في ميانمار إلى ما قبل انقلاب 2021. فالحكومة المدنية التي أطاح بها الجيش كانت قد واجهت إداناتٍ دولية بسبب إدارتها لأزمة الروهينغا، حيث تعرّض أفراد الأقلية المسلمة هناك لأعمال عنفٍ منهجيّة وقاسية.
عندما بدأ الجيش البورمي حملته في آب 2017، شملت عمليات قتلٍ جماعي، وعنفًا جنسيًا، وتعذيبًا، وتدميرًا لقرى بأكملها. وقد وصفت بعثة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أفعال الجيش بأنها نُفّذت بهدف الإبادة الجماعيّة.
وبحلول مطلع عام 2018، فرّ أكثر من 700 ألف من الروهينغا إلى بنغلادش المجاورة، لينضمّوا إلى مئات الآلاف من النازحين في موجاتٍ سابقة من الاضطهاد. أمّا الذين بقوا في ولاية راخين داخل ميانمار فما زالوا يعانون من قيودٍ شديدة على الحركة، وحرمانٍ من الجنسية، وحياةٍ تُشبه نظام الفصل العنصري.
وقد ارتكب الجيش الذي نفّذ هذه الجرائم وهو من استولى على السلطة عام 2021، في حين فشلت الحكومة المدنية آنذاك في اتخاذ أيّ إجراء فعّال.
ورغم إدانة المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات، لم يُحاسَب القادة العسكريون المسؤولون عنها.
وبعد مرور أربع سنوات، أي في شباط 2021، نفّذ هؤلاء الجنرالات أنفسهم، بقيادة مين أونغ هلاينغ، انقلابًا أطاح بالحكومة المنتخبة برئاسة أونغ سان سو تشي. كانوا يتوقّعون أن يرسّخوا سلطتهم بسرعة، لكنهم أثاروا مقاومةً وطنية غير مسبوقة.
ومنذ ذلك الحين، استخدم الجيش الأساليب الوحشية نفسها التي مارسها بحقّ الروهينغا، ولكن هذه المرة بحقّ جميع أبناء ميانمار. وهكذا، عانى شعب ميانمار، بمختلف أعراقه وأديانه، سنواتٍ من القمع والتمييز والخسارة تحت حكم الأنظمة المتعاقبة.
