ترجمة ندى بطرس
عندما وصل الرئيس الفلسطيني محود عباس – المعروف في العالم العربي باسم أبو مازن – إلى روما في بداية شهر تشرين الثاني، كانت نبرة الزيارة مطبوعة بشيء مختلف عن الروتين الدبلوماسي. فبَين اللقاءات مع البابا والرئيس الإيطالي ورئيسة الوزراء، حمل عباس معه رسالة ترميم: ليس للحجر والموزاييك فحسب، بل للإيمان بحدّ ذاته.
في التفاصيل التي أوردها القسم الإنكليزي من زينيت، أعلن عباس عن ترميم مغارة الميلاد في بيت لحم، وهو خبر طال انتظاره. والمشروع الذي أصدر بشأنه عباس مرسوماً، يطبع المرحلة الثانية من الجهود الرامية إلى الحفاظ على بازيليك الميلاد، بعد ترميم الكنيسة الذي انتهى سنة 2020.
في هذا السياق، ومُتكلِّماً على منبر معرض Bethlehem Reborn الذي انعقد في روما، وصف عباس المشروع “كرمز على الأمل والولادة الجديدة للأرض المقدّسة”، فيما تخطّت كلماته هذه جدران المعرض. فبَعد سنوات من الظلام، سيسطع مجدّداً نور بيت لحم، نور بمعناه الحرفي والروحي.
في سياق متّصل، مِن المتوقّع أن يُشارك عباس في قدّاس منتصف الليل في 24 كانون الأوّل، بعد غياب دام سنتَين، ممّا يحمل رمزيّة: ليست هذه عودة للاحتفالات فحسب، لكنّها مبادرة وحدة في أرض تتألّم.
من ناحية أخرى، تمّ الترحيب بقرار ترميم مغارة الميلاد عبر الأرض المقدّسة. فالمشروع، بعيداً عن معناه الدينيّ، يُقدّم فرص عمل للعائلات في بيت لحم والتي يعتمد دخلُها على اقتصاد الحجّ والاستقبال. لذا، سيعمل عدد كبير من الأشخاص المسيحيّين والمُسلمين جنباً إلى جنب لإعادة إحياء تقليد الحراسة المُشتَرَكة للإرث المقدّس.
نُشير هنا إلى أنّ مغارة الميلاد لم تخضع لترميم منذ 6 قرون، وعلامات الزمن والإهمال بادية على الموزاييك وألواح الرخام، فيما يؤمن كثر بأنّها ليست مجرّد رسالة، بل هي نور سيعود إلى مكان طال عليه الظلام.
بالعودة إلى لقاء عباس مع البابا لاون الرّابع عشر، تكلّم الرّجلان عن الترميم كنداء للسلام بالنسبة إلى البشر كما الحجر. وقد تأمّلا معاً، بحسب مصادر الفاتيكان، في ضرورة أن يتخطّى المجتمع الدولي مرحلة الكلام ويدافع عن الأبرياء فيما يجدّد الاحترام للحياة ويعزّز العدالة.
مكان ولادة يسوع سيتنفّس مجدّداً. ولربّما، في هدوء ليلة الميلاد القادمة، عندما ستنعكس أنوار الشموع على جدران المغارة النظيفة، سيبدأ هذا النور – الذي خفت لفترة طويلة جرّاء الحرب والحزن – يتلألأ مجدّداً.
