عقد أساقفة كنيسة السريان الكاثوليك الأنطاكية مجمعهم السنوي في المقر البطريركي في دير سيّدة النجاة ـ الشرفة ـ درعون ـ حريصا، في الفترة من 26- 29 تشرين الأول 2015، برئاسة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، ومشاركة آباء المجمع القادمين من أبرشيات لبنان والعراق وسوريا ومصر والولايات المتحدة وكندا وفنزويلا والنيابات البطريركية في القدس والأراضي المقدسة والأردن والبصرة وتركيا والوكالة البطريركية في روما.
- تضمّن جدول الأعمال تقارير عن أبرشياتنا وإرسالياتنا السريانية في العالم، وتوقّف الآباء بصورة خاصة لدى أوضاع أبرشيات سوريا والعراق في ظل الحرب والإرهاب منذ سنوات، ولدى مأساة الهجرة التي تنخر جسم أبرشياتنا وتفرغها، لا سيّما أبرشية الموصل التي اقتُلعت من جذورها وهُجّرت بكاملها، مطراناً وكهنة وشعباً، إلى كردستان والأقطار المجاورة، منذ سنة ونيف، وسقوط بلداتنا المسيحية في سهل نينوى تحت احتلال ما يُعرف بالدولة الإسلامية.
كما تدارس الآباء مواضيع تخص الحياة الراعوية في الوطن الأمّ وفي بلاد الإنتشار، مثل: واقع الخدمة الكهنوتية على ضوء ما جاء في مؤتمر الكهنة السريان في نيسان 2010؛ الخدمة الشمّاسية في الكنيسة؛ تنظيم السنة الراعوية لتلامذة الكهنوت قبل الرسامة؛ مقترح إقامة مجمع بطريركي عام لبحث شؤون كنسية وتنظيمية وراعوية؛ الإكليريكية والرهبانيات؛ متابعة جماعاتنا الكنسية في بلاد المهجر وتأمين كهنة وكنائس لخدمتهم الراعوية وتواصلهم مع كنيستهم الأمّ.
واختُتم المجمع بإزاحة الستار عن نصب للشهداء في باحة المقر البطريركي بدير الشرفة، بمناسبة الذكرى المئوية للإبادة – السوقيات في تركيا 1915، ومعرض المخطوطات والأيقونات السريانية، بحضور أصحاب القداسة والغبطة بطاركة الشرق والسفير البابوي في لبنان. هذا ويتوجّه غبطة أبينا البطريرك يوسف الثالث يونان إلى بغداد لإحياء الذكرى السنوية الخامسة لشهداء كنيسة سيّدة النجاة السريانية، حيث سقط 47 شهيداً ضحيّة الإرهاب والتعصب الديني الأعمى، من بينهم الكاهنان ثائر ووسيم اللذان تفتتح دعوى تطويبهما بهذه المناسبة.
وقد خرج المجمع بالتوصيات التالية:
- أولاً: يوجّه آباء المجمع السرياني نداءهم الملحّ لتوطيد الإستقرار في لبنان وتفعيل المصالحة الوطنية، في خضمّ الأزمة الإجتماعية والإقتصادية، ويضمّون أصواتهم إلى صوت الشعب اللبناني، بمسيحييه ومسلميه، بالدعوة إلى تطويق النزاعات بالحوار الإيجابي، فلا تبقى المؤسّسات مشلولة، وآذان المسؤولين صمّاء أمام معانيات الناس. ويدعون الزعماء اللبنانيين إلى أخذ زمام المبادرة الجادّة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور أكثر من عام على شغور كرسي الرئاسة. ويثمّن آباء المجمع دور الجيش اللبناني وقوى الأمن، ملاذاً ودرعاً للوطن، ويطالبون بإطلاق الأسرى من العسكريين وكلّ المحتجَزين ظلماً. وإلى الله يرفعون صلاتهم ليعود لبنان يشع حضارةً وازدهاراً ومنارةً، فيكون حقاً “أكثر من وطن، رسالة” لمحيطه، كما دعاه البابا القديس يوحنا بولس الثاني.
- ثانياً: يجدّد آباء المجمع نداءهم إلى القيادات الوطنية والسياسية في العراق لحلّ المشاكل والخلافات العالقة بين الكتل عن طريق الحوار والتفاهم. كما يناشدون قادة الدول الكبرى المعنيّة بشؤون العراق، لمؤازرة جيشه للإسراع في تحرير الموصل وبلدات سهل نينوى، كي يعود أهلها إلى بيوتهم ويعيشوا في سلام وأمان. ويطالبون بضمانات دولية ومن الأمم المتحدة، ومن الحكومة المركزية وإقليم كردستان، لتأمين العيش المشترك الآمن، بين المسيحيين والمكوّنات الأخرى بعد العودة، والتعويض عمّا خسروه من ممتلكات ومؤسّسات. كما يطالبون برعاية المهجَّرين وتلبية احتياجاتهم، داخل الوطن وخارجه. وبهذه المناسبة يوجّهون الشكر لكافة الحكومات والمنظّمات المدنية والكنسية، في الداخل والخارج، التي مدّت يد العون إلى اللاجئين، بالغذاء والدواء، أو بسند السكن، أو ببناء المدارس.
- ثالثا: يرفع آباء المجمع صلاتهم من أجل السلام في فلسطين، ويحثّون الدول المعنيّة لبذل كل الجهود والإرادة السياسية الحقة لخلق مناخ يدفع الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المفاوضات المتكافئة لحلّ النزاع الدموي القائم منذ قرابة 70 سنة بين الشعبين، والعمل الحثيث لتحقيق التسوية على أساس الدولتين، فيستعيد الشعب الفلسطيني أمنه وسيادته في أرضه ووطنه.
- رابعاً: من أجل وضع حدّ للإقتتال في سوريا، يرفع أساقفة الكنيسة السريانية الأنطاكية الكاثوليكية دعاءهم مناشدين الدول، لا سيّما المعنيّة مباشرةً بالصراع الذي يدمي الوطن ويهجّر الملايين، لإيقاف الحرب، وسلوك طريق التفاوض لإيجاد حلول سلمية سياسية، إذ لا بديل عنها لفض النزاعات. ويستصرخون الضمير العالمي لتفضيل خير الشعب السوري على إرادات الغلبة والدمار، وإتاحة فرص الإغاثة والبناء لوطن جريح يريد استعادة عافيته.
- خامساً: وفيما يشكر آباء المجمع الله على تحرير الأب جاك مراد رئيس دير مار موسى ومار اليان في سوريا وعودته سالماً إلى كنيسته وشعبه بعد أربعة اشهر ونصف من الأسر على أيدي قوى الإرهاب، يطالبون بتحرير جميع المخطوفين والرهائن من الخابور والقريتين وسائر المنا
طق، مجدّدين نداءهم لإطلاق سراح المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي والكهنة المخطوفين منذ أكثر من سنتين.
وبهذه المناسبة يستنكرون الأعمال البربرية التي قام بها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بتفجير المعالم الأثرية والحضارية التي هي جزء من تاريخ سوريا والعراق، مثل تدمر والحضر والنمرود ومتحف الموصل، وثلاثة من أكبر واشهر جوامعها، كما دمّروا ديرين سريانيين تاريخيين، مار بهنام الشهيد في العراق، ومار اليان في سوريا، وديراً كلدانيا في الموصل، ودنّسوا مقابر مسيحية، وأحالوا أكثر من كنيسة إلى جامع.
- سادساً: فيما يؤكّد آباء المجمع وقوفهم مع بقاء المسيحيين المشرقيين صامدين في أوطانهم، وتأييدهم للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين وسائر المكوّنات، يطالبون الحكومات في بلادنا، كي يكون هذا العيش ممكناً في جو الكرامة والحقوق والمساواة، أن تعيد النظر في سياساتها تجاه المكوّنات الدينية والقومية الصغيرة، فتطهّر نصوصها الدستورية والقانونية ومناهجها الدراسية، وبرامجها الإعلامية والتوجيهية من كلّ ما يخلّ بمبادىء العيش المشترك والإعتراف بدور المكوّنات، والمسيحيين بالتحديد، في حياة بلادهم وحقوقهم ومقدّساتهم كمواطنين متساوين.
أمين سرّ المجمع المطران باسيليوس جرجس القس موسى في 29 ت1 2015