في الرابع من شهر كانون الأول 2015، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهريّ في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي الكلِّي الطوبى، ومشاركة الرؤساء العامّين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤوناً كنسيّة ووطنيّة. وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. يشاطر الآباء فرحة العسكريين الذين كانوا محتجزين لدى جبهة النصرة وعادوا سالمين الى أهلهم وعائلاتهم، ويحمَدون الله على سلامتهم، ويهنّئون بهذه السلامة عائلاتهم وذويهم، والمؤسسات العسكرية والأمنية التي ينتمون اليها، والدولة اللبنانية، وجميع المواطنين، ويتقدّمون بالتعزية من ذوي الشهداء الذين سقطوا في المعارك أو الذين استشهدوا بعد اختطافهم، ويشكرون جميع الذين قاموا بالوساطة وبذلوا الجهود المضنية، وتحمّلوا الأخطار في سبيل الوصول الى هذه النهاية السعيدة. وهم يتمنّون متابعة السعي لأجل الإفراج عن العسكريّين التسعة الباقين في قبضة تنظيم “داعش”، وعودتِهم سالمين الى الحرية في أقرب وقت ممكن. وهم يصلّون لأجل تحرير جميع المخطوفين والأسرى، وفي طليعتهم المطرانان يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، وإحلال السلام في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وكلّ المنطقة.
2. يرى الآباء أنّه، بعد مرور ثمانيةَ عشر شهرًا على شغور منصب رئاسة الجمهورية، تبرز فرصة جدّية لملء هذا الشغور، ما يقتضي التشاور والتعاون بين جميع الفرقاء اللبنانيين لإخراج البلاد من أزمة الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية. فالرئيس، بما أنّه رأس الدولة، كما ينّص الدستور، هو حجر الزاوية في العَمارة الوطنية بأبعادها التاريخية والمؤسّساتية. ولذلك ينبغي أن يأتي انتخابه عن تبصّر عميق في أهمية هذا الموقع ودوره الأساسي.
3. استنكر الآباء عودة مسلسل التفجيرات، وخصوصًا ما تعرّضت له ضاحية بيروت الجنوبية من استهداف للمدنيّين، وهم يعربون عن أسفهم لسقوط ضحايا أبرياء، ويرجون للجرحى الشفاء العاجل وللموتى الراحة الأبدية. ويعرب الآباء أيضًا عن شجبهم لمسلسل العنف الذي تشهده دول العالم، وخصوصًا ما ارتكبه الإرهاب من إعتداءات سافرة في فرنسا أوقعت مئات الضحايا البريئة بين قتيل وجريح.
4. إن مسار العنف الآخذِ في التصاعد على الصعيد المحلي والعالمي والذي ينبئ، كما قال البابا فرنسيس، بنوع من حرب عالمية بالتقسيط، يدعو الجميع دولاً ومجتمعات وأديانًا، إلى صحوة إنسانية عامّة وشعور بالمسؤولية، وتضامن دَولي فعلي يضع حدًّا لهذه الظاهرة المقلقة. وهنا يبرز من جديد دور لبنان الرسالة والنموذج، وواجب اللبنانيين في حمل هذه الرسالة، وترسيخ هذا النموذج. ولا يكون ذلك عمليًّا إلا باستعادة عمل المؤسّسات وانتظامها، كدليل حسّي على أنّ ميثاق العيش المشترك هو البوصلة التي توجّه ميول اللبنانيين وخياراتهم، وتعطي السياسة عندنا حقيقتها أنها فنٌّ شريف في خدمة الإنسان والوطن.
5. يحيّي الآباء الجيش اللبناني والمؤسّسات الأمنيّة على سهرهم ووعيهم للأخطار المحدقة بنا، وعلى توفير مساحة آمنة رغم كل التحدّيات القائمة. فقد أظهرت هذه المؤسّسات فعالية ملفتة على رغم افتقارها إلى الكثير من التجهيزات والمعدّات. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على الروح الوطنية العالية التي تدفع بقياداتها وعناصرها إلى تقديم كلّ غال ونفيس من أجل أمن لبنان وسلامة أبنائه.
6. اليوم والقمّة العالمية من أجل المناخ منعقدة في باريس، وبعد صدور رسالة قداسة البابا فرنسيس عن البيئة يلفت الآباء نظر أبنائهم إلى أهمية هذا الحدث العالمي، والتعاطي بجدّية مع قضية الحفاظ على البيئة وجمال الطبيعة في لبنان، ومحاربة كلّ أنواع التلوّث الذي يسبّب الأمراض الفتّاكة بصحة الإنسان.
7. في مناسبة افتتاح يوبيل سنة الرحمة، ومسيرة الكنيسة نحو الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح بالجسد، يدعو الآباء أبناءهم الى الإستعداد لهذا العيد بالصلاة والتوبة وأعمال الرحمة والمحبة تجاه المحتاجين، وأن يسألوا المسيح الربّ، أمير السلام، أن يحلّ السلام في بلدان هذه المنطقة المعذّبة، وقلوب جميع أبنائها.