مُنح قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأربعاء جائزة شارلمان العالمية لمدينة آخن وهي واحدة من أكثر الجوائز الأوروبية اعتبارًا والتي تُمنح عادة لشخصيات تميّزت بدورها وعملها في سبيل القيم الأوروبيّة. ونقرأ في البيان الصادر عن مدينة آخن أن هذه الجائزة هي علامة وفاء للتشجيع والرسالات المفعمة بالرجاء وللسلام والتعيش السلمي في أوروبا قويّة؛ والبابا فرنسيس يحمل رسالة رجاء وقيم لأوروبا وبأنه قد حان الوقت لنبني معًا تلك الأوروبا التي لا تتمحوّر فقط حول الاقتصاد وإنما أيضًا حول قدسيّة الشخص البشري والقيم غير القابلة للتصرّف، فالأب الأقدس هو صوت الضمير الذي يطلب بوضع الإنسان كمحور ومرجعيّة أخلاقية. وحول هذه الجائزة وأهميّتها أجرت إذاعة الفاتيكان مقابلة مع مدير دار الصحافة الفاتيكانية الأب فديريكو لومباردي.
قال مدير دار الصحافة الفاتيكانيّة نعرف أن البابا فرنسيس لم يقبل أبدًا جوائز مكرسة لشخصيّته، وبالتالي هذا أمر استثنائي ويمكننا أن نتساءل عن السبب. لقد سألته بنفسي عن السبب وقال إنها جائزة من أجل السلام، وفي هذه المرحلة التي نرى فيها العديد من الأمور التي تهدد السلام في العالم يأتي الحديث عن السلام وتشجيع العمل في سبيل السلام كأمر جوهريّ. وبالتالي فإن الأب الأقدس لا يرى هذه الجائزة كتكريم شخصيٍّ له وإنما كمناسبة رسالة التزام من أجل السلام موجّهة إلى أوروبا القارة التي ينبغي عليها أن تبني السلام في داخلها على الدوام وأن تكون نشيطة في لعب دورها في سبيل السلام في العالم. وبالتالي فالجائزة من أجل السلام هي فرصة للصلاة معًا من أجل السلام، الأب الأقدس برفقة جميع الشعوب والأشخاص ذوي الإرادة الصالحة التي تُظهر الرغبة بالالتزام ببناء السلام في القارة والعالم بأسره.
تابع الأب فديريكو لومباردي يقول هناك جانب آخر مهمّ وهو أن هذه الجائزة هي أوروبيّة والبابا فرنسيس هو أول شخص غير أوروبي يُمنح جائزة أوروبيّة كبيرة، ولكن هذا بفضل خطابه في ستراسبورغ أمام المجلس الأوروبي، فقد عرف كيف يتوجّه إلى أوروبا، القارة، بوجهات نظر واسعة وتشجيع في مرحلة تواجه فيها الكثير من الصعوبات. لقد عرف الأب الأقدس كيف يطلق مجدّدًا آفاق قيم أكثر ثباتًا وعمقًا: احترام الشخص البشري، الالتزام من أجل التضامن مع جميع الشعوب وبناء السلام… قيم كبيرة تولد منها فكرة أوروبا وينبغي عليها أن تولد منها باستمرار لتبقى حيّة وقادرة على تقديم مساهمة غنيّة للبشريّة بأسرها. إنه حبر أعظم ينظر إلى أوروبا بيقين من هو خارج أوروبا بأفق ذات طابع عالمي وبالتالي فهو قادر على تذكير أوروبا بدعوتها العميقة والمهمّة وتشجيعها على المضي بدون خوف لتستمر في تقديم هذه المثل للبشريّة بأسرها بغناها بالموارد وذكائها وتاريخها وثقافتها الذين ينبغي أن يوضعوا على الدوام في خدمة خير البشريّة بأسرها.
تابع مدير دار الصحافة الفاتيكانيّة يقول نعرف أن البابا فرنسيس ليس الحبر الأعظم الأول الذي ينال هذه الجائزة، فقد نالها أيضًا البابا يوحنا بولس الثاني عام 2004، فهو أيضًا كان حبرًا أعظم كبيرًا للسلام وأحد بناة وملهمي المصالحة والوحدة لأوروبا برئتيها أي بين شرقها وغربها. لكن البابا يوحنا بولس الثاني كان أوروبيًّا ولذلك يمكن أن نقرأ فضله على القارة الأوروبيّة بمنظار مختلف، أما مع البابا فرنسيس فوجهة النظر هي دعوة أوروبا في الأفق العالمي لأن الأب الأقدس، وفي هذه المرحلة من الزمن، يحدث العالم بأسره من خلال رسالته العامة “كن مُسبّحًا” وخطاباته حول السلام في العالم والحوار ما بين الأديان والتضامن بين الشعوب. وبالتالي ومن خلال رسائله هذه يظهر البابا فرنسيس كملهم كبير للقارة الأوروبيّة اليوم.