(روبير شعيب)
الفاتيكان، 6 فبراير 2008 (ZENIT.org). – تحدث الأب الأقدس في مقابلة الأربعاء العامة عن معنى زمن الصوم مشيرًا إلى أنه كان يعتبر من قبل مسيحيي العصور الاولى “الزمن الذي يصير فيه المرء مسيحيًا”، وأوضح أن هذه الصيرورة “لم تكن تتحقق في هنيهة واحدة، بل كانت تتطلب مسيرة طويلة من التوبة والتجدد”.
ولم تكن أهمية هذا الزمن تقتصر على الموعوظين بل كانت تضم المعمدين أيضًا الذين كانوا “ينضمون إلى هذه التحضيرات ليتذكروا السر الذي تلقوه، ويستعدوا لشركة متجددة مع المسيح في الاحتفال الفرح بالفصح”.
وتابع الأب الأقدس: “وهكذا كان زمن الصوم وما زال يحتفظ بطابع المسيرة إلى المعمودية، بمعنى أنه يساعد على الحفاظ على الوعي بأن الكيان المسيحي يتحقق دومًا من خلال صيرورة مسيحية متجددة”.
وبالحديث عن التعابير التي يقولها الكاهن عندما يضع الرماد على الجباه: “اذكر أنك تراب وأن إلى التراب تعود” (راجع تك 3، 19)، أو يكرر تحريض يسوع: “توبوا وآمنوا بالإنجيل” (راجع مر 1، 15)، قال الأب الأقدس: “يشكل كلا التعبيرين نداءً إلى حقيقة الوجود الإنساني: نحن خلائق محدودة، وخاطئة، ونحتاج دومًا إلى التكفير والتوبة. ما أهم الإصغاء لهذا النداء والإذعان له في أيامنا هذه! كم هو مهم أن نصغي وأن نتقبل هذا النداء في زمننا هذا!”.
وتابع بالقول: “عندما يعلن الإنسان المعاصر استقلاليته المطلقة عن الله، يصبح عبدًا لذاته، وغالبًا ما يجد نفسه في عزلة بائسة. الدعوة إلى التوبة إذًا هي حثٌّ للرجوع إلى ذراعي الله، الآب الحنون والرحيم، إلى الثقة به، والاتكال عليه كأبناء بالتبني ولدوا من جديد بفضل حبه”.
كما وتحدث الأب الأقدس عن إمكانية خبرة الفرح المسيحي في صلب التقشف والإماتة بالقول: “الفرح الوحيد الذي يملأ القلب البشري هو ذلك الفرح الآتي من الله: فنحن بحاجة إلى فرح لا متناهي. لا الاهتمامات اليومية ولا مصاعب الحياة تستطيع أن تطفئ الفرح الذي يولد من الصداقة مع الله”.
وأضاف: “تبدو دعوة يسوع إلى حمل الصليب وإلى اتباعه في أول الأمر قاسية ومناقضة لما نريده، ومميتة لشوقنا إلى تحقيق الذات. ولكن النظر عن كثب يساعدنا على أن نكتشف بأن الأمر ليس كذلك: تبرهن شهادة القديسين على أنه في صليب المسيح، في الحب الذي يهب نفسه، متخليًا عن ملكية الذات، يكمن السلام العميق الذي هو منبع التزام نحو الإخوة، وخصوصًا الفقراء والمعوزين”.