في الماضي، كانت أبواب المدن الكبيرة التي تقفل عند المساء بهدف حماية السكان، تحوي باباً أصغر؛ وهذا الباب كان معَّد فقط لمرور الناس الذين يتم التحقق من سلامة وضعهم و حاجتهم الدخول بعد إقفال الأبواب الكبيرة. و كان يحدث أن بعض التجار يتأخرون في أعمالهم خارج المدينة و بالتالي لن يتمكنوا من الدخول مع جمالهم المحملة بالبضاعة إذ أن الأبواب الصغيرة بطبيعة الحال لم تكن تتسع لمرورها. و يُعتقد أن في أورشليم أحد هذه الأبواب الصغيرة كان يدعى “خرم الأبرة”، منه لن يتمكن أن يمر التجار بجمالهم… و حتى و لو عمد هؤلاء الى تفريغ البضاعة لن يستطيع الجمل أن يدخل إلا بصعوبة بالغة، و”يحشر نفسه حشراً مدبدبًا على ركبتيه.”
وكانت هذه الصورة تستعمل للوعظ والإرشاد، و قد أشار إليها الرب بقوله “أن يدخل الجمل في خرم الإبرة أيسر من أن يدخل الغني ملكوت الله” : إذاً من يريد دخول “أمان” الرب عليه ألاّ يتكل على ماله!! لا، بل لا يجب أن يتردد المرء بترك ماله هذا إذا كان يشكل عائقاً لدخوله الملكوت. أما في صورة الجمل إذا نجح بالدخول أمثولة أخرى تفيد بأن على قاصد الملكوت التقرّب من الربّ متواضعاً ساجداً، ونافضاً عنه أثقال الحياة.
و لكن علينا أن ندرك أن في نظر الرب، ليس الغنى أو المال بحد ذاته شر إنما تأليه المال و إعتباره عصب الحياة على حساب حياة الملكوت هو المُدان.
نذكر أن في مثل لعازر و الغني : لعازر يعني “الله يساعد”، ومن خلال اسمه يفيدنا لوقا ان الفقير كان متكلاً على مساعدة الله وراجياً له، بعكس الغني الذي كان “يتنعم” بغناه دون الاهتمام بواجب الرحمة. إذاً: الحرية البشرية هي المسؤولة عن الخير والشر. والمحبة هي المعيار…
و في هذا المعنى لا يعد كل فقر ممدوح، فالفقير الذي تستعبده شهوة الغنى يصبح كالغني “المستغني” عن الله…. و هذه هي المقاربة التي يحذر منها الرب.
jarmoluk - CC0 - Pixabay
الفقير الذي تستعبده شهوة الغنى يصبح كالغني "المستغني" عن الله
في الماضي، كانت أبواب المدن الكبيرة التي تقفل عند المساء بهدف حماية السكان، تحوي باباً أصغر؛ وهذا الباب كان معَّد فقط لمرور الناس الذين يتم التحقق من سلامة وضعهم و حاجتهم الدخول بعد إقفال الأبواب الكبيرة. و كان يحدث أن بعض التجار […]