بعد صدور الإرشاد الرسولي “فرح الحب”، كثُرت الأسئلة حول كيفية تطبيقه عملياً ضمن رعايانا، وصولاً إلى عائلاتنا، في ظلّ تكاثر ما نسمعه من مشاكل من كلّ حدب وصوب. لذا توجّهنا بالسؤال إلى أحد أهل الاختصاص ضمن دردشة سريعة، لا يمكن إلّا أن تنطبق عليها مقولة “خير الكلام ما قلّ ودلّ”!
وقبل البدء بعرض رؤية الأباتي سمعان أبو عبدو لكيفية تطبيق “فرح الحب”، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه الرئيس العام السابق للرهبانية المريمية وُلد في الشوف عام 1955. بعد إنهائه الدروس الثانوية، دخل الرهبانية المارونية المريمية وسيمَ كاهناً سنة 1981. حاز دبلوماً في الفلسفة وإجازة في اللاهوت، إضافة إلى دكتوراه في لاهوت الزواج والعائلة من معهد يوحنا بولس الثاني، فما كان من الدكتوراه والدراسات المعمّقة في هذا المجال، إضافة إلى جهوده الخاصّة، إلّا أن مهّدت له الطريق ليصبح منسّق “مكتب راعوية الزواج والعائلة” في الدائرة البطريركية المارونيّة حاليّاً، بدون أن ننسى كونه أستاذاً محاضراً في جامعة الحكمة، بيروت.
كان الأباتي أبو عبدو من أوّل الأشخاص الذين طالبوا منذ ثلاثين سنة بدورات التحضير للزواج، لما فيها من أهميّة تنعكس على حياة العائلة. وبحسب قوله، “قاتل حتّى الموت مع رجال الكنيسة” – وأبرزهم غبطة البطريرك الراعي – لوضع دورات التنشئة في الإصغاء والمرافقة العائلية.
واليوم، يشرح لنا الأباتي أنّه إن أراد كاهن يخدم رعيّته أن يسأل: ماذا عليّ أن أفعل بخصوص راعويّة الزواج؟ كيف يمكنني أن أساعد الثنائيين الذين يقصدونني طلباً للنصائح والمشورة؟ ويأتي الجواب مباشرة من السلطة الأعلى في الكنيسة، من الأب الأقدس الذي يمسك ذاك الكاهن بيده ويدلّه على الأجوبة، عبر فقرات الإرشاد الرسولي الجديد للبابا فرنسيس “فرح الحب”. فلأوّل مرّة يشير البابا إلى المخاطر التي تتعلّق بمواضيع شتّى، ويدلّ الكاهن على المشكلة في العائلة، كما ويقدّم له خيارات، ويطرح له بعض أبواب الحلول. من هنا، تبدأ آليّة التطبيق، إذ أنّه سيكون على كاهن الرعيّة أن يتمّم عمله عبر الاستناد إلى وثيقة مهمّة يحملها بين يديه، فيُكمل مع الثنائي ذاك “المشوار”.
من ناحية أخرى، يقول الأباتي أبو عبدو إنّه ليس على كلّ رعيّة أن تدرك أهمّية مرافقة الأزواج بعد الزواج فحسب، بل أن تعمل جاهدة على تأمين تلك المرافقة، وخاصة في السنين الأولى لزواجهم، وإلّا لبقي الجميع في المثاليّات! من هنا، يخلص الأباتي إلى القول إنّ استراتيجية التطبيق تكمن في وجود “مرجع ودستور للّقاءات”، فـ”فرح الحبّ” خارطة عمل جديد وطريق لراعوية الزواج والعائلة. إنها تتحدانا، فعلينا أن نقبل التحدّي ونذهب إلى التطبيق!
أمّا من الناحية العمليّة، فيشجّع الأباتي أبو عبدو على إقامة لقاءات وتنظيم لقاءات وندوات تخصّ المناسبات العائلية السنوية، كعيد الأب والأم وعيد الحبّ وعيد العائلة، شأن ما يفعله “مكتب راعوية الزواج والعائلة”، وما تفعله بعض اللجان العائلية والأبرشيّات، بهدف حثّ الشباب على اكتشاف قيمة الزواج وغناه، والتشديد على أهمية المواكبة الرعائيّة للمسيرة العائلية، لكي “يختبر الجميع أنّ إنجيل العائلة هو فرحة تغمر القلب والحياة بأكملها”.
وكما كان الأباتي قد سبق وقال خلال محاضرة ألقاها لمناسبة عيد العائلة، لا يسعنا القول إلّا أنّ “السبيل الوحيد إلى السعادة، هو أن يجعل كلّ منّا من حياته فعل حبّ. فالعائلة التي تعيش فرح الحب وفرح الحياة وفرح الإيمان وتنقله بعفويّة، هي ملح للأرض ونور للعالم، وهي الخميرة للمجتمع بأسره”.