“لا تخافوا!” هذه العبارة التي ذكّر فيها البابا بدعوة المسيح حاثًا على تجاوز المخاوف من المهاجرين والتجرّؤ على لقاء الآخر، وذلك أثناء القداس الإلهي الذي احتفل به اليوم في ضواحي شمال روما في 15 شباط 2019. في الواقع، إنّ القراءة الأولى والمزمور المأخوذين من سفر الخروج (خر 14: 5 – 18 وخر 15: 1 -7، 17 – 18) وحتى الإنجيل (متى 14: 22 – 33) كلّها تدعو إلى الثقة بالله في وقت المحن.
وفسّر البابا: “من خلال هذه المقاطع البيبلية، يخاطبنا الرب اليوم ويسألنا أن ندعه يحرّرنا من مخاوفنا” إنها كلمات أثّرت في الجمع الحاضر أثناء القداس: مهاجرين وعائلات وجمعيات ملتزمة في استقبال المهاجرين في إيطاليا وإدماجهم (مؤسسة ميغرانتس، كاريتاس إيطاليا ومركز أستالي).
الخوف، شعور مشلّ
حذّر البابا في عظته: “الخوف هو أصل العبودية… إنه أيضًا أصل كلّ ديكتاتورية، لأنّ عنف الديكتاتوريين ينمو على حساب خوف الشعوب. أمام الشرور، نحن نميل إلى التخلّي عن حلم الحريّة، مثل شعب إسرائيل في زمانه، وأحيانًا نبدي خوفًا شرعيًا. إنّ العبارات البشرية لقائد أو نبي لا تكفي لتطمئننا، عندما نفشل بالشعور بحضور الرب ونعجز عن التخلّي عن رعايته”. من هنا، ننسحب إلى ذواتنا، في أماكن راحتنا الهشّة ودائرة الأشخاص الذين يحبّونا، في روتيننا المطمئن”. إنه موقف جاف يزيد خوفنا من الآخرين وهو موقف منتشر اليوم نبديه تجاه المهاجرين واللاجئين الذين يقرعون على بابنا. إنما الخوف هو شرعي لأننا نفتقد إلى الاستعداد لهذا اللقاء. التخلّي عن لقاء ما ليس بشريًا”.
الثقة والتعرّف إلى يسوع المسيح
تفتحنا النصوص البيبلية إلى درب أخرى: التغلّب على الخوف للانفتاح إلى اللقاء. التبريرات العقلانية والحسابات الإحصائية غير كافية…. ألا يؤكّد الإنجيل ذلك؟ “الحق الحق أقول لكم، كلّ ما فعلتموه من أجل أحد إخوتي هؤلاء الصغار فلي أنا فعلتموه” (متى 25: 40). يمكننا أن نجرّب المسيح مثلما فعل الرسول بطرس أو أن نجاهد من أجل التعرّف إليه. إنما بالرغم من كلّ ذلك، إنه حقًا هو، “مع الثياب الرثّة، والأقدام الوسخة والوجه المشوّه والجسد المكسو بالجراحات، العاجز عن التحدّث بلغتنا…. وإن كان الخوف يسيطر علينا فالربّ لن يتخلّى عنّا أبدًا، حتى لو كنا رجالاً ونساء “قليلي الإيمان”، يمدّ لنا يده على الدوام ليخلّصنا ويسمح لنا بلقائه، لقاء يخلّصنا ويُشعرنا بفرح أن نكون من تلاميذه”.