Saint Joseph, photo taken by Robert Cheaib, Pixabay, CC0

أكثر من نجّار

العائلة والقديس يوسف

Share this Entry

يقول البابا فرنسيس عن العائلة: “العائلة هي أول مكان نتعلم فيه الحب!”. العائلة هي نواة المجتمع وأكثر دعائمه الأساسية ولا من وجود له من دونها. فالعائلة هي رئة المجتمع وهوائه في آن. فهي خزّانه البشري. ومن مثل القديس يوسف لنسلمه عائلاتنا. الآب اختاره ليكون حارس ووالد ابنه على الأرض. فهو الذي تخلى عن ابوته الجسدية ليكون أبا لطفل ليس من صلبه. القديس يوسف أب المسيح والكنيسة جمعاء حيث أعلنه البابا بيوس التاسع سنة 1870 شفيعا للكنيسة الكاثوليكية.

تأتينا حياته مختصرة جدًا إذ أننا لا نعلم عنه إلاّ اليسير سوى ما ذكره الكتاب المقدس العهد الجديد. ذكره كالتالي: ولد في بيت لحم وينتمي إلى سلالة ملكية تعود به إلى الملك داوود. امتهن النجارة وعلّمها ليسوع. أرسل الرب الملاك جبرائيل إلى مدينة الناصرة ليبشر مريم بمولود وقد كانت مخطوبة ليوسف هذا وقتها. وتعجبت مريم من كلام الملاك قائلت: “كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلًا”. حسب الروايات الشعبيّة، فَكَّر يوسف في فسخ الخطوبة من مريم وأخذها إلى بيته. بعد ولادة يسوع، أخذ يوسف عائلته إلى مصر هرباً من هيرودوس، بعد أن ظهر له الملاك. وأشار يسوع إلى يوسف بكلمة “أبي” وكذلك فعلت أمه مريم. ولا يوجد ذكر ليوسف عند صلب يسوع ولم يكن موجوداً حينها، لأنه حسب المعتقد المسيحي كان قد انتقل إلى ديار الآب.

يقول البابا فرنسيس في تعليمه حول القديس يوسف (19 آذار 2014): “القديس يوسف لم يكن أب يسوع، لأن أب يسوع هو الله، لكن يوسف قام بمهام الأب حيال يسوع وساعده على النمو. فكان يسوع ينمو في القامة وهذا يعني أنه كان يكبر من الناحية الجسدية والنفسية، إذ قدم له يوسف ومريم ما يلزم لينمو نموا سليما ويجب ألا ننسى أن  العائلة المقدسة لجأت إلى مصر وذاقت طعم اللجوء. فيسوع كان لاجئا مع مريم ويوسف هربا من تهديدات الملك هيرودس. بعدها عادت العائلة إلى وطنها واستقرت في مدينة الناصرة. وخلال تلك السنوات علّم يوسف يسوع مهنته، فأصبح نجارا!”. وفي مكان آخر من نفس التعليم يقول: “كان بالنسبة ليسوع مثالا ومعلما في الحكمة، التي تتغذى من كلمة الله. يمكننا أن نفكر كيف ربّى يوسف يسوع على الاستماع للكتابات المقدسة، لاسيما من خلال مرافقته يوم السبت إلى المجمع في الناصرة. وكان يفعل ذلك ليتمكن يسوع من الإصغاء لكلمة الله”. من خلال هذه القراءة المجتزئة من تعليم البابا فرنسيس نكتشف بأن يوسف كان محاميًا للمسيح وكان مثال الأب الصالح له.

حسب التقليد فإن القديس يوسف هو مثال الأب وهو نور للآباء، وحارس العذارى وتعزية للبؤساء ومحاميا للعائلات وخاصة المتفكّكة منها. وتضع الكنيسة القديس يوسف سندًا للعائلة في هذه الظروف الصعبة التي يمّر بها الشرق المنازع. كان يوسف هو المطيع للمشروع الخلاصي يقول البابا فرنسيس في رسالته “بقلب أبوي”، العدد الثالث بمعرض حديثه عن طاعة القديس يوسف: “لقد عرف يوسف، في كلّ ظروف حياته، كيف يقول “ليَكُن”، على غرار مريم يوم البشارة، ويسوع في جتسماني. وعلّم يوسفُ يسوعَ، بصفته ربّ العائلة، أن يكون خاضعًا لوالديه (را. لو 2، 51)، وفقًا لمشيئة الآب (خر 20، 12). وتعلّم يسوع، متتلمذًا على يد يوسف في خفية الناصرة، أن يتمّم مشيئة الآب. وأصبحت هذه المشيئة طعامه اليومي (را. يو 4، 34). وفضّل، حتى في أصعب لحظات حياته، التي عاشها في جتسماني، أن يتمّم مشيئة الآب لا مشيئته، و”أطاع حتى الموت […] موت الصليب” (في 2، 8). ولذا يستنتج كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن يسوع قد “تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ، […] بما عانى مِنَ الأَلَم” (في 5: 8). نستنتج من كلّ هذه الأحداث أن الله قد دعا يوسف “لكي يخدم بشكل مباشر شخص يسوع ورسالته من خلال ممارسة أبوّته: فيتعاون بهذه الطريقة في سرّ الفداء العظيم في ملء الزمان، وهو حقًا خادم الخلاص”. القديس يوسف هو نموذج للعائلة، بالعديد من الأوجه كما ذكرنا سابقًا بالطاعة لله، والتضحية والمحبّة.

Share this Entry

سليمان فرنجيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير