في ظل الظروف التي يمر بها العالم وهذه الأحدث التي غيمت على الأرض بغيوم إلياس وفقدان الحياة وقد حان وقت ونهاية المطاف. فعالم اليوم يريد أن يكون بدون الله. ويقول البابا بندكتوس السادس عشر” عالم بدون الله هو عالم بدون رجاء”
في عالمنا اليوم نعيش خبرة الألم والصعوبات والحروب وفقدان السلام على كوكب الأرض. لكن عندما نتحد مع يسوع صاحب السلام والرجاء نعيش في الطمائنينة. ومع خبرة تلاميذ عماوس عندما كان يسوع يسير معهم “وفي الطريق تكلم معهم يسوع تحدث وكليوباس قال أنت وحدك غريب في أورشليم فلا تعرف… وكنا نأمل أن يكون هو الذي يخلص إسرائيل ومع ذلك اليوم، فهذا هو اليوم الثالث لتلك الأحداث التي وقعت.
عاش تلميذي عماوس، خيبة أمل كبيرة، لأنهم توقفوا عند حدث يوم الجمعة، ولم يكملوا مسيرتهم ليروا حدث يوم الأحد. بينما الرجاء يدعو الإنسان المسيحي إلى الانطلاق نحو فجر الأحد على مثال مريم المجدلية كانت تبحث عنه في البستان، عندما تقابلت معه قالت له رابوني أي يا معلم.
ومن خلال النص تلاميذ عماوس نجد نقطتين: النقطة الأولى: مرحلة إلياس والنقطة الثانية هي اكتشاف الرجاء في يسوع المسيح القائم من بين الأموات. ومع سر الأفخارستيا فانفتحت عيونهما وعرفاه. وعندما يذكر الكتاب المقدس كلمة الليل وهي تعني الظلمة والتجارب والصعوبات التي يمر بها الإنسان في حالة الإنسان ينتصر على الظلمة من تلك اللحظة يدخل في الرجاء بيسوع المسيح.
علينا أن نعود إلى مصدر حياتنا وهو الله من خلال الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة ومسيرة الكنيسة إلى اليوم بعمل الروح القدس.
الرجاء في الكنيسة هو كفضيلة وركن أساسي في الإيمان المسيحي، فالإنسان المسيحي يعيش دائما في حالة رجاء. وفي ظل الحروب التي يعيشها المجتمع اليوم علينا أن نتحلى بالرجاء. بين روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل وفلسطين، وداخل الدول بين الغني والفقير وبين الطبقات الاجتماعية.
وفي هذه الزمن قد نحتاج إلى القديس فرنسيس الأسيزي، رجل السلام يزرع السلام والرجاء حيث إلياس والحقيقة حيث الضلال والنور حيث الظلمة. من هو القديس فرنسيس اليوم هو كل إنسان يسعى إلى السلام يحمله من يسوع ويعطيه للعالم ومن تلك اللحظة يبزغ الرجاء في المعمورة كلها. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.
لدينا ثلاثة عناصر لكي نفهم مصدر الرجاء الذي فينا. يكلمنا القديس بطرس في رسالته الأولى” بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم، مستعدين دائما لمجاورة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم، بوداعة وخوف، “(1 بطة 3:15).
1 عنصر الله هو إله الرجاء: الشعب المسيحي مبني على الرجاء لأنه مسكن للروح القدس وأبناء الله بالتبني وأخوة ليسوع المسيح.” يريدنا بولس أن ”نزداد في الرجاء. بقوة الروح القدس “والرجاء مصدره الروح القدس وقد أخذنا الروح القدس في سر الميمون وأصبحنا هياكل للروح القدس الساكن فينا.
وفي عودة إلى ماض أبعد وأكثر قسوة نسترجع ما ذكر البابا بيوس الثاني عشر في رسالته الإذاعية لمناسبة عيد الميلاد سنة 1944، وكان هذا الميلاد السادس خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تحدث عن الرب، هو فجر الرجاء الذي يبزغ وسط الألم ويأس الأشخاص والجماعات، وعن رجاء ورغبة في أن تكون نهاية الحرب بداية لتجدد عميق وإعادة تنظيم للعالم. وفي المزمور (146)” طوبى لمن إله يعقوب معينة، ورجاؤه على الرب إلهه “.
وفي حياة النبي صموئيل نجد حجر المعونة عندما كان شعب بني إسرائيل مع صموئيل النبي وفي وسط الألم والصعوبات، ويقول:” وإلى هنا أعاننا الرب (حجرة المعونة).” فأخذ صموئيل حجرا ونصبه بين المصفاة والسن، ودعا اسمه «حجر المعونة» وقال: «إلى هنا أعاننا الرب» (1صم 7:12) في نهاية خدمة صموئيل النبي الشعب قدم توبة حقيقية. حجر الانتصار على الشعب الفلسطيني. هذا النبي كان لديه إيمان قوي.
“فأخذ صموئيل حملا رضيعا وأصعده محرقة بتمامه للرب”. لقد فهم صموئيل أن أساس الخلاص ليس هو الصراخ، بل المحرقة التي تجلب رضى الله عليهم. وصرخ صموئيل إلى الرب، فاستجاب الرب وانكسر الأعداء أمام إسرائيل. «فأخذ صموئيل حجرا ونصبه بين المصفاة والسن ودعا اسمه حجر المعونة وقال: إلى هنا أعاننا الرب». وانتصر شعب بني إسرائيل على الشعب الفلسطيني. كل واحد فينا له نقطة انتصار ونصب حجر المعونة وهي معونة الرب ليك لأن الرب أعطاك قوة ونعمة.
صمؤئيل النبي كان لديه رجاء كامل بالله بأن يرافقه في في حياته ويرافق شعب بني إسرائيل.
فالرجاء عند القديس بولس الرسول هو تحقيق بالمواعيد التي ربحها المسيح لحساب البشرية وهي الحياة الأبدية التي يعتبرها القديس بولس في متناول اليد “أمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت”(1تي6: 12). فالخلاص الذي جعله ملك الرجاء “لأننا بالرجاء خلصنا”(رو8: 24). الرجاء المسيحي هو رجاء من نوع آخر غير ما ترجوه أي نفس أخرى في العالم فالرجاء المسيحي يختص بالأمور الروحية القائقة التي تفوق تصور الإنسان الطبيعي. فاني الرجاء مبني على إيمان موطد فهو رجاء حي لا يخزي. “لأن الذي وعد هو أمينا”(عب1: 23)
فالرجاء المسيحي هو مصدر الفرح الداخلي، لأنه يجعل الأمور غير الموجودة وغير المنظورة كأنها حاضرة. ويقول البابا بولس السادس عن الرجاء الموجه إلى المسيح والمتكل عليه يمر عبر معلني الرجاء، رجال الله الذين يشهدون لهذا الرجاء، للمسيح نفسه. وتحدث البابا خلال سبعينيات القرن الماضي العصيبة عن الرجاء إلى الأجيال الشابة المتعطشة إلى الرجاء في عالم أفضل. وذكر في أحد الشعانين سنة 1972 الرجاء في يسوع المسيح لأنه أرسله الله مخلص العالم أذن نجد الرجاء في يسوع المسيح. فالإنسان المتحد بيسوع هو إنسان مليان رجاء. وعلينا أن نكون شهود رجاء ليسوع المسيح ونشجع كل إنسان نتقابل معه في مسيرتنا اليومية.
ومن هنا نتذكر الأحداث عن الثورة العرابية والرهبنة الفرنسيسكانية بمصر وخاصة الوجه البحري عندما الأجانب يتقابلون مع الرهبان كانوا محبطين لديه خيبة أمل وفقدان الحياة وكان يتكلمون مع الرهبان ومن هنا كانوا يزرعون الأمل والرجاء بيسوع المسيح من خلال ممارسة الأسرار المقدسة وقوفهم معهم في هذه المواقف الصعبة. إن فعلى الإنسان عليه أن يكون سبب رجاء للأخريين.
والبابا يوحنا الثالث والعشرون، والذي تحدث بدوره عن الرجاء خلال افتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني في تشرين الأول أكتوبر 1962 مشيرا إلى الرجاء في مستقبل أكثر كرامة للبشرية وللكنيسة. وتحدث حينها أيضا عن عن نور وحنان وسلام الرب والتي جمعت المشاركين في المجمع بالشكل الذي يجب أن تكون عليه الحياة. فالمجمع الفاتيكاني الثاني عضو علامة رجاء للكنيسة وعنصرة جديدة في داخل الكنيسة.
2 عنصر الثقة بالله: “هذا الرجاء هو لنا كمرساة للنفس، وهو أكيد وثابت”(عب 6). وقداسة البابا فرنسيس، في مقابلته العامة مع المؤمنين الأربعاء 26 آب أغسطس 2020 قال مواصلا تعليمه الأسبوعي: “محدقين النظر إلى يسوع ومع اليقين بأن محبته تعمل من خلال جماعة تلاميذه، علينا جميعا أن نعمل معا، في الرجاء بأن نخلق شيئا مختلفا وأفضل”.
عنصر كلمة الله كلها ثقة: “فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلًا الصَّلِيبَ».” (مر 10: 21).
فالبابا فرنسيس يستخدم كلمة محدقين النظر في كل المواقف الحياتية بحياة يسوع المسيح كان ينظر إلى الآخرين وفي كل دعوة داخل العهد الجديد هي ونظرا إليه فأحبه، أو أشفق عليه، تحنن عليه. ونرى دعوة التلاميذ الأوائل عندما قال يوحنا المعمدان هو ذو حمل الله الذي يحمل خطية العالم وفي تلك اللحظات تلاميذ يوحنا قالوا ليسوع أين تمكث. القديس يوحنا المعمدان يوجه التلاميذ إلى الرجاء أي إلي يسوع المسيح مخلص العالم.
فالبابا القديس يوحنا بولس الثاني 1989م. وقال إننا نستعد لاستقبال المسيح الذي يأتينا مخلص للعالم، ونعلم أنه يأتي بقوة روحية تبدل الكون وتجدده، ولهذا فلدينا اليقين بأن رجاءنا لن يخيب وأن المسيح نفسه هو من يضمن إتمام هذا الرجاء، وعندما تحدث البابا بندكتوس السادس عشر تحدث في رسالته العامة “بالرجاء مخلصون”
وقال: “المكان الأول والجوهري لفهم الرجاء هو الصلاة لأنها هي مدرسة. حتى ولو أن الجميع رفضوا أن يصغوا لي، يبقى الله يصغي لي. لكن من يصلي لا يكون أبدا وحيد”. وإن الصلاة تنمي الرجاء وتغذيه، وأننا حين نصلي فإننا نمارس الرجاء دائما.
3 عنصر الإيمان: آمن (إبراهيم) راجيا على غير رجاء فأصبح أ ب لعدد كبير من الأمم “(روما 4,18) الإيمان هو رجاء معنى الرجاء هو المبني على الإيمان في العهد الجديد والكنيسة الأولى وفي الرسالة الأولى إلى أهل كورتني 1:18-31)” الحياة بحسب المسيح “. الإيمان هو قبول وحي الله. الإيمان، باعتباره معرفة وحي الله، يسبق الرجاء: «بدون رجاء لأنهم كانوا بدون إله في العالم» القديس غريغوريوس النزينزي يوضح هذه الفكرة: يقول إن الوقت الذي سجد فيه المجوس للملك الجديد، وقد قادتهم النجمة، هو وقت نهاية التنجيم، إذ منذ ذلك اليوم تدور النجوم بحسب المدار الذي يقرره المسيح.” ملكوت الله يصل إلى حيث إيمان الكنيسة تخطاه الزمن “يقول البابا بندكتوس السادس عشر في رسالته مخلصين بالرجاء فقرة رقم 31”. وهذا الرجاء الأكبر لا يمكن أن يكون سوى الله وحده، الذي يضم إليه الكون والذي يستطيع أن يعرض علينا ويعطينا ما لا نقدر أن نحصل عليه وحدنا، وينعم علينا بعطية، فهذا جزء من الرجاء. الله هو أساس الرجاء “.
ومصدر الرجاء الحي هو من خلال ميلاد السيد المسيح جاء الله ليكون مع البشر، وفي قيامة المسيح في اليوم الثالث أثبت الله انه في صالح البشر والقائم على خلاصهم.
4 عنصر الصلاة: هو أول مكان أساسي للتنشئة على الرجاء هي الصلاة. إن لم يعد هناك أحد يسمعني، فالله لا يزال يسمعني. إن لم يعد بوسعي الكلام مع أحد، إن لم يعد بوسعي الابتهال إلى أحد، بإمكاني دائما الكلام مع الله. لا تعني الصلاة خروج الإنسان من التاريخ بل يحمله في قلبه ليرفعه في الصلاة. الطريقة الصحيحة للصلاة هي عملية تطهير داخلي تجعلنا نستحق الله وبالتالي الاتحاد أيضا بالناس. في الصلاة، يجب أن يتعلم الإنسان ما يستطيع حق أن يطلب من الله. في الصلاة يجب أن يكون هناك دائما ترابط بين الصلاة العامة والصلاة الشخصية. هكذا نستطيع الكلام مع الله، هكذا يكلمنا الله.
عندما نستقي الرجاء من الصلاة نكون على صخرة ثابتة في الإيمان. البابا فرنسيس يقول:” لكي نكون رجال رجاء علينا أن نعيش بدون أن نتعلق بشيء وأن نعيش في توق للقاء الرب؛ أما إن فقدنا هذا المنظار تصبح حياتنا راكدة وتفسد “. القديس بولس يكتب لنا في رسالته إلى أهل روما” أرى أن آلام الزمن الحاضر لا تعادل المجد الذي سيتجلى فينا. فالخليقة تنتظر بفارغ الصبر تجلي أبناء الله “.
الرجاء عبارة عن حبة الخردل والخميرة.
متطلبات للحصول على الرجاء: الرجاء هو مركزية الله” في كل شيء. الرجاء المسيحي هو رجاء حي لأنه مبني على قيامة المسيح الحي. فبدون القيامة لا يوجد رجاء، بدون القيامة لا يوجد خلاص. التحلي بالصبر وأضع كل شيء في يد الرب، على مثال رجل يدفن البذور في الأرض وعنده الثقة الكاملة أن تصبح هذه البذرة شجرة كبيرة. أضع كل شيء في يد يسوع المسيح. وأكون على مثال التلاميذ على حسب كلمتك ألقي الشبكة.