Avatar

1

Articles par أنطوانيت نمّور

واجب إعلان الحقيقة: خبرة القديسة برناديت

من الضروري و الواجب إعلان الحقيقة. فإن تجاهل الحق يشبه تقديم المسيح مجدداً لصليب اللامبالاة والمصالح الضيّقة: واقعٌ لا ينتج سوى الموت.
ولكن من ناحية أخرى إذا لم يقم النقاش مع الآخر على أساس التعرّف على الحق و تذوقه، يصبح الجدال عقيم لا يبرز سوى التعصب والأنا الفارغة إلا من التباهي في القدرة على التلاعب على الكلام والإقناع .

"ما هو الحق؟"

مشهدٌ غريب وصعب:
يسوع المسيح، الخالق و ديّان العالم، يُقدّم كسجين و مجرم!! 
في دارة بيلاطس البنطي بعد جلده بشراسة، وقف ابن الله الأزلي تحت الإستجواب. وفي معرض محاكمته، قام الحاكم الروماني بطرح سؤالًا غاية في الأهمية: 
“ما هو الحق؟”. 
و لكن، كالعديد بيننا إفتقر بيلاطس إلى التواضع والصبر والحكمة في بحثه عقب الحقيقة و أضاعها… لم ينتظر جواب الربّ، وخرج…
خرج ليعلن براءة سيحكم عليها صلباً!
خرج مقدّماً العدل ثمناً لرضى قيصر.
خرج يغسل يديه من دم البريء الذي حكم عليه إرضاءً لشهوة السلطة.
“ما هو الحق”؟؟؟
قال له يسوع: “أنا هو الطريق والحق والحياة”. (يوحنا 14:6)
إنّها إجابة الربّ التي إستبقت سؤال بيلاطس… فقبل صمت الربّ الآني أمام السؤال الذي لم ينتظر جواباً، يسوع كان قد أعلنها بين الجموع:
أشياء كثيرة قد تحتوي على حقّ، ولكن شيء واحد يمكن أنْ يكون هو الحق. والحق يجب أنْ ينبع من مكان ما، من شخص ما، أكثر من مجرّد إنسان: وهو المسيح!!
إنّه، هو، الحق و جوهره.
إنّه، هو، الحق الذي يبدّد كلّ ما هو باطل.
إنّه، هو، الحق الذي يسقط كلّ قناع.
“ما هو الحق”؟؟
عندما طرح بيلاطس هذا السؤال كان يحدق بعينيّ الحق… 
ولكنّه خرج، لم يتخذه طريق!!
وسنين بعد المحاكمة الظالمة التي علّقت البريء فوق خشبة الصليب، يأتي خبر من يوسابيوس، المؤرّخ وأسقف قيصرية، أنّ بيلاطس انتحر أثناء حكم كاليجولا. في هذه النهاية المؤسفة للحاكم الروماني ما يذكر عالمنا الذي أقلقه هذا السؤال لفترة طويلة: أنّ تجاهل الحق ينتج الموت. 
أنّ تقديم المسيح لصليب لامبالاتنا ومصالحنا الضيّقة ينتج الموت.
اليوم، علّنا نضحي ممن هم على إستعداد للوقوف بتواضع على أبواب الحكمة، مدركين أنّ الربّ هو الحق، وهو غاية في الأهميّة: فإدراكنا هذا يقررّ حياتنا والأبديّة … والأبديّة طويلة جدّاً ومن المفجع أن نكون مخطئين بشأنها.
اليوم، على عكس بيلاطس، علّنا نختار الحق في وجه ضلال كلّ صالبيه!!!

كيف أن ملاكاً يعزي ابن الله؟؟؟

” بستان جسيماني ” هو عبارة عن حديقة كانت ملكًا لأرسطوبولس، و كانت تنتشر فيها أشجار الزيتون، و فيها أيضاً بيتًا ريفيًا يكفي لمبيت مجموعة كبيرة.. لقد إعتاد أغنياء اليهود أن يكون لهم حدائق خارج المدينة يقضون فيها أوقات الراحة.
ولكن ليلة الخميس تلك لم تقدم الراحة لزائر “جسيماني ” الخاص، و في ترجمتها من الأرامية قد تناسب وجع الليل ذاك: ف”معصرة الزيتون” تلك شهدت على آلالام الرب المهولة وإنسحاق قلبه كما إنسحاق الزيتون تحت حجر المعصرة… فعرق دماً.
كانت معاناة ربنا أكبر من معاناة إنسان يكافح مع واقع قبح الصليب الآتي.
لقد كانت المعاناة خارقة للطبيعة، وفريدة من نوعها، لا مثيل لها، معاناة الله المتأنس البريء، الذي وحده يمكنه فهم أعماق بر الله و يتألم على خطيئة الإنسان، لا سيما ذاك الإنسان الذي سيرفض رحمته….
معاناته كانت خارقة للطبيعة و أتت تعزية خارقة للطبيعة… فظهر ملاك من السماء يشدده.
و لكنه رب الملائكة ولا يتحرك ملاك بغير إذنه، إذاً هو من سمح لهذا الملاك بالظهور وقت الضيقة الشديدة، ليُعلّمنا أنه متى انسكبنا في صلواتنا وقت الضيقة فإن ملائكته تشددنا …