مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم
حلب، الاثنين 26 مارس 2012 (ZENIT.org). - بدايةً، إنَّ مبادرة دعوة ممثِّلي الكنائس الشرقيّة من كلِّ المذاهب إلى ندوة بعنوان: المسيحيّون الشرق... إلى أين؟ هي ذات أهميّة بالغة. إذ أنَّ بعضنا من المشاركين هنا، ومنذ الستينيَّات من القرن الماضي، شارك واستمع وقرأ ما دار في مبادرات كثيرة، دعت إلى تمتين العلاقات بين المواطنين من كلِّ الأطياف من جهة، وإبراز دور الحضور المسيحي، وشهادة الكنيسة في عالمنا من جهةٍ أخرى، وقد جرت على كلِّ المستويات العالميّة، والإقليميّة، والمحليّة. فدوائر الفاتيكان مثلاً، كانت لها مبادرات، وهكذا أيضاً مجلس الكنائس العالمي في جنيف - سويسرا، ومجلس كنائس الشرق الأوسط في بيروت - لبنان، والمجالس المحليّة للكنائس في كلِّ المنطقة. وأذكر هنا بين اللقاءات ما جرى من تعاون ما بين المعهد الملكي للدراسات الدينيّة، وجهات أخرى مثل: منظمّة الأديان من أجل السَّلام، والبطريركيّة الأرثوذكسيّة المسكونيّة.
ولكن هذه المبادرة بالذَّات، وبرعاية كريمة من سموِّ الأمير الحسن بن طلال فهي في نظري جزء هام من المتابعة لما سجَّله في كتابه القيّم: المسيحيون في الوطن العربي.
لقد ترك الكتاب صدى كبيراً ليس فقط عند مَن قرأه مِن العرب المسيحيِّين، أو عند القرَّاء العرب المسلمين، بل لدى كلّ من قرأ الكتاب باللغات الأجنبيّة، وذلك بسبب محتوياته القيّمة، والنفيسة، والحافلة بالمعلومات التاريخيّة، واللاهوتيّة والمسكونيّة، والحواريّة، خاصّةً لأنّ المؤلّف هو باحثٌ من الطراز الأوّل، ومفكِّرٌ كبيرٌ، معروف في كلِّ الأوساط الفكريّة والثقافيّة في العالمين الشرقي والغربي إنَّه صوت عربي مسلم، جديد من حيث المبدأ، بالمقاربة مع ما ورد في أدب الحوار بين الأديان في القرون الماضية، وهو مَن يُمثِّل، خاصّةً في الرؤيا بعيدة المدى لما يحدث في هذه المنطقة بشكلٍ عام، وفي البلاد العربيّة بشكلٍ خاص، والأهم من هذا وذاك هو صدقه في الكلام، لهذا عندما يقول كلمته بفهم، ووعي، وجرأة منقطعة النظير، في لقاءات على مستويات مختلفة، يترك أثراً بالغاً في نفوس السّامعين.

-

شهيد يحدّث كلّ العالم

بقلم رامونا بشير
باكستان، الأربعاء 7 مارس 2012 (ZENIT.org). – نشرة الواحة – “لقد حاول المتطرّفون مرّات عديدة قتلي وسجني؛ لقد هدّدوني واضطهدوني وروّعوا أسرتي. لكنّ والدي شجّعني دائمًا. أنا أقول إنّني سوف أستمرّ، ما حييت، وحتّى أنفاسي الأخيرة، بِخدمة يسوع وهذه الإنسانيّة الفقيرة المتألّمة والمسيحيّين والمحتاجين والفقراء”. هكذا تحدّث الوزير الفدراليّ لشؤون الأقليّات، شهباز بهاتي، قبل اغتياله بأيّام قليلة في 2 آذار/مارس 2011، بالقرب من منزله في إسلام أباد في وضح النهار على يد مجموعة من المسلّحين. وكان الوزير في ذلك الوقت موضع تهديدات من قبل الجماعات المتطرِّفة، لا سيّما بسبب نشاطه ضدّ قانون التجديف بعد مقتل حاكم ولاية البنجاب في كانون الثاني/يناير 2011. إذا لم يكن عدم إحساس مُتعمَّد، فقد كان على أيّ حال إهمالا جنائيًّا عدمُ قدرة الحكومة على حماية وزيرها. لقد أدان المجتمع المدنيّ برمّته، ورجال من جميع الأديان والطوائف المسيحيّة في جميع أنحاء العالم هذه الجريمة الوحشيّة، واتّحدوا في الألم على فقدان هذا الرجل.

وسائل الإعلام والإنجيل الجديد المزعوم

الأب رفعت بدر
عمان، الثلاثاء 6 مارس 2012 (ZENIT.org). – موقع أبونا – اعتدنا في كل عام على “اكتشاف خطير”، يطل برأسه قبيل عيد الفصح، ليلهي الناس عن الموضوع الروحي والشأن الديني والتركيز على روحانية الصوم والصدقة للفقراء. وموضة هذا العام هو ما نشرته بعض صحفنا المحلية ومواقعنا الالكترونية كخبر “طازة” من تركيا يقول بأنه تم العثور على نسخة نادرة من “الإنجيل” تعود إلى ما قبل 1500 سنة. وفي هذا نقول:
 
1- إن الخبر لا مصدر له، ولم تنشره وكالة أنباء عالمية وقد تتبعت العديد من الوكالات والصحف التي وقعت في الفخ ونشرت الخبر، بدون أن يكون له أي مصدر موثوق اللهم إلا إشارة إلى إحدى الصحف البريطانية “ديلي ميل” التي نشرت الخبر وتلقطته وسائل إعلامنا. وقد عمدت الفضائيات العربية على نشره كحقيقة جليّة، وكأنّها ملت من نشر أخبار “الربيع العربي” ومآسيه المتلاحقة، لتقدّم وجبات وهمية تسلي القرّاء والمشاهدين.
 
2- يتكلّم الخبر عن أستاذ علم اللاهوت “عمر فاروق هرمان” ولم نعرف أصله وفصله والى أي دين ينتمي وفي أية جامعة (مرموقة) يُعلم. وإذا كان عالماً في اللاهوت ومتبحّراً به، ألم يدرك هذا العالم الفذ بأنّ السيد المسيح لم يكتب إنجيلاً، لكنّه تجاهل ذلك فادّعى قائلاً: “إن مخطوطة من الكتاب المقدس باللغة السريانية كتبها المسيح”. وكذلك هنالك حديث لأحد القساوسة غير المعروفين والذي لم نعرف من كلامه تأييداً ولا رفضاً للكتاب المزعوم.
 
3- يصوّر الخبر بأنّ أركان الفاتيكان قد اهتزّت لهذا الاكتشاف الصارخ، وان البابا بندكتس طلب معاينة الكتاب. وكأنّ البابا الذي يرأس أكبر كنيسة في العالم منشغل باكتشافات صحفية مثيرة، وكأنّ العالم قد توقف عندها. وهذا لم يحدث ولم يصدر عن الفاتيكان أية إشارة أو بيان. ويكفي هنا الاطلاع على الموقع الالكتروني للصحيفة التي وزّعت الخبر بعنوان مثير للشهيّة، تماماً مثل معظم أخبارها التي تتعمّد الإثارة بأشكالها وأنواعها.
 
4- إن نسبة “الكتاب” وليس “الإنجيل” المزعوم إلى برنابا، يعيد إلى الأذهان إنجيل برنابا المزيّف والذي يحتوي أخطاء تاريخية وجغرافية دثرها التاريخ، ولم يعد أيّ إنسان عاقل يأخذ بما يحتوي، نظراً لتناقضاته مع العلم والمنطق.
 
5- إن تبيان الحقائق المزيفة في الكتاب المزعوم يهدف إلى زعزعة العلاقات بين أتباع الديانات، وبخاصة بين مسيحي العالم ومسلميه، عن طريق تبيان دين أفضل من الآخر وانّ مؤسس الديانة هذه قد تنبأ بمجيء ذلك. وهو خبر يهدف إلى الإساءة والتحريض ضد الرموز المسيحية والتقليل من أهميتها التاريخية والروحية.
انّنا نهيب بصحفنا ومواقعنا الالكترونية وبكافة وسائل إعلامنا إلى أن تتوخى الدقة وأن تتأكّد من صحة الإخبار وأصالتها وموضوعيتها وحقائقها التاريخية والعلمية، وأن تحترم مشاعر المؤمنين الذين بدأوا أول يوم من الصوم هذا العام مع أخبار مزيّفة تركز على الاختلافات بين العقائد في الديانات المتعدّدة. وحري بصحفنا كذلك أن تنشر ما هو مفيد وما هو مشجّع على الحوار الهادئ والتعاون لا أن تركز على السيئ والخلافي والمثير وما يكرّس العداوات والبغضاء، وما ينسف دينا على حساب دين آخر. المهم هو التعاون بين الأديان لا إلغاء الواحد للآخر.
 
مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام