أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أحد مبارك!
إنجيل ليتورجيّا اليوم (مرقس 10، 46-52) يكلِّمنا على يسوع الذي شفى رجلًا من العمى. اسمه بَرطيماوُس. النّاس على الطّريق يتجاهلونه: كان شَحَّاذًا فقيرًا. لم يكن لهؤلاء النّاس عيونٌ لترى هذا الأعمى، فتركوه وتجاهلوه. ولم يكن لديهم أيّة نظرة اهتمام له، ولا أيّ شعور بالرّحمة. وبَرطيماوُس من جهته لا يرى، ولكنّه يَسمَع ويُسمِع صوته. صرخ، وصرخ بصوت عالٍ: “رُحْماكَ، يا ابنَ داود!” (الآية 48). ويسوع سمعه ورآه. وأبدى استعداده لخدمته فسأله: “ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟” (الآية 51).
“ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟” هذا السّؤال، إن وُجِّهَ إلى شخص أعمى، قد يبدو استفزازًا له، لكنّه في الحقيقة كان اختبارًا. سأل يسوع بَرطيماوُس عمَّن يبحث حقًّا، ولأيّ سبب. من هو ”ابن داود“ بالنّسبة لك؟ وهكذا بدأ الرّبّ يسوع بفتح عينَي الأعمى. لنتأمّل في ثلاثة أفكار في هذا اللقاء الذي صار حوارًا: الصّراخ، والإيمان، والطّريق.
أوّلًا، صراخ بَرطيماوُس، الذي لم يكن فقط طلبًا للمساعدة. بل كان تأكيدًا على أنّه موجود. كان الأعمى يقول: ”أنا موجود، انظروا إليّ. يا يسوع، أنا لا أستطيع أن أرى. هل أنت تراني؟“. نَعم، رأى يسوع الرّجل الشَّحَّاذ، وسمعه بأذنيْ جسده وقلبه. لنفكّر في أنفسنا، عندما نلتقي بشحَّاذ في الطّريق: كم مرّة ننظر إلى الاتّجاه الآخر، وكم مرة نتجاهله، وكأنّه غير موجود. هل نسمع صراخ الشحَّاذين؟
ثانيًّا: الإيمان. ماذا قال يسوع لبَرطيماوُس؟ “اِذْهَبْ! إِيمانُكَ خَلَّصَكَ” (الآية 52). أبصر بَرطيماوُس لأنّه آمن، والمسيح هو نور عينيه. لاحظ الرّبّ يسوع كيف كان بَرطيماوُس ينظر إليه. كيف أنظر أنا إلى الشَّحَّاذ؟ هل أتجاهله؟ هل أنظر إليه مثل يسوع؟ هل أنا قادر على فهم أسئلته، وصراخه وطلبِه للمساعدة؟ عندما تعطي الصّدقة، هل تنظر في عيني الشَّحَّاذ؟ هل تلمس يده لتشعر بجسده؟
وأخيرًا، الطّريق: شُفِيَ بَرطيماوُس “فتَبِعَ يسوع في الطَّريق” (الآية 52). وكلّ واحد منّا هو بَرطيماوُس، أعمى من الدّاخل، تَبِع يسوع عندما اقترب منه. عندما تقترب من شخص فقير وتُشعِره بأنّك قريب منه، فإنّ يسوع هو الذي يقترب منك في شخص ذلك الفقير. من فضلكم، لا نخلط: الصّدقة ليست حسنة. الذي يأخذ في الصّدقة هو الذي يعطيها، لأنّه يضع نفسه أمام عيني الله فينظر إليه.
لنصلِّ معًا إلى مريم العذراء، فَجرِ الخلاص، لكي تحرس طريقنا في نور المسيح.
صلاة الملاك
بعد صلاة الملاك
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء!
اليوم اختتمنا سينودس الأساقفة. لنصلِّ لكي يستمرّ كلّ ما قمنا به في هذا الشّهر، من أجل خير الكنيسة.
صادف يوم 22 تشرين الأوّل/أكتوبر ذكرى خمسين سنة على تأسيس لجنة العلاقات الدّينيّة مع الدّيانة اليهوديّة، على يد القدّيس البابا بولس السّادس، وغدًا سيكون ذكرى ستّين سنة على البيان حول علاقة الكنيسة بالدّيانات غير المسيحيّة ”Nostra Aetate“ الصّادر عن المجمع الفاتيكانيّ الثّاني. أشجّع كلّ من يعمل بالتزام على المستوى المحلّيّ من أجل الحوار والسّلام، وخاصّة في هذه الأوقات من الآلام والتّوتّرات الكبيرة.
غدًا سيُعقد في جنيف مؤتمر دوليّ هامّ للصّليب الأحمر والهلال الأحمر، بعد مرور 75 سنة على اتّفاقيّات جنيف. ليوقظ هذا الحدث الضّمائر، حتّى يتمّ احترام حياة وكرامة الأشخاص والشّعوب، وكذلك سلامة المنشآت المدنيّة وأماكن العبادة، أثناء النّزاعات المسلّحة، وفقًا للقانون الدّوليّ الإنسانيّ. من المُحزن أن نرى المستشفيات والمدارس تُدمّر في الحرب، في بعض الأماكن.
أنضمّ إلى كنيسة San Cristóbal de las Casas العزيزة، في ولاية Chiapas المكسيكيّة، التي تنعي الكاهن مارسيلو بيريز بيريز (Marcelo Pérez Pérez)، الذي قُتل يوم الأحد الماضيّ. خادم غيور للإنجيل ولشعب الله الأمين. فلتكن تضحيّته، مثل تضحيّات الكهنة الآخرين الذين قُتلوا بسبب أمانتهم للخدمة، بذار سلام وحياة مسيحيّة.
أنا قريب من شعب الفلبِّين الذي ضربه إعصار قويّ جدًّا. ليسند الرّبّ يسوع هذا الشّعب الممتلئ بالإيمان.
ومن فضلكم، لنستمرّ في الصّلاة من أجل السّلام، وخاصّة في أوكرانيا، وفلسطين، وإسرائيل، ولبنان، حتّى تتوقّف التّصعيدات ويتمّ احترام الحياة البشريّة في المقام الأوّل، التي هي مقدّسة! الضّحايا الأوائل هم من المدنيّين: نحن نرى ذلك كلّ يوم. هناك ضحايا أبرياء كثيرون! كلّ يوم نرى صورًا لأطفال مقتولين. أطفالٍ كثيرين جدًّا! لنصلِّ من أجل السّلام.
وأتمنّى لكم جميعًا أحدًا مباركًا. ومن فضلكم، لا تنسَوْا أن تصلّوا من أجلي. غداءً هنيئًا وإلى اللقاء!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024
Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana