يلخص هذا القول للفيلسوف و الكاتب الدكتور كريفت، الهوس المستشري عند شريحة كبيرة من الناس الذين أدى بهم الفراغ الروحي الى الإنكباب على روايات ك "خمسون ظلاً من الرمادي " .
وفقاً للتعريف الرسمي للرواية على شبكة الإنترنت، أنها من النوع الخيال الإيروتيكي أي، و بحسب معيار التعريف ذاته، ذاك النوع الذي "لا قيمة أدبية أو فنية أخرى له غير تحفيز الرغبة الجنسية." و الكاتبة (إي.أل. جايمس) بنفسها، تقول أن الكتاب، هو جزء من أزمة منتصف العمر التي تعاني منها و هو نتاج لفانتازيا جنسية خاصة بها!!!
و لكن في كثير من مجتمعاتنا التي بدأت تفقد القيم الحقيقية في الحب و العلاقات العاطفية و تشهد استرخاص للمشاعر الإنسانية، بيع أكثر من خمس ملايين و 300 ألف نسخة من هذه الرواية في جميع أنحاء العالم!! و أثمرت تجارة الغرائز الإستهلاكية بجعل الكاتبة تجني ما يفوق المئة مليون دولار... و استبدل أصحاب بعض الفنادق الأوروبية، الأناجيل (نعم : الأناجيل)، التي كانوا يضعونها في الغرف بالرواية المذكورة و عللّ أصحابها حركتهم تلك، بإقتباس من الرواية نفسها:" نظن أنه سيكون شيئا مضياف." !!! علماً أن ذلك ترافق مع خبر سحب الرواية من أكثر من مكتبة كبيرة حول العالم لأنها صُنّفت من قبل النقاد على أنها من النوع الإباحي.
أحداث هذه الرواية الإباحية التي تدور حول علاقة استغلالية جنسية تجمع بين فتاة ورجل ثري ذات شخصية سادية مازوشية يكبرها بالعمر ، كانت محور دراسات عديدة أفاد الكثير منها أن أثر الرواية على قارئيها سبّب في انهيار العديد من الزيجات بعد رفض الشريك لعب دور ما أثارته التفاصيل من موضوعات جنسية مشبوهة.
و لكن الأخطر هو ما تحدث عنه الدكتور سواير الشهير، يقول "ان أول ما لفت نظري غير الكتابة و الأدب الرديء ، كان أمرا مروعاً: أن موضوع هذه الرواية يتمحور حول (البيدوفيليا)...
الاعتداء الجنسي على الأطفال: هو هناك على مرأى من الجميع... أتذكر أنه قيل لي منذ وقت طويل أنه في بعض الأحيان أفضل طريقة لإخفاء شيء ما ، هو و ضعه على مرأى من الجميع. وهذا ما فعلته الرواية بحنكة.
فالبرغم من أن الكاتبة وضعت الفتاة التي تتمحور حولها القصة في عمر الواحد و العشرين، إلا أنها بكل المقاييس الباقية هي طفلة!!!
فالفتاة غير ناضجة عاطفياً و لا جنسياً : هي أبسط من أن تكون قادرة على إتخاذ القرارات اليومية، و يجب أن يقال لها ما عليها القيام به : ما تأكل و ما تلبس... و يغويها هذا الرجل في نفس الطريقة التي يغوي الشاذ جنسيا الطفل، وهي تستجيب بكثير من "السذاجة" على هذا الإستغلال. يضيف الدكتور سواير : " مع إزالة العمر الكاذب للفتاة و الذي لا يوجد له أي أساس في تركيب الرواية العاطفي أو الجنسي، نحن أمام مادة إغواء فتاة صغيرة من قبل بيدوفيل.... هي قراءة أكثر من عشرين عاماً من الخبرة و العمل في مراكز حماية الأطفال!!!"
و الأدهى على الطريق :
ففي الرابع عشر من شهر شباط الجاري، سوف تخرج هذا المادة السامة الى الشاشة الكبيرة. و يتم النقاش إذا كانت الصالات اللبنانية سوف تستضيفها إبتداءً من التاريخ نفسه!!!
تذكرنا الكنيسة الأم في تعليمها بخصوص المواد الإباحية في ما يلي :
تتكون المواد الإباحية في إزالة أفعال جنسية من إطارها الحقيقي في العلاقة الحميمة بين شريكين، من أجل عرضها عمداً على أطراف ثالثة. أن هذه المواد مسيئة للعفة و تفسد العلاقة الزوجية، و تشوّه عطاء النفس للآخر. انها خطرة على كرامة المشاركين (من ممثلين، بائعين، وجمهور)، لأنها تحوّل كل طرف الى مجرد "بضاعة" تجلب المتعة أو الربح غير المشروع . تُغرق هذه المواد جميع الذين يشاركون فيها في الوهم القاتل للعلاقات الإنسانية. إنها جريمة خطيرة. ويجب على السلطات المدنية منع إنتاج وتوزيع هذه المواد المصنفة إباحية.
و عليه، نأمل ألاّ يُعطى الإذن في عرض هذه المادة الشاذة في صالاتنا المحلية... و إذا حصل، نأمل الاّ يحظى على إقبال؛ "فالجنس هو نعمة الله على البشر، والتي من خلالها يشاركونه الخليقة، ومن خلاله يختبرون، في المحبة الحقيقية، جزء من سعادة السماء حيث "خبرة الوحدة التامة" بلا نهاية." أما ما يُعرض فهو فعل تشويه مريض لكل ما يتوق له القلب البشري من الحب و العاطفة.
و علّ هذه التجربة تستثني مجتمعنا من صفة الإنفصام الذي نعاني منه في ميادين كثيرة :
فلا ننسى أننا ندين و نستهجن كيف أن بعض المتطرفين يسوقون النساء لبيعهن و استغلالهن عاطفياً و جنسيّاً في إطار أزمات شرقنا. علّنا لا نشرّع ونصفق أو نسوّق لنفس التصرف و لو في إطار روائي - سينمائي حيث يجري جلد فتاة معصوبة العينين و استغلالها، و هو أمر من بين أكثر من "خمسين " أمر آخر...
الحب ليس رمادي.
و الحقيقة التي يعطيها الرب ليست رمادية، بل هي نور قادرٌ أن يبدد "خمسون ظلاً من الرمادي " .