هذه هي الكلمة الأخيرة: قبر فارغ، هذا ما حصل عليه الشر من يسوع... نبشّركم بفرح عظيم، قد قام الرب من بين الأموات... قام يسوع، وانتصر على الموت، وعلمنا بأن لا سلطة للموت علينا، بل نحن أبناء الحياة... واتانا بقيامته السلام....... اطمئنان قصير، يرتاح الكتبة والشيوخ، فالذي أقلق راحتهم قد قضى ومات، ولن يكون هنالك من يُذَكِّرهم بالمبدأ، بالضمير.... فناموا مطمئنين وقد وضعوا حجراً ضخماً، وحراساً على القبر.... ولكن، يحدث ما ليس بالحسبان... أين هو يسوع، القبر فارغ، والحجر مدحرج من مكانه، والحراس، أصبحوا كالأموات... زال الاطمئنان، محنة جديدة يعيشها هؤلاء القادة العميان... نسوا بأن صرخة الحق ستبقى مدوية إلى الأبد، فالله لا ينسى ابنه، لا يدع قدّوسه يرى فساداً.. يسوع لم يأتي ليموت، بل ليحيا، وها هو اليوم، يحيا إلى الأبد...
أراد الشر أن يكون له الكلمة الأخيرة، بالعنف الذي لحق بيسوع... ولكن، لاشيء، غير قبر فارغ، الكفن ملقى جانباً، وملاك، ملاك يبشّر ويقول: يسوع حي للأبد... فلا يمكن لكلمة الحق أن تبقى محبوسة ومسجونة وراء أحجار تقاليدنا وأعرافنا، وتزمتنا وتسلطنا، ستتحرر كلمة الحق يوماً ما وتنطلق لتعلن ان للخير الكلمة الأخيرة، ان الحب هو الفعل الوحيد الذي يحيي الإنسان... بطرس اليوم يقف منذهلاً من هذا الحدث، يقف نادماً ندامة حقيقية، امام أكفان ولفائف، أين هو يسوع، لماذا لم أؤمن به حقيقة؟ وكأني ببطرس قائلاً: لقد ذاب قلب يسوع بتعليمنا، وإرشادنا، وإعلامنا بحقائق الملكوت وحقائق الإنسانية، ولكن، ويل لي أنا الأعمى، أنا إنسان خاطئ.... فلتنهمر دموعك فرحاً يا بطرس، فربّك قد قام... وقد فهمت الآن.... فهل ستنطلق من جديد لتعلن للملأ بان ربك قام؟.....
ألم يحن الوقت لنسمع مريم، التي تبشّرنا اليوم وتقول، كما قال لها يسوع، اذهبوا إلى الجليل فالرب ينتظركم هنالك لتنطلقوا إلى العالم أجمع... ألم يحن الوقت لنحرّك حجر الحقد والكراهية والنفاق والبغض عن قلوبنا؟... ألم يحن الوقت لنرفع حجر الانتماء إلى وهم القومية ونعلن بأن الله هو من يجمعنا، الانسانية هي التي توحدنا، والمحبة هي التي تلفنا.... ألم يحن الوقت لنزيل حجر التكبّر والتعالي والتشامخ على الآخرين؟... ألم يحن الوقت لنحطّم حجر الخوف الذي يمنعنا عن قول كلمة الحق؟.... في هذه اللحظة، لحظة القيامة، أنت يا الهي ستكون الكلمة الأخيرة، الكلمة الوحيدة التي لن تُنسى...
عبثا جاءت المريمات لتطيّبن جسد يسوع، لماذا لا نفهم، فمكان يسوع الحقيقي ليس القبر، بل كل إنسان ممكن أن يكون سماء ومكانا ليسوع... وكل إنسان يحب مثل يسوع، مكانه ليس في القبر، في المقبرة، بل هو حي إلى الأبد، حي لدى الله وحي في قلوبنا، بذكراه الطيبة... ماذا ننتظر، هل سنبقى في القبر، الجليل، الذي هو كل مكان انطلاق نحو العالم للتبشير، هو المكان الحقيقي الذي علينا أن نذهب إليه.... هل سنبقى مكبلين ومسمرين الى الابد في مكاننا؟ لنقم مع مريم باكراً لصباح جديد ليس ككل الصباحات، نهار جديد، ليس ككل النهارات، ولننطلق إلى عالمنا مبشرين: بقيامة جديدة، سلام دائم، رحمة بها نطيّب جراح أخوتنا، فلننطلق ونبشّرهم: الخير والنور انتصرا بحياة يسوع إلى الأبد، آمين...