الفاتيكان، 13 فبراير 2007 (ZENIT.org). – بالتغاضي عن القانون الطبيعي، تصبح العائلة والحياة والمجتمع ضحايا للنسبية الخلقية. هذا هو التعليم الذي أعطاه البابا بندكتس السادس عشر أثناء مقابلته مع حوالي 200 شخص شاركوا في المؤتمر العالمي الذي عقدته جامعة اللاتران الحبرية حول موضوع الحق الطبيعي.
وبدأ البابا خطابه متحدثًا عن التناقضات البيّنة التي يعيشها مجتمعنا المعاصر الذي يتميز بالتقدم التكنولوجي.
قال البابا: "نستطيع أن نعاين إيجابيات هذا التطور، ولكننا نرى أيضًا التهديدات التي تواجه عطية الطبيعة من قبل قدرة الإنسان".
وأضاف: "هناك خطر آخر، مبعث للقلق: إن الوسائل التي تساعدنا على فهم عقلانية المادة، تجعلنا أقل قدرة لرؤية مصدر هذه العقلانية، العقل الخالق".
لهذا السبب، اعتبر البابا أن التفكير حول موضوع القانون الطبيعي أمرًا "طارئًا"، لأن القانون الطبيعي هو منبع القوانين التي تسبق أي قانون بشري.
يشرح العدد 1954 من تعليم الكنيسة الكاثوليكية أن "الإنسان يشارك في حكمة وفي صلاح الخالق، الذي يمنحه سلطة على جميع أعماله والقدرة على الاتجاه نحو الخير والحقيقة. ويعبّر القانون الطبيعي عن المنحى الخلقي الأصلي الذي يسمح للإنسان أن يميّز، بواسطة العقل، الخير من الشر، والحقيقة من الضلال".
وفي هذا التمييز ركز البابا بشكل خاص على "مبدأ احترام الحياة الإنسانية، من لحظة الحبل بها إلى لحظة نهايتها الطبيعية، إذ أن هذه الحياة ليست ملكًا للإنسان، بل عطية من الله".
وأضاف بندكتس السادس عشر: "هكذا هي الحال مع واجب البحث عن الحقيقة التي هي الركيزة الضرورية لكل نمو ونضج للشخص البشري".
وندد البابا بالتكييف الذي مرجعه "الوضعية القانونية"، والذي على أساسه، تتحول "المصالح الخاصة" إلى "حقوق"، بينما الحقيقة هي أن أسس "أي قانون، سواء كان محلياَ أو دولياَ"، هي في القانون الطبيعي (lex naturalis).
وأشار البابا أن "القانون الطبيعي هو الدرع ضد كل اعتباطية سلطوية، أو خداع إيديولوجي".
وصرح البابا: "إن الاهتمام الأول بالنسبة للجميع، وخصوصًا بالنسبة لمن يحمل مسؤولية عامة، هو أن يسهل نمو الضمير الخلقي. فهذا هو التطور الحقيقي، وخارج هذا التطور كل أنواع التطور الأخرى تبقى زائفة".
أما "التطبيق العملي" لما يقوله البابا فيجده في احترام العائلة من خلال اعتبارها كـ "جماعة حميمية من الحياة ومن الحب الزوجي، أسسها الخالق"، وهي بالتالي "رباط مقدس"، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني وبالتالي، "ليست مرتبطة بغوغائية الإنسان".
"لا يستطيع أي قانون بشري أن يدمر النظام الذي وضعه الخالق، دون أن يؤدي ذلك إلى جرح بليغ في هيكلية المجتمع الأساسية. فتناسي هذا الأمر يعني إضعاف العائلة وارتكاب مظالم بحق الأطفال وجعل مستقبل المجتمع هشًا".
وقال الأب الأقدس: "أشعر أنه من واجبي أن أقول من جديد أنه ما كل ما يمكن فعله علميًا، يصح القيام بها أخلاقيًا".
"فعندما تحوّل التكنولوجيا الإنسان إلى موضوع اختبار، تترك الشخص الضعيف في أيدي اعتباطية القوي".
ولذا وجه البابا هذا النداء إلى العلماء: "على العلماء أن يساهموا وأن يساعدونا في فهم مسؤوليتنا نحو الإنسان ونحو الطبيعة التي وضعت تحت رعاية الشخص البشري".
وأنهى قائلاً: "على هذه الأسس، من الضروري أن يكون هناك حوار بين المؤمنين وغير المؤمنين، بين اللاهوتيين والفلاسفة والضليعين بالقانون، والعلماء، الذين يستطيعون أن يمنحوا رجال القانون مواد قيّمة للعيش الشخصي والاجتماعي".