أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، سنتأمّل اليوم حول ميزة خاصّة للحياة العائليّة يتعلّمها المرء منذ سنين حياته الأولى: المشاركة، أو القدرة على مقاسمة خيور الحياة بفرح. إنّها فضيلة ثمينة! علامتها وأيقونتها هي العائلة المجتمعة حول المائدة البيتيّة وهي ميزان أكيد لقياس صحّة العلاقات. إنّ المسيحيّة تملك دعوة خاصّة للمشاركة، فيسوع كان يعلّم على المائدة ويشبّه غالبًا ملكوت الله بمأدبة عيد، وقد اختار المائدة أيضًا ليسلّم للتلاميذ وصيّته الروحيّة المُرتكزة على العمل التذكاري لتضحيته: عطيّة جسده ودمه كطعام وشراب للخلاص يغذّيان المحبّة الحقيقيّة والدائمة. في هذا المنظار يمكننا أن نقول إنّ العائلة في القدّاس "هي في بيتها" لأنّها تحمل للإفخارستيّا خبرتها في المشاركة وتفتحها على نعمة مشاركة كونيّة لمحبّة الله للعالم. في زمننا هذا المطبوع بالكثير من الإنغلاقات والجدران، تصبح المشاركة، التي تولد في العائلة وتمتدّ بفضل الإفخارستيّا، فرصة أساسيّة. يمكن للإفخارستيّا وللعائلات التي تتغذّى منها أن تنتصر على الإنغلاق وتبني جسور الإستقبال والمحبّة. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لننظر إذًا على الدّوام إلى سرّ المأدبة الإفخارستيّة، سرّ جسد الربّ الواحد القادر على خلق شراكة جديدة على الدّوام بقوّته التي تشمل وتخلّص، فيظهر هكذا وسع الأفق الحقيقيّ للعائلة المسيحيّة والذي هو أفق الكنيسة أمّ جميع البشر وجميع المتروكين والمهمّشين بين جميع الشعوب.
أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللغةِ العربية، وخاصةً بالقادمينَ من الشرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، مع اقتراب يوبيل الرحمة لنرفع صلاتنا لكي تستقي المشاركة العائليّة على الدوام قوّة وحيويّة من سرّ جسد ودم ربّنا يسوع المسيح فتحمل الإدماج والخلاص للجميع! ليبارككُم الربّ!