أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نفتتح اليوم مسيرة تأمّل صغيرة حول أبعاد ثلاثة تطبع، إن صحّ التعبير، نمط الحياة العائليّة: العيد والعمل والصلاة. نبدأ بالعيد. ونقول فورًا إنّ العيد هو ابتكار من الله. فالله نفسه يعلّمنا أهميّة تكريس وقت للتأمّل والتنعُّم بما تمّ فعله بشكل جيّد في العمل. فالعيد إذًا ليس كَسَلُ الإسترخاء على الكنبة أو فرصة للترفيه السخيف. العيد هو أولاً نظرة محبّة وامتنان على العمل الذي تمّ القيام به بشكل جيّد. إنّه وقت النظر إلى الأبناء أو الأحفاد الذين ينمون، ووقت النظر إلى بيتنا والأصدقاء الذين نستقبلهم والجماعة التي تحيط بنا والتفكير بكم هو حسن هذا الأمر! هكذا فعل الله، وهكذا يفعل باستمرار لأنّ الله يخلق على الدوام حتى في هذه اللحظة! قد يأتي عيد ما في أوضاع صعبة أو أليمة ويُحتفل به ربّما بغصّة. ولكن وحتى في هذه الحالات، نطلب من الله القوّة بألاّ نُفرغه من معناه، وأنتم الآباء و الأمّهات تعرفون هذا الأمر جيّدًا. حتى في بيئة العمل أحيانًا – وبدون التنقيص من الواجبات – نعرف كيف "نسرِّبُ" القليل من تألُّق العيد: إنّه أمر مهمّ، وهذه لحظات ألفة في عمل آلة الإنتاج وهي تفيدنا! ختامًا، إنّ وقت العيد هو مقدّس لأنّ الله يسكن فيه بشكل مميّز. والإفخارستيا في يوم الأحد تحمل إلى العيد نعمة يسوع المسيح بأكملها: حضوره ومحبّته وتضحيته، فيجعلنا جماعة ويقيم معنا... وهكذا ينال كلّ شيء معناه الكامل: العمل والعائلة، الفرح والتعب اليوميّ، حتى الألم والموت؛ كلّ شيء يتحوّل بفضل نعمة المسيح.
أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللغةِ العربيّة، وخاصةً بالقادمينَ منالشرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، إنّ الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله مدعوٌّ أيضًا للراحة والعيد، ويوم العيد بالنسبة لنا نحن المسيحيّين هو يوم الأحد، يوم الربّ. أيتّها العائلات العزيزة، حتى في أنماط زمننا السريعة، لا تفقدوا معنى يوم الربّ! إنّه كواحة نتوقّف فيها لنتذوّق فرح اللقاء ونروي عطشنا لله.
***
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية