بكركي، 9 مارس 2007 (ZENIT.ORG). – ننشر في يلي خاتمة الرِّسالة الرَاعويَّة التاسعة التي يوجّهها مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك إلى مؤمنيهم في شتـّى أماكن إقامتهم، بعنوان شباب اليوم كنيسة الغد. « كَتَبْتُ إلَيكُم، أَيُّهَا الشُّبَّانُ : إنَّكُم أَقوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ الله مُقِيمَةٌ فِيكُم» (1 يوحنا 14:2). سننشر في الايام القادمة اقسام الرسالة المتبقية. لمعاينة النص الكامل لهذه الرسالة يمكن زيارة موقع البطريركية اللاتينية في القدس: http://www.lpj.org/newsite2006/patriarch/pastoral-letters/2006/jeunes2006_ar.html
52. أيّها الشباب الأعزّاء، كتبنا إليكم هذه الرسالة لأنّكم مستقبل كنائسكم ومجتمعاتكم. بلداننا تمرُّ بمرحلة نضوج سياسيّ واقتصاديّ وبأزمات كثيرة متلاحقة. وفي داخل مجتمعاتنا أيضًا لم نبلغ بعد التوازن المطلوب في العلاقات بين المواطنين وبين الديانات. والحرّيّة وممارستها ما زالت هدفًا نسعى إليه. بل ما زالت الحرّيّة وحرّيّة الشباب خاصّة تخيف الحكَّام والمسؤولين. ولا بدَّ من القول إنَّنا، أفرادًا وجماعات، ما زلنا بحاجة إلى أن نتعلَّم كيف نمارس حرِّيّاتنا بحيث لا تتحوّل إلى اعتداء على حرِّية الآخرين.
ونحن، كنائسَ ومؤمنين، نستشعر ونعيش نقاط الضعف التي في مجتمعاتنا. مع أنّ كنائسنا وإيماننا مصدرٌ نستمدُّ منه الحياة والطاقات الروحيّة التي تساعدنا لنسهم مع إخوتنا في مواجهة المرحلة التاريخيّة الراهنة بغية الوصول إلى مستقبل أفضل. بناء المجتمع أمر مشترك بين جميع المواطنين. والمسيحيّ كمسيحيّ عليه التزام وواجب في هذا الواجب العامّ. منحه الله مواهب يجب أن يستثمرها. والتزام المسيحيّ في مجتمعه لا يعني أن يتّخذ مواقف طائفيّة أو مواقف تزمُّت دينيّ أو تعصُّب. إنّما نقول بكل بساطة إنَّ الطاقة الروحيّة التي يستمدّها المسيحيّ من إيمانه، ورؤيته في الحياة المبنيّة على المحبّة والحياة الوافرة للجميع، هذا ما يجب أن يضعه في خدمة الجميع.
بدأْنا رسالتنا فقدَّمْنا لكم يسوع المسيح مثالاً والرؤيةَ الجديدة التي أتى بها للبشريّة. والعالم اليوم ومجتمعاتنا بحاجة إلى هذه الرؤية الجديدة. وعليكم أنتم، أيّها الشباب، أن تتمِّموا هذه المهمّة. وقدرتكم على تنفيذ المهمّة متوقِّفة على مدى الجدِّيّة التي تنظرون بها إلى إيمانكم وتعيشون بموجبه.
كلَّمناكم على رسالة العلمانيّين، ومن ثمَّ على رسالة الشباب في الكنيسة. ورسالتكم هي مشاركة في مختلف نشاطات الكنيسة وفي مختلف نشاطات المجتمع. بل إنَّ المشاركة في حياة الكنيسة وبصورة خاصَّة في حياة الرعية تؤهِّلكم للمشاركة في حياة المجتمع. العبادة الحقيقيّة والسجود الحقيقيّ هو الذي يضعكم أولاً في حضرة الله ثم يُرسِلكم خارجَ رعيّتكم وكنيستكم إلى المجتمع كلِّه. في العالم أنتم شهود بحياتكم أولاً، وبحياتكم الممتلئة بحياة الله وبحضوره بين الناس، وبهذا الحضور تكونون خميرة في العجين. إنّ مقدرتكم على إشراك الغير في هذه الحياة الإلهيّة التي تحملونها هي التي تميِّز إسهاكم في البناء. لقد منحكم الله نعمته، ولهذا أنتم مُرسَلون: كلُّ من يمنحه الله هبة يمنحه إياها لنفسه ولغيره. وأنتم مرسَلون إلى جميع المجالات كما ذكرْنا: الأسرة والهجرة ووسائل الإعلام والرياضة والسياسة والاقتصاد والسلام والحرب والعدالة. في كلِّ مكان وفي كلِّ مجال، تحملون الحياة مع الله والقيم الإنسانيَّة التي تنجم عنها، للتغلُّب على المواقف الفرديّة والأنانيّة والخلل في التوازنات القوميّة والدوليّة. وهناك أمر هامّ آخر يجب أن تتنبَّهوا له: ما دامت الصعاب مستمرّة، وما دامت فترة النضوج في تاريخنا تُعرِّضُنا للأزمات، تقوم مهمَّتكم بأن تُبقُوا الأمل حيًّا، فتتداركون الإحباط ولا يخرجُ أحد من الصفوف خاذلاً الجماعة في مسيرتها وجهادها. قال القديس بطرس في رسالته الأولى: «كُونُوا دَائِمًا مُستَعِدِّينَ لأن تَرُدُّوا عَلَى مَن يَطلُبُ مِنكُم دَلِيلَ مَا أَنتُم عَلَيهِ مِنَ الرَّجَاءِ» (1 بطرس 15:3).
ننهي رسالتنا برفع نظرنا إلى سيِّدتنا مريم العذراء لنتأمَّل فيها. هي مثالٌ للمرأة ولكلِّ إنسان يعيش مع الله ومع الناس. هي الممتلئة نعمة. هي الممتلئة بالحياة الوافرة التي منحها إيّاها الله لترافق يسوع كلمته الأزليّ المتأنّس. هي أمُّ يسوع وأمُّنا. تأمّلوا في بهاء النعمة فيها. واقتدوا بطهارتها وبقداستها وباستقامتها في الحياة. واطلبوا شفاعتها. وفيما تتأمَّلون في قداستها، تذكَّروا وصيَّة بابا الشباب الراحل، يوحنا بولس الثاني: «لا تخافوا من السير نحو القداسة. كلُّكم مدعوُّون إلى أن تكونوا قدّيسين». مع مريم العذراء سوف تكون لكم القوّة لمتابعة الطريق نحو القداسة، في حياتكم الشخصيّة وفي إسهامكم في بناء كنائسنا ومجتمعاتنا.
وإنّنا بشفاعة العذراء الكلّيّة الطوبى والطهارة نمنحكم بركتنا الأبويّة باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.
+ أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك.
+ نصرالله بطرس صفير، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة.
+ غريغوريوس الثالث، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية
والقدس للروم الملكيين الكاثوليك.
+ أغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد، بطريرك الس ريان الأنطاكي.
+ عمانوئيل الثالث دلّي، بطريرك بابل على الكلدان.
+ نرسيس بدروس التاسع عشر، كاثوليكوس بطريرك كيليكيا
للأرمن الكاثوليك.
+ ميشيل صبَّاح، بطريرك القدس للاتين.