الرموزُ تُدرَك بقوّة الفكر .. يقول القدّيس أمبروسيوس : فلنُحدّد تحديدًا صحيحًا معنى عبارة " على صورة الله " . أصحيحٌ أنّ الجسد خُلق " على صورة الله " ؟ إذا كان كذلك ، فهل ثمّة تُراب في الله ، لإنّ الجسدَ هو من التراب ؟ وهل الله ماديٌّ ، بمعنى أنه ضعيفٌ كالجسد وخاضعٌ للأهواء ِ ؟ وهل ترى أنّ الرأس خُلق على صورة الله ، لإنه يشمخُ عاليًا ، أو أنّ العينين كذلك ، لإنّهما تُبصِران ، أو أنّ الأذنين على هذا الشكل لإنّهما تسمعان ؟ بالنسبة إلى العلوّ والإرتفاع ، هل لنا أن نظنّ أننا طِوالٌ ، لإننا نعلو قليلا عن سطح الأرض ؟ ألا نخجلُ من تبجّحنا بإننا مِثلُ الله ، لإننا أطولُ من الأفاعي أو الزواحف أو حتّى الأيائِل ِ والأغنام والذئاب ؟ فكم تفوقُنــَا الفِيلة ُ والجِمالُ في طول ِ القامة ! إنّ حاسّة البصر مهمّة إذ تُمكّننا من روية ما في العالم ومن معرفة ما لم يصفه أحدٌ لنا ، لإنّنا رأيناهُ بأمّ أعيننا. كم هو مهمّ البَصرُ ! لذلك يمكننا القول إنّا على " مثال الله " الذي يرى ويُلاحِظُ كلّ شيء ويُدرِكُ سرائِرَنا ويَسبِرُ أغوارَ قلوبنا وخفاياها .

ويقولُ القدّيس غريغوريوس النيصيّ : " لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا : إنّا نملكُ الصورة في الخلق ِ، ونكتسبُ المِثال بإرادتنا الحُرّة . في الجِبلة الآولى وُجدِتْ فينا صورة الله ؛ وبإرادتنا الحُرّة نكونُ على مثال الله ... لنصنعَ الإنسان على صورتنا ، أي لتكنْ الصورةُ بالخلق ، وليصبحْ على مثال الله ". 

الصورة ، كما ذكر سابقا ، هي : العقل ، والمحبّة ، والفكر ، والإرادة ، والحريّة .. والمثالُ ، هو ما ينبغي أن نعمله في مسيرة حياتنا الدائمة مع الله ومع الآخرين . إنّ المثال هو أمامنا في المستقبل ، هو تكويننا المستمرّ  لنصلَ إلى ملء قامة الربّ ، إلى نقطة النهاية ، إلى الإنسان الكامل .

ويقول القدّيس يوحنا الدمشقيّ في الصورة والمثال : إنّ الله والحالُ هذا ، قد صنع الإنسان من طبيعة منظورة وغير منظورة ، على صورته كمـــثاله . فَجَبَل جسده من التراب ، وآتاهُ بنفخته نفسًا نُطقيّة عاقلة ً . وهذا ما نُسمّيه " الصورة الإلهيّة " . فعبارةُ " على صورته " تدلُّ على أنه عاقلٌ وحرّ ، ولفظة كــ مثاله ، تعني مشابهة ً له في الفضيلة بقدر المستطاع .

يتبع : سنرى لاحقا الموضوع الأكثر حيرة ، ولقد طالَ إنتظاره : بين نظريّة التطوّر وخلقُ الإنسان . يتساءل معارضو نظريّة التطوّر : كيفَ نربط بين تطوّر الإنسان وما جاءَ في الكتاب المقدّس من أنّ الله خلق الإنسان على صورته كمثاله؟

للمرة الأولى سيدة تحصد جائزة راتزينغر

ستحصد الفرنسية آن ماري بيلليتيه هذه السنة جائزة راتزينغر لتكون بذلك أول امرأة تستلم هذه الجائزة. آن ماري متأهلة وهي ام لثلاثة اولاد وحائزة على دكتوراه بعلم الاديان ظهرت مؤخرًا على ساحة الأعمال لتبين دور المرأة في المسيحية والكنيسة وقد ذكّر بذلك الكاردينال كاميلو رويني وهو رئيس اللجنة العلمية للمؤسسة.