الآب أعطى بحرية ابنه يسوع المسيح: تألم ، ومات ، وهو يرتفع كل يوم على المذابح لخلاصنا ... وبواسطة روحه القدوس ، يصب هذا الحب علينا فنصبح به أبناء الله و أوان خزفية تحتوي على كنز لا يقدر بثمن !! و هذا الخلاص هو هدية مجانية .
يكتب القديس بولس الى أهل أفسس: "انَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَان... وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ.هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. ولَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ".
إذاً هدية الخلاص من الله ليست " ما استحققناه" بل هو "ما تلقيناه". 

ومع ذلك...
فإن الخلاص له هدف في هذه الحياة. يكمل القديس بولس في رسالته الى أفسس " نحن مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ" . لم يكن رسول الأمم يجد أي "توتر" بين منطق الإيمان و الأعمال الصالحة في الخلاص المسيحي . بل أن الأعمال الصالحة تنمو كثمرة لنعمة الإيمان. فالخلاص يثبت من خلال "الإيمان العامل بالمحبة " و ليس من خلال " الإيمان وحده ". 
كان بولس في كتاباته يشدد على الإيمان ولكن في سياقات مختلفة: المعمودية، والكنيسة، الأعمال الجيدة، والتقاليد، الليتورجيا، والتقديس، وما إلى ذلك.
فالأمر يشبه إثنين ينظران الى قطعة موسيقية. وبعد دراستها يخلص الأول أن النوتة "دو" تبدو سائدة ثم يمشي الى البيانو وأمام جمهوره يضرب النوتة "دو". أما الآخر فيستنتج أن "هذه قطعة من الموسيقى مفتاحها النوتة "دو" ثم يمشي إلى البيانو ويلعب قطعة جميلة من الموسيقى مفتاحها ال"دو". واضح أن هذا الأخير قرأ الموضوع الرئيسي و أدرج جميع الملاحظات الأخرى بحيث أنتج على ضوئه ما هو أكثر جمالية و فائدة .

هو خلاصنا:
تحقق بمصالحتنا مع الآب من خلال النعمة الإلهية الغنية التي فاضت بصليب ربنا يسوع، فغيّرت مقامنا من حالة العداوة إلى حالة البنوة، ورفعتنا من الموت الروحي إلى قيامة الحياة. و لكن على المؤمن الحق أن يثابر على العبادة بالروح والحق والسلوك بالحب و الأعمال الصالحة لئلا يسقط في الظلمة وقساوة القلب ومعها يفقد النعمة الإلهية: و"من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط (1 كورنتس 10:12) 
إن مفهوم الخلاص تدريجي ومتعدد الأبعاد: هو مسيرة إيمانية ، يوصينا بولس الرسول أن "نتممها بخوفٍ ورعدةٍ"، فهي حركة دائمة حية، وسلوك لا يتوقف حتى نبلغ قياس ملء قامة المسيح.
الخلاص هو عمل مشترك مع الله الذي يزرع فينا الرغبة ويهبنا المعونة للانتصار, ويسلحنا بالفضيلة... 
على عود الصليب قدم لنا الرب أفضل نصيب: دعانا لنضع موتنا في قبره لنجده فارغاً في اليوم الثالث. بمعموديتنا موت و دفن فقيامة وفي الأسرار سر حياة تنمو لا بالإيمان النظري بل بزيت الأعمال الصالحة المكللة بالمحبة.
خلاصنا مقطوعة موسيقية مفتاحها الإيمان وغناها الأعمال الصالحة ... ولكن يبقى السؤال:
هل نود العزف ؟؟؟

كيف نفهم التناقض بين الكتاب المقدس والعلوم بشأن الخلق والتطور؟

طرحَ أحد الأخوة الأحباء هذا السؤال المهمّ
كيف نفهم تاريخ تطور الأرض .. . أي علميا عمر الأرض بملايين السنين .. لكن  دينيّا الأحداث بالكتاب المقدّس لا تتجاوز عمرها 6 او 7 الاف سنه . هو صحيحٌ  إن الهدف من الكتاب المقدس ليس علميا  . لكن هناكَ نوع من التناقض . كيف نفسّر هذه الفكرة ؟
الجواب بشكل ٍ مبسّط :
نعم ، الكتاب المقدّس ، بالدرجة الآولى ، ليس كتاب علم ، أو فيزياء ، أو بيولوجيا ، أو علوم الطبيعة بأنواعها . بإلهُنا لا يهمّه هذا الأمر ، بقدر ما يهمّه ” خلاصنَا ”  . ولقد وضعهُ كاملا مكمّلا في ” الأناجيل أو بالأحرى في الكتاب المقدّس ككلّ ” .  ما نحتاجهُ لخلاصنا ، نجده في الكتابْ. إنّ الله في الكتاب ، لا يريدُ إشباعَ فضولنا في معرفة كيفيّة خلق العالم ، والأرض والكون .. الخ . الكتاب المقدّس لا يجيبُ على سؤال العلم ألا وهو ” كيفَ ” ؟ .. كيفَ خلق الله العالم ، والكون ، والحيوانات والنباتات ، وأخيرًا الإنسان ! .. فهذا سؤالٌ علميٌّ بالدرجة الآولى ، ولا يجبُ أن نخلطه مع سؤال الإيمان الذي هو ” لماذا ” ؟ . لماذا الكون ، لماذا الحياة ، لماذا الإنسان … العلمُ لا يقدرُ أن يجيبَ على سؤال الــ ” لماذا ” هذا …! لإنه مختصّ بما هو له . ومن ناحية أخرى ، إختصاصُ الإيمان وسؤاله ” لماذا ” ، لا نقدرُ أيضا أن نخلطهُ بإختصاص العلم ” الكيفَ ” .. أكبرُ مثال على ذلكَ إن تطرّقنا لموضوع ” التطوّر ” أو نظريّة التطوّر . فهذه النظريّة علميّة .. وليس إيمانيّة .  موضوعها التطوّر البيولجيّ كيف تطوّر أوّل خلية ، إلى أنواع ٍ حيّة كثيرة ، من الحشرات والحيوانات وصولا إلى البرمائيّات وأخيرًا ، إلى الفكر والجهاز العصبيّ وبروز الدماغ والإستقلاليّة الذاتيّة وظهور الحريّة البشريّة .. طبعًا : هناكَ علماءٌ كثيرونَ تطرّقوا لهذا الأمر ، ووفّوا الموضوع حقّه منهم الأب العالم اليسوعيّ تيلار دي شاردان .. الذي تكلّم عن الروح الذي يعملُ من البدء في المادّة وصولا إلى إكتمالها . وهذا الأمرُ ، لا يتعارضُ أبدًا والإيمان الكتابيّ في الخلقْ .