عندما استهوتني الشهوة والترف؛ تطلعتُ إلى مرارة الخل التي تجرعتَها لأجلي يا مخلصي؛ فأقمتُ من نفسي لك كنيسةً محسوسة؛ أقدم لك فيها العبادة العقلية الناطقة بأتعاب جسمي؛ بخورًا وعطورًا لتشتمّها رائحة رضىً ومسرة عندك.

عند رؤيتي لك صائمًا؛ أتدرب لأجعل ذهني وإرادتي مذبحًا لك؛ لعلني يا مخلصي أقدم ذاتي قربانًا وصعيدة لك؛ كي تكملها وتقبلها... نسيتُ الجوع ومرارة الحلق لمّا رأيتُك مصلوبًا بين اللصين تتذوق مرارة الأفسنتين لأجل خلاصي... نسيتُ ضيق العطش وكأنه لم يكن؛ لأنك أنت تُرويني حلاوة من نبعك ومَعِين جنبك المفتوح الذي لا ينضب... لن أُعيرَ للأطعمة اهتمامًا؛ بعد أن تطلعتُ إليك وأنت معلقًا على عود الصليب؛ تمتص الخل من الأسفنجة. لذا صمتُ لأتشبه بفعل صومك؛ كي أميت بالروح أعمال الجسد وشغبه... أذللتُ بالصوم نفسي (مز ٣٥ : ١٣) لأنك من أجلي احتملت المحقرة ومذلة الجلد والبصاق.

سأرجع إليك بالصوم من كل قلبي لأنك رؤوف ورحيم. أعمل بإسمك ولحسابك وبإمكانياتك؛ فأكتشف الكنز وأنتصر في التجربة؛ وأرجع إليك مع الابن الشاطر؛ وأشرب من نبعك الحي مع السامرية، وأقوم مع المخلع وأستنير مع المولود أعمى ومع كل شعبك، مقدمين لك ذبائح حية بخدمة محبة حارقة مبتعدة عن كل مَناهيك (مناهي الله)... تقدمة عاقلة لك بنار السجود والتوبة؛ وذبيحة متحدة بذبيحتك التي بها حملتَ العقاب الذي كان علينا. خاضعًا للتأديبات التي نستحقها؛ متنازلاً لما نحن عليه؛ منحنيًا لتحمل عنا اللعنة وترفعنا إلى مركزك المبارك... بإقامتك لنفسك أمامنا نموذجًا لنا؛ مجهزًا إيانا بسلاحك الكامل من أجل نصرة مشيئتك؛ التي تجعلنا نصير من أجلك كما صرتَ أنت من أجلنا.

صرتَ مثالاً عمليًا لنا في كل شيء؛ جعتَ وأنت الخبز النازل المعطي الحياة؛ قوام كل شيء؛ لأنك الأعلىَ من الكل بلاهوتك والمساوي لنا في بشريتك؛ صمت عنا أربعين يومًا وأربعين ليلة؛ لتؤسس لنا طريق الجهاد الروحي؛ ولتعلمنا كيف نواجه عدونا اللعين الذي يعمل في أبناء المعصية؛ مهيئًا لنا طريق السموات منتصرًا على الشيطان الذي كان غالبًا لنا؛ فطرحته إلى أسفل وعريته من قوته؛ ونزعت سلاحه كي تمنحنا نصرتك في رحلة صومك؛ ولكي يصير لنا الإدراك الروحي والعِلم الخاص بك؛ فنصعد معك على جبل التجربة لنُميت شهوات أجسادنا؛ ونضبط أنفسنا؛ ونبرأ من نزف دم الحرفية والناموسية والشكلية والنفسانية... فلا نتلاهىَ عن أبديتنا فيما بعد؛ لأنك صنعت من نفسك طريقًا لنا كي نتبع خطواتك.

عندما تصوم حواسنا ونجوع لك؛ تكون أنت شبعنا وخبزنا ومِلئنا؛ حينئذ نتكل عليك يا الله الحي؛ فلا ننهار من التخاويف؛ ولا نسقط تحت وطأة وعيد وتهديد الأشرار؛ ولا تؤذينا حرارة نيران هذا العالم... صومنا يليِّن قلوبنا المتعاظمة المُتخمة من قساوتها وغلاظتها؛ فترجع وتتوب إليك؛ لأنك لا تسكن في المستريحين والمدللين؛ والرخاوة عندك لا تُمسك صيدًا. ننعم بفصحك على أعشاب الصوم المرة؛ مرافقين لك مسيرة جبل التجربة في أمانة الشركة حذرين من غش الشركة؛ لنصير شركاء طبيعتك الإلهية.

كيف لنا أن نجوع وأنت قد رتبت لنا مائدة تجاه مضايقينا؟! كيف نجوع بينما كل شيء مُعَد؛ ووليمة السمائن موضوعة لجميع الشعوب؟! إنك تعرف ضعفنا ونقصنا ولا تقسو علينا؛ لكنك تريدنا مثلك؛ فاتحًا لنا طريق الغلبة بإنتصارك على المجرِّب في موقعة جبل التجربة... كي لا نسقط ثم يُسرع العدو ويتهمنا ثم يلتهمنا؛ بل نُبطل حيله هادمين كل ظنون وإرادة ذاتية؛ عندئذ نردّ لك وديعتنا سليمة كاملة على ذات الحال الذي أخذناها عليه؛ وصورتك المقدسة قائمة وصحيحة فيها؛ لأنك تطلب بهاءك المغروس فينا: فلا نخدم سيدين؛ ولا نهتم بالغد؛ ولا نكنز كنوز الأرض.

إن التجربة على الجبل هي إحدى شوامخ تدبيرك الإلهي؛ عندما تقدمت لتصارع وتغلب العدو كباكورة لنا -(آدم الثاني الجديد) - عدو جنسنا الشيطان؛ فتُسلمنا خبرة حياة؛ لأن آدم الأول كان عِلة سقوط؛ بينما أنت موضع النصرة... فالأول نفساني ترابي؛ لكنك أنت روح مُحيي الرب من السماء... علمتنا أن لا نطيع الشيطان؛ ولا ندخل معه في حوار البتة؛ فنتعلم منك الطاعة التي تألمت بها؛ بالخبرة والعمل.

فتعليمك فعل وممارسة؛ علمنا في صومك أن نصنع صدقة ونقدم صلاة وصومًا في الخفاء. علمنا أن لا نعود نكسر وصاياك ولا نأكل من المحرَّمات؛ بل نتناول كل طعام وعمل ومشيئة من يدك؛ مدركين أن حياتنا ليست من اللباس ولا من الطعام؛ لكنها نسمة من عندك؛ وأنت الذي تمنحنا كل شيء بغنىً للتمتع؛ فنلتقي بك عند ماء بئر يعقوب؛ وعند بركة بيت حسدا؛ وقبالة بركة سلوام؛ حتى لا نعود نطعن أنفسنا بأوجاع كثيرة؛ بل نسجد لك بالروح والحق؛ ونجحد إبليس علانية وكل أعماله وكل أفكاره وكل بقية نفاقه... كما يقول مار إسحق: (إن السجود يُرعب الجن؛ لأنه يشتهي أن يُطاع هو؛ وأن يخضع له الناس). إننا نسجد لك صائمين؛ لأنه من غير الجائز أن نسجد ونحن ممتلئو البطون؛ كي نخرج معك بالروح؛ ونتعلم إجتياز كل ما عملته؛ حتى لا نكون عاطلين؛ بل نتيقن مما أودعته لنا من كنوز أدويتك؛ ففيك نربح كل شيء؛ لأنك قمت وأعنتنا.

في صومك في البرية؛ علمنا أن نقاوم إبليس فيهرب منا؛ أنك أُصعدتَ بحسب ما يقتضيه منطق التدبير كي تُجرَّب؛ لتعلمنا أن نلتصق بك ونتحد مع بقية القطيع؛ فننتصر... قدمت لنا صومك كي ترسم لنا طريق نصرة الخلاص. كمثل طبيب تعفينا من الموت؛ وتشفينا من كل سهام. وضعت على نفسك الصوم بدلاً عنا؛ كي تكون لنا مثالاً؛ وكي تردنا إلى الفردوس؛ وتنجينا من طوفان هذا العالم ومن بروق سدوم وعامورة الحارقة؛ التي كان إثمها الكبرياء والشبع من الخبز والإسراف في التنعم (حز ١٦ : ٤٩)؛ وبهذا تدلنا على أدوية خلاصنا؛ وعلى تصديق حقيقة وعظمة تدبيرك.

بك ومعك تصير ثمرة صومنا نافعة؛ فلا تهزمنا التجربة ولا تغطينا ظلمة الآلام؛ لأنك قتلتها بآلامك الشافية المُحيية... سمحت لنفسك أن تُجرَّب باعتبارك الوسيط بيننا وبين الآب؛ مريدًا أن تُعيننا كي ننتصر بك يا من تقدر أن تعين المجربين... صمت أربعين يومًا ولم تصم أكثر من موسى وإيليا؛ لأنك أخذت جسدًا مثل أجسادنا ولم تُزد عنهم لئلا يكون تدبير تجسدك غير مصدَّق... أجبتَ أيها الكلمة بالكلمة الإلهية التي خرجتْ من فمك والمكتوبة والتي بها وحدها ننتصر؛ وأتيت بشهادة سفر التثنية؛ لأن كل من لا يعيش بك وبكلمتك لا يحيا.

كلمتك التي هي أنفاسك ومشيئتك التي أعلنتها في الأسفار الإلهية؛ وهي التي تحمينا من تربُّص إبليس بنا؛ حتى في الأماكن المقدسة... عندما يوقفنا على جناح الهيكل ويحاربنا بالمجد الباطل وبالنصيب الأكبر؛ ثم يطرحنا إلى أسفل بفخاخه... إنه يستخدم كلامك ويوظفه بقصد شرير ليخدعنا؛ لأن كل واحد يلقي بنفسه إلى أسفل بمشورته؛ إنما يهلك بمشورة نفسه. حقًا إن عدونا لا يقدر على أحد؛ لكن كل من يتهاون بخلاص نفسه؛ إنما شهوته هي التي تصرعه.

في صومك يا رب نقتفي خطواتك؛ لأنك أنت وحدك الأقوى من القوي... والقادر وحدك أن تغلبه وتنزع سلاحه وتعلن سلطانك وقوتك؛ التي بها نعبر برية هذا العالم ونقاوم فظاعة مساكنة الوحوش والذئاب؛ ونحن محاطين بقوة خدمة ملائكتك وبوعدك لنا بأن الشيطان يسقط مثل البرق... إنه يقف ضدًا لنا في تحدٍّ... يجول ويزأر كي يبتلعنا منذ يوم معموديتنا وهو يحاربنا ويهدد وجودنا؛ إذ أن باب التجربة سيستمر مفتوحًا على طول المدى؛ حتى وإن تركنا إلى حين؛ لكنك أعطيت النصرة كميراث وكحق لكل من يجاهد على قدر طاقته ضد هذا المعاند والمشتكي. بإسمك ننتهر هذا المعتنف والقتَّال للناس حتى لا نسقط وحتى لا يشتكي هو علينا؛ معلنين أننا لسنا من خواصه وأنه ليس له فينا نصيب. متمسكين برجائنا فيك؛ حتى لا نيأس من مجاذباته. متذكرين أننا وُلدنا منك؛ وأنك أنت قد أدنت الخطية في الجسد؛ فلن تسود علينا.

فلنلتقط أسلحتك يا رب؛ حافظين أسفارك لنحيا بكل كلمة تخرج من فمك؛ ونُشهر كلمتك في وجه الشيطان الذي يخدعنا بكلمات مكتوبة؛ لكنها معسولة؛ كدافع للتجربة. أنت من سمائك ترعى أعوازنا؛ وتهب لنا منَّك السماوي... فشتّان بين تدبيرك وبين حيل الشرير الجهنمية... إنك لن تطرحنا إلى أسفل ولن تدعنا نسقط أو نرتد إلى خلف؛ لأنك تحملنا على الأذرع الأبدية... فكل شيء قد دُفع لك؛ وأنت تعطيه لمن تريد؛ تعطيه لكل من لا يخر ولا يسجد لإبليس ولا لمجد ممالك عالمه الدنيوي الفاني؛ تلك التي يملك فيها على رقاب العباد بالغش والخداع والظلم وإزهاق الأرواح.

إننا نتمسك بنصرتك يا مسيحنا ونسلمك مشيئتنا في ساعات الظلمة؛ لنغلب بك أعوان الشيطان (اذهب يا شيطان) فلك وحدك نسجد وإياك وحدك نعبد... في جبالك تقود نصرتنا وأمجادنا من جبل التجربة إلى جبل التجلي إلى جبل الجلجثة ونحن تحت مشيئتك؛ إذ أنك تعطينا مع كل تجربة المنفذ؛ فلا نتجرب فوق ما نستطيع؛ لكن بك ننجو من الشرير.

بصومك تعضدنا ضد مجاذبات الشهوة؛ وتعلمنا كيف نظفر بالشيطان. بصومك تردنا دفعة أخرى إلى الفردوس الذي منه طُردنا بسبب عصيان آدم الأول. علمتنا أن لا نسقط في الحفرة؛ ولا نبتلع الطُعم؛ لكن نعبر من البرية إلى الفردوس؛ وننظر إلى طريقك لنسلكها. بصومك أربعين يومًا؛ وبهذا الرقم السري؛ فتحت لنا طريق الدخول بمجد إنجيلك؛ لأنك في صومك لم تجُع إلى خبز الجسد؛ بل إلى خلاصنا... عدونا المحتال ظن أنه سيجربك ويظفر بك... فبدأ بما سبق وغلب به آدم من قبل؛ لكنك ظفرت به لأجلنا كي نتغذى بكلمتك الحية بدلاً من خبز الأرض؛ ولكي ننشغل بالخبز الجوهري غير المنظور الذي يثبِّت قلوب البشر (مز ١٠٤ : ١٥).

فنحن لا نحيا بالخبز وحده؛ بل كلمتك الآتية من عندك هي قُوت وقوام نفوسنا. وصومك يعلمنا أنه لا بد أن ننقاد بالروح حتى تصير لنا الغلبة ونبتعد عن المجد الفارغ والافتخار وشهوة الأعمال الخارقة والتزويق لئلا ننحدر إلى أسفل في الهاوية. فعدونا لا يقدر أن يؤذي إلا ذاك الذي يلقي بذاته إلى أسفل؛ فمن يترك عنه السماء ليختار الدنيا تتدنى حياته؛ ويسقط في الهُوَّة وقبض الريح؛ لأن هذا العالم وممالكه التي نراها في لحظة من الزمان هي أيضًا ستفنىَ وتنحل في لحظة؛ إنه عالم بائد وفانٍ؛ وهو من الهزالة والزوال؛ بحيث أنه يمضي قبل أن يأتي؛ لأنه سراب ولم يخرج منه أحد بشيء.

لقد قبلت بإرادتك أن تُجرَّب من الشيطان لتحولنا إلى شخصك؛ ففيك نُجرَّب؛ لأنك أخذت جسدنا وموتنا لتعطينا حياتك وخلاصك... منا أخذتَ الإدانة والتجربة وأعطيتنا البر والغلبة؛ وإن كنا نتجرَّب فيك؛ ففيك أيضًا الغلبة على الوحوش الرابضة في أعماقنا؛ وعلى الوحوش الرابضة من حولنا؛ لأننا لن نفوز بالإكليل إلا إذا غلبنا؛ ولا يمكن أن نغلب إلا إذا جاهدنا؛ ولا يمكن أن نجاهد إلا بنعمتك غير المغلوبة... فالمجد لك يا محب البشر؛ يا من أبطلت قوة العدو وحيله وحججه؛ وفضحت المجرِّب؛ وعلمتنا المسلك.

لكل نهاية بداية

في نهاية كل عام وقبل أن نودعه لنستقبل الجديد ( 2015 )، لنا وقفة قصيرة مع قراء هذه السطور المتواضعة الكرام، نذكرهم بأن الأعوام تمضي وهي مثقلة ومحملة بكل ما مرّ عليها من أشخاص كانوا فيها ورحلوا عنها قبل أن تنتهي وأستقبلت آخرين سيعطون للحياة رونقها بأسلوبهم الخاص، وأحداث برزت وتركت بصمتها وفعلتها باختلافها! هي حياة ماضية وهي أعوام تتسابق لكي ترحل بما أخذت وأعطت بنسب متفاوتة، تاركة الإنسان في الدنيا يستقي من كل شيءٍ وليس لهُ غير أن يتقبل ويقبل بما كتب له وقُسم.كل الأشياء في الحياة بصورة عامة تبتدئ وتنتهي وهي تاركة فيما بينها فسحة كبيرة شاهدة على كل ما مرّ عليها وبقي فيها! ومثلما لكل حياة بداية ونهاية، ولكل زهرة ظهور وذبول، فأن لكل قصة إنسان يكون بطلها، يؤدي أدوارها ويمارس أحداثها ويخرج بنتيجة منها. لذا يطيب لنا في كل عام وقبل أن تقترب نهايته، أن تكون لنا وقفة على إطلاله، فيها من التأمل الكثير والكثير بما تحتويه. لنا وقفة على عتبات نهاية عام لكي نودعه ونتذكر معه كل ما كان فيه ومن كان، لأخذ العبرة والعظة للقادم ولتقويم ما يحتاج إلى إصلاح.كثير من الناس يعملون حساب لكل ما في الحياة وهذا الصائب ولكن ليس المبالغة فيه! كثيرون يخافون مما ليس له أساس في الواقع أو بالأحرى الغير موجود! يصنعون أسبابه ويعيشون نتائجه … أنهم يستهلكون أنفسهم ويميتون أرواحهم في سبيل إرضاء ما يخطر على المخيلة والقادم من تخمينات موجودة فقط في جعبة من يريد أن تكون حياته مجرد صورة باهتة. الحياة نعم لا تخلو ولكن لا يجوز أن نتعامل معها بأسلوب أن لم نغلبها غلبتنا وأدمتنا! لا يجوز عيش التباين الموجود بين مختلف فئات البشر ولكن بالمستطاع عيش التقارب إلى أقصى حدّ ممكن من أجل حياة بسيطة وفيها معنى أجمل.الحياة ليست بتلك القوة والقساوة ولكن الإنسان حينما يقسى على نفسه يجعلها قاسية وصعبة المزاج والمراس، ومن ثم يراها وكأنها طوفان وأصابه! يعاملها بمزاجية متقلبة ويعاندها ويخاصمها ويعيش التحرر الأعمى منها، بمعنى يريد منها ما ليس منها، بل ما هو صانع فيها حينما يعيش الرغبات والتقلبات!ونعلم بأن الحياة فيها الكثير وهذا بدوره يحمل الأكثر والذي بنفس الوقت يحمل السلبي والإيجابي من الإنسان ذاته، لكن هي لم تخلق بصورة مشوهة وقبيحة ولكن فعل الإنسان بأختلافه هو من يجعل الحياة تبدو كذلك في عين كل قاطنها. هو من يخلق المشكلة وهو من بيده من يجعلها لا تكون، حينما يقلص من حجمها ولا يجعلها تأخذ مداها في حياته وتؤثر على من يحيطه. الحياة باقية وتنتظر من الإنسان الكثير لكي يبقيها بنفس درجة نقائها وجمالها التي خلقت منه، عليه أن يحافظ على روحيتها لكي تبقى نابضة ويشعر هو بطعمها وبقيمتها وبقيمته ودوره المكمل لها.كل شيء في هذا الكون له حقه وبعده ويجب أن نحافظ عليه. هنالك شيءٍ اسمه تكامل وتجديد لابد من تطبيقهما وليس فقط ترديدهما! تجديد للحياة من خلال تجديد الذات ومحاولة صقلها قدر المستطاع بدون انقسام وإزدواجية وفرض وتفضيل. كما للإنسان روحًا كذلك للحياة روحًا لا تحيا بدونه، وهذه هي رسالتنا نحن البشر في الحياة، أن نحافظ على روح الحياة ونتجاوز كل ما يبقي ذواتنا تحتار في زحمتها. حينما نعطي لكل شيء بساطته حتى وإن كان فيه صعوبة، فإننا بهذا نعطيه الفرصة في النصر عليه وجعله يكون في قبضة اليد فينفعنا ويفيدنا. ففي الإنسان قوة جبارة في تخطي كل ما يعترضه ولكن غالبا لا يعرف كيف يستغلها أو كيف يخرجها من أعماقه.  دائما أقول أن للحياة لحنًا رقيقًا ليس كل أذنًا تعرف أن تميزه … أليس كذلك؟! أحيانا كثيرة يدرك الإنسان كم هو بحاجة إلى أن يستمع لصوت الحياة ويعيش لحظات مع ذاته ويستمع لها بعيدًا عن ضجيجها وعن كل ما هو شارد فيها. وجميعنا مطلوب منا أن نفهم أنفسنا لكي نحبها ونفهم الحياة ونحبها في كل وقتًا.أكتب لحياتك قصة جميلة فيها لحنًا فريد خارجًا من أعماقها وله صداه. أجعل نفسك لا تُصارع أي رغبات أو أفكار شريرة بل حاول دوما أن تعيش الاشتياق لها لكي تكون أقرب منها وتحاول أن تكون فيها. حاول أن تتواصل معها لتذوق السلام الداخلي وتعيش الأمان. وكن على يقين بأن كل يوم لهُ تدبيره وكل ساعة لها دقائقها ولحظاتها. أشعر بروعة الحياة وفكر بعمق ذاتك، فهي من تجعلك إنسانًا يعرف ويحس بقدره.  

ورشة عمل "الخلية الوطنية الخاصة بالعمّال المهاجرين ومكافحة الإتجار بالبشر" برعاية قزي

أقامت رابطة كاريتاس لبنان- مركز الأجانب بالتعاون مع مؤسسة Konrad Adenauer Stiftung  وبرعاية وزير العمل سجعان القزي وفي حضوره، ورشة عمل بعنوان “الخلية الوطنية الخاصة بالعمّال المهاجرين ومكافحة الإتجار بالبشر” في فندق بادوفا – سن الفيل.