تابع الأب الأقدس يقول إن الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني، وعشية الألفية الثالثة كتب في رسالته الرسولية "نحو ألفية جديدة": "أشعر أكثر من أي وقت مضى بواجب إعلان المجمع كنعمة عظمى أفادت منها الكنيسة في القرن العشرين: فهو يقدّم لنا بوصلة أمينة توجّهنا على طريق القرن الحادي والعشرين" (عدد 57). وأضاف البابا بندكتس السادس عشر يقول إنها لصورة معبرة جدا فوثائق المجمع الفاتيكاني الثاني هي أيضا لزمننا هذا بوصلة تسمح لسفينة الكنيسة أن تتابع مسيرتها في عرض البحر وسط العواصف أوالأمواج الهادئة لتصل بأمان إلى الهدف.
تابع الحبر الأعظم يقول إن هناك مجامع عديدة في تاريخ الكنيسة سبقت المجمع الفاتيكاني الثاني. وقد عقدت هذه المجامع الكنسية لتحديد عناصر أساسية في الإيمان. فمجمع نيقيا عام 325 أكد ألوهية يسوع ابن الله الآب، ومجمع أفسس عام 431 أعلن مريم أم الله، ومجمع خلقيدونيا أكّد أن للمسيح طبيعتين إلهية وإنسانية.
أما إذا نظرنا إلى المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، تابع البابا يقول، نجد أنه في تلك الفترة من مسيرة الكنيسة لم تكن هناك مسائل عقائدية محددة أو تعاليم للتوضيح، لذا كان السؤال الأول الذي طُرح في تحضير هذا الحدث الكبير كيف نبدأه، وما هي مهمته؟
منذ خمسين عاما وفي كلمة الافتتاح في الحادي عشر من تشرين الأول أعطى الطوباوي البابا يوحنا الثالث والعشرون توجيها عاما: على الإيمان أن يتكلم بطريقة "متجددة" محافظا على مضامينه.
تابع الحبر الأعظم تعليمه الأسبوعي بالقول نحن نرى أن زمننا لا يزال مطبوعا بنسيان الله وبعدم الإصغاء له. لذا علينا أن نتعلم الدرس البسيط والأساسي من المجمع أي أن المسيحية وفي جوهرها تكمن في الإيمان بالله، الحب الثالوثي، وباللقاء الشخصي والجماعي مع يسوع الذي يوجه حياتنا ويرشدها. وأضاف يذكرنا المجمع بأن الكنيسة بجميع مكوناتها تحمل مهمة نقل كلمة حب الله الذي يخلص لكي نسمع ونقبل تلك الدعوة الإلهية التي تحمل لنا في ذاتها الفرح الأبدي.
وبالنظر إلى غنى محتويات وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني أود أن أعدد الدساتير الأربعة، النقاط الأربع الأساسية للبوصلة القادرة على توجيهنا: فالدستور في الليتورجية المقدسة يدلنا على مركزية سرّ حضور المسيح في أساس الكنيسة، وأن المهمة الأساسية للكنيسة هي تمجيد الله كما يعلمنا الدستور العقائدي في الكنيسة "نور الأمم". الوثيقة الثالثة هي الدستور العقائدي في الوحي الإلهي "كلمة الله": فكلمة الله الحي يدعو الكنيسة وينعشها في مسيرتها في التاريخ. والطريقة التي تحمل فيها الكنيسة للعالم أجمع النور الذي نالته من الله لكي يتمجد هو الموضوع الأساسي للدستور الرعوي في الكنيسة وعالم اليوم "فرح ورجاء".
وختم البابا بندكتس السادس عشر تعليمه الأسبوعي بالقول إن المجمع الفاتيكاني الثاني دعوة قوية لنا لنكتشف كل يوم جمال إيماننا ونعرفه بشكل أعمق من أجل علاقة أقوى مع الرب ولعيش دعوتنا المسيحية بعمقها. فلتساعدنا العذراء مريم، أم المسيح والكنيسة، لتحقيق وإتمام ما حمله آباء السينودس في قلوبهم ينعشهم الروح القدس: الرغبة بأن يتعرف الجميع على الإنجيل ويلتقوا بالرب يسوع الطريق والحق والحياة.