أقول لكم أين هم: أمام بازيليك القديس بطرس حيث يقمن بتدنيس الصليب أو بسرقة الطفل يسوع من المغارة.
هم على شبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يقومون ظنًا منهم أنهم يدافعون عن الحقوق من خلال الـ "اللايك".
قلة هم الذين يتضامنون مع الفتيات التي خطفهن الإرهاب لدعارة من يسمون أنفسهم "مجاهدين". قلة هم الذين فتحوا أفواههم لاستنكار الإرهاب الذي تم في لبنان.
قلة هم الذين استنكروا القتل الوحشي لما يقارب ألفي نيجيري على يد بوكو حرام.
أيها المدافعون المرائيون عن الحرية. ها إن لبنان على باب الخراب يحيط به الإرهاب من كل صوب. لبنان الذي هو آخر معاقل الديمقراطية والوجود المسيحي "الدستوري" في الشرق الأوسط. لبنان الذي هو أكثر من بلد، هو رسالة كما كتب البابا يوحنا بولس الثاني.
إن التواطؤ مع الشر قد يأخذ وجوهًا عدة. أحد هذه الوجوه هو الموافقة على الشر المجاني، شر تدنيس مقدسات الآخرين باسم الحرية. ولكن هناك شر أكثر خطورة، هو شر الصمت المتواطئ. لأن "الشيء الوحيد الضروري لكي ينتصر الشر هو ألا يفعل الأخيار شيئًا".
زار وفد كنسي رفيع المستوى، ضمّ كل من الكاردينال فيرناندو فيلوني، المبعوث الخاص لقداسة بابا الفاتيكان، والوفد المرافق له، والبطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، والمطران مار باسيليوس جرجس القس موسى، الوكيل البطريركي للسريان الكاثوليك، والمطران مار بشار وردة راعي ايبارشية أربيل الكلدانية، وعدد من الأساقفة، مساء أمس، عدد من نازحي أبناء شعبنا في مدينة عنكاوا.
وألقى البطريرك ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، كلمة شدّد فيها على أمله في تواجد القوّات الدولية في مناطق شعبنا التاريخية في منطقة سهل نينوى.
وخيّر البطريرك أبناء شعبنا بين البقاء بأرض الآباء والأجداد أو الهجرة، رافضاً أن تقوم الكنيسة تبنّي الهجرة الجماعية لهم.
كما نقل الكاردينال أمنيات وصلوات البابا للنازحين المسيحيين في العراق، بانفراج الأزمة.
وصل الكاردينال فرناندو فيلوني الممثّل الخاصّ للبابا فرنسيس بمهمّة إلى الإربيل في العراق حيث يقطن أكثر من ١٦٠ ألف لاجئ عراقي مسيحي وأقليّات أخرى هربوا من الموصل وكراكوش بعد اعتداءات جهاديّي الدولة الإسلاميّة عليهم.
إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوربي والجامعة العربية
لقد ألقت مأساةُ مسيحي الموصل، وبلداتِ سهل نينوى بظلالها على أبناء شعبنا بشكل غير مسبوق. وبمثابة أي زلزال أرضي يسترعي انتباه العالم لنجدة عدة آلاف، فإننا في هذا النداء، نرى من واجبنا الاخلاقي أن نخاطب الضمير العالمي، بأن نحو مائة ألف شخص كانوا ضحيّة الزلزال البشري للهجمة الارهابيّة، فهجرت عشرات الآلاف من 13 بلدة من سهل نينوى، وتبعثروا في مدن وقرى عديدة، ويعيش الكثير منهم في وضع تعيس في الاماكن العامة في مدن اقليم كوردستان. كل هذا حدث منذ سبعة أيام من دون أن تظهر في الافق بوادر نجدة فاعلة.
امام ضخامة الحدث وخطورته، نرى من مسؤوليتنا الروحيّة والانسانية أن البيئة غير مؤهلة، والمعاناة تتعاظم. وإذ نلمس أن الجهد الأممي لإنقاذ هذه العائلات شبه غائب، فإننا نلفت انتباه الأسرة الدولية، إلى عدم امكانية التعويل حاليا على الحكومة المركزية. فلا بدّ أن المراقبين انتبهوا إلى نوع الحراك السياسي المتواضع منذ العدوان على الموصل قبل شهرين ونيف، وما يستغرقه من وقت مهدور المخاض العسير في تشكيل الحكومة المركزية، وحتى يشتد عودها تحتاج الى وقت آخر لاستعادة هيبتها وفرض النظام والامن على عموم البلد.
ولا نخفيكم أننا لم نأل جهداً، في مناشدة السياسيين والمراجع الدينية، وبرغم التعاطف الأخوي، نبقى نواجه هذا العجز المحبط أمام تفاقم الظروف التي تعيشها هذه العائلات. فبعد أن أقر الجميع بخطورة الإرهاب عالميًا، ننادي الولايات المتحدة الامريكية التي لا ينكر العالم نفوذها ويرى تحمـّلها الجزء الكبير من مسؤولية هذا الفراغ، ونحضّ الاتحاد الأوربي في مواقفه المتزايدة، وننتخي فروسية المواقف لدى زعماء الجامعة العربية، للتكاتف ضدّ شبح الإرهاب، والتحرك السريع لتحرير بلدات سهل نينوى من المقاتلين الجهاديين لتتمكن هذه العائلات من العودة الى بيوتها واستعادة ممتلكاتها والمحافظة على خصوصيتها الدينية والثقافية والتراثية من خلال تأمين حماية دوليّة فاعلة لحين استقرار المنطقة وتتمكن الحكومتان المركزية وحكومة اقليم كوردستان من فرض القانون. ويؤلمني ان اقول ليفتح باب الهجرة لمن يشاء، وما لم يتغير هذا الواقع، فإننا جميعا أمام وقوع مأساة ابادة بطيئة لمكّون أصيل بكامله وخسارة بلداتنا وتاريخنا وارثنا الثقافي!
ملاحظة: هذه الرسالة تمت باتفاق اساقفة الموصل.