تشح فينا الحياة الإلهية و لا نتنبه! 
نعرف طريق البيت الأبوي و لا نرجع أو نبقى خارجاً نأبى الدخول... 
نغرق في كبرياء و ندع الظلمة البرّانية تخمد نور حياتنا... و لا ننتفض!
نحن غالباً ما نكون بارعين في تقييم أوضاعنا المالية و العملية و لكننا لا نقوم ب "جردة حساب" لحياتنا الروحية !
و فيما يغرق عالمنا اليوم بثقافة "الأنا" مركز الكون و القوة... ها هو زمن الصوم يستمر بالتقدم:

فلنخلع قناع الكبرياء الفريسي، ونلقي جانباً الوهم أننا "نعرف" الكلمة بما فيه الكفاية و أنه لا نقص ينغّص علينا الأمر.... و هلمّ كمريم نستلقط الوقت متنبهين، و لا نهاب تسليط الضوء على ما ينقصنا بغية و ضعه أمام الرب كما في عرس قانا ذاك....و لنعش الصوم مناسبة لخروج من منطق النرسيسية و تأليه الذات و الرغبات خصوصاً تلك التي تأتي تحت قناع الثقة بالذات!!ففي جوع صومنا و تعبه إدراك لمحدودية قوتنا الذاتية...

ماذا إذاً؟؟؟ هل هنا دعوة الى إعدام الثقة بالذات؟؟؟ قطعاً لا!!! إنما هي دعوة لتعزيز هذه الثقة تحت أنظار الله. ندرك، كمريم في عرس قانا، حقيقة و ضعنا و ضعفنا و نثق أن في المسيح كمال قوتنا و فرحنا.

الصوم صلاة جسد يتوق الى غذاء الروح التي به تبث الحياة، ليفتح القلب على توبة حقيقية قائمة على التواضع و التمييز على أنوار الرب.

يتحدث شارلز بيغي عن ظاهرة " التبلل": يقول أنه لا يمكن تبليل قماش صُنع كتيمًا، فهو لا يتأثّر بالمياه مهما بلغت كميتها. القضيّة إذًا ليست قضيّة مقدار، بل قضيّة تماس واتصال، أي إمَّا أن يحصل اختراق في نقطة تماس أو لا يحصل.... والذين يدّعون إنّهم خالون من النواقص و الجروح، لا "يتبللون" بالنعمة!!!

اليوم ، فلندع الروح الفرّيسية جانباً...
اليوم، فلنضع نواقصنا أمام الرب...
اليوم ، فلنسقط درعًا يمنع نفاذ النعمة...

بين صبر أيوب وحب يسوع

كانت الحياة تبدو سهلة أمام أيوب حتى قَبِل الله تحدي الشيطان المدّعي أن عبادة “البار” لله أنانية و من أجل المنفعة … فأراد الرب أن يخزي إدعاء المشتكي على أيوب، و يثبت بأيوب نفسه أن علاقة هذا الأخير به تتخطى مجرد البحث عن يدي الله: عن هباته، معجزاته، وعطاياه…فالربّ المعطاء الكريم يمتّع بالبركة من يدخل معه بالشركة؛ ولكن العلاقة الجدية به تتخطى السعي وراء العطيّة و تبحث عن المُعطي!!!